رفضت الأحزاب والجماعات الاسلامية ما اعلنه د. علي السلمي نائب رئيس الوزراء للتنمية السياسية عن وضع وثيقة مبادئ فوق دستورية للتأكيد علي مدنية الدولة، واكدوا ان الاسلام يدعو للدولة المدنية ويرفض الدولة العلمانية، وشددوا علي ضرورة عدم الالتفاف علي الارادة الشعبية التي وضعت خارطة طريق المستقبل عقب الاستفتاء الذي اجري في مارس الماضي. في الوقت نفسه رفضت التيارات الدينية الدعوة لمليونية الدولة المدنية التي دعا لها بعض الحركات الليبرالية وبعض الطرق الصوفية مشددين علي ضرورة عدم تحول الخلاف السياسي بين الاحزاب الي صراع أيديولوجي يقوم علي اساس ديني. وأكد د. عصام العريان نائب رئيس حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الاخوان المسلمين ان رأي الحزب فيما اعلنه د. علي السلمي نائب رئيس الوزراء للشئون السياسية فيما يخص اعلان المبادئ الدستورية مرهون برأي احزاب التحالف الديمقراطي، والتي كان د. السلمي جزءا منه مشيرا الي انه لا يوجد شيء يلزم الجمعية التأسيسية للدستور في وضع الدستور الجديد الا ضميرها ولا تقبل أي إملاءات أو شروط من أحد. واضاف العريان ان المبادئ فوق الدستورية او المبادئ الحاكمة لوضع الدستور هي اهدار لإرادة الشعب والتفاف علي نتيجة الاستفتاء موضحا ان حزب الحرية والعدالة ملتزم بشكل كامل بوثيقة المبادئ الدستورية التي اصدرها التحالف الديمقراطي وانها ستحصل علي الاغلبية المطلقة لكونها شاملة لاهم النقاط التي تضمن دستورا قويا وخروجا عاجلا من المرحلة الراهنة. وأكد حزب الحرية والعدالة أن المظاهرات هي وسيلة من وسائل التعبير عن الرأي، وهي حق مكفول للجميع. شريطة أن تتوجه الجهود إلي البناء، ولا تقتصر فقط علي المظاهرات مشيرا الي أن الخلاف السياسي مكانه داخل العملية السياسية، حيث تحسمه صناديق الاقتراع، وأن الخروج إلي الشارع لحسم الخلافات السياسية، ليس هو الممارسة الديمقراطية التي نتمني ترسيخها. واشار الحزب في بيان اصدره أمس عقب اعلانه عدم المشاركة في مليونية الجمعة القادمة »في حب مصر« انه لا خصومة بين الحزب وبين أي قوي سياسية أو مجتمعية، بما في ذلك الطرق الصوفية. داعيا الي حل الخلافات التي تنشأ بين القوي الإسلامية، من خلال الحوار والتفاهم، خاصة ما يثار من خلافات بين التيار السلفي والطرق الصوفية لأن التوافق بين القوي الإسلامية ضروري، كجزء من التوافق الوطني العام، الذي نبغي تأسيسه في المجتمع المصري، حتي يصبح مجتمعا قويا وقادرا علي بناء دولة الحرية والعدل. ودعا الحزب لترشيد الخطاب السياسي من كل الأطراف، حتي يكون هذا الخطاب له دور فاعل في تأسيس وتعميق التوافق الوطني، بما يسمح لكل طرف بإعلان تصوراته ورؤيته، دون إقصاء لأحد. من جانبه اكد د. محمد بديع المرشد العام لجماعة الاخوان المسلمين في رسالته الاسبوعية انه طالع بعض الاخبار حول عن صرف نظر الصوفيين عن المظاهرة المليونية التي دعوا اليها مؤخرا وقد اشاد بديع بقرار الصوفيين معتبرا ان هذا قرار حكيم يساعد علي اعادة اللحمة بين القوي الوطنية والسياسية والدينية في مصر الأمر الذي يقضي علي الاستقطاب الذي يسعي اليه الكارهون للثورة والراغبون في اجهاضها. واكد الدكتور محمد يسري سلامة، المتحدث باسم حزب النور السلفي ، عن قلق الحزب إزاء تصريحات الدكتور علي السلمي نائب رئيس الوزراء، التي كشف فيها عن نية المجلس إصدار وثيقة مبادئ فوق دستورية، تقوم بصياغتها لجنة تابعة لمجلس الوزراء، لتصدر قبل الانتخابات القادمة في إعلان دستوري. واضاف أن قلق الحزب لا يتوجه إلي ما قد تتضمنه مثل هذه الوثيقة بقدر ما يتوجه إلي المنطق الذي يقف وراء هذه التصريحات، والذي يحوي في جوهره عدم التفات إلي إرادة أغلبية الناخبين في اختيار المسار الذي تحدد وفق استفتاء 19 مارس، الذي يقضي بأن يتم إعداد الدستور بكل مبادئه وتفصيلاته بواسطة جمعية تأسيسية مشكلةٍ من أعضاء البرلمان المنتخب القادم، وليس بواسطة لجنة غير مخولة بمثل هذه المهمة، ومن دون أن يستفتي الشعب علي هذه المبادئ. واشار سلامة الي أن المبرر الذي قدمه نائب رئيس الوزراء لمثل هذا الإجراء، وهو ضمان عدم سيطرة فصيل علي شكل الدستور المقبل، يعد سببا غير مقبول، لأنه ليس في نية أحدٍ ولا في تصوره ولا في قدرته الاستئثار والانفراد بكتابة دستور للبلاد بأسلوب غير توافقي. وشدد المتحدث باسم حزب النور علي ان هذا الإجراء لو تم فسيكون كفيلا بأن يفقد الثقة في جدية العملية الديمقراطية في البلاد ونزاهتها وحيادتها، مما يعد التفافًا صريحًا علي المبادئ التي قامت ثورة 25 يناير من أجل إرسائها. وسيعطي دلالة واضحة علي أن النظام السابق لم يسقط بشكل كامل، وإنما تمت الإطاحة برأسه من أجل استمراره وبقائه، وبالأساليب نفسها التي كانت متبعةً في العهد البائد، خاصة مع التغاضي التام عن إصدار قانون العزل السياسي، الذي يمنع رموز النظام السابق وأركانه من ممارسة العمل السياسي وخوض الانتخابات المقبلة، مما يطرح تساؤلات عديدة بشأن نتائجها والهدف منها. وقال د. يسري سلامة إن الخلاف بين القوي السياسية في الوقت الراهن لا ينبغي له أن يكون عاملاً مساعدا في إجهاض الثورة وتبديدها، من خلال تأييد قرارات فوقية لمجرد تماشيها مع أفكار أي حزب من الأحزاب وأيديولوجيته، لأن هذا النهج في اتخاذ القرارات عبر شرعية الأمر الواقع لن يكون في مصلحة أحد، ولن يستثني أحدًا في نهاية الأمر. ومن جانبه اكد طارق الملط المتحدث باسم حزب الوسط ان الحزب ضد وضع مبادئ فوق دستورية لأنه لا يوجد شيء اكبر من الدستور، كما ان هناك خارطة طريق تم الاتفاق عليها لتسيير المرحلة الانتقالية وفق نتيجة الاستفتاء بحيث يختار اعضاء مجلس الشعب القادم الجمعية التأسيسية التي ستضع الدستور الجديد ولا يجوز الزمها بشيء حتي لا نلتف الارادة الشعبية. واشار الملط الي ان حزب الوسط من اوائل الاحزاب التي نادت بوضع مبادئ اساسية دستورية لتكون بمثابة وثيقة استرشاديه ولا تكون لها صفة الالزام ولا تجور علي حق الجمعية التأسيسية مشددا علي ضرورة وضع معايير لاختيار هذه الجمعية حتي لا يسيطر عليها فصيل معين وتكون ممثلة لكل طوائف المجتمع. وحول الدعوة لإقامة مليونية الجمعة القادمة للدفاع عن الدولة المدنية اكد المتحدث باسم حزب الوسط انهم حاولوا نزع فتيل الازمة حيث قام عصام سلطان نائب رئيس الحزب بالاجتماع مع د. علاء ابو العزايم شيخ الطريقة العزمية ومجموعة من مشايخ الطرق الصوفية حتي يقنعهم بعدم المشاركة في هذه المليونية خاصة ان الصوفيين تيارات وطنية ولا ترغب في احداث انشقاق في وحدة الصف الوطني. وشدد الملط علي ضرورة الا يتحول الخلاف المجتمعي صراع إيديولوجي بحيث لا يحق لأي من القوي السياسية ان تحشد علي اساس ديني وهو سلوك غريب يتنافي مع رؤية الدولة المدنية .. كما انه يجب التصدي لحالات الاستقطاب في المجتمع . من جانبه وصف د. صفوت عبد الغني القيادي بالجماعة الاسلامية المليونية القادمة بمليونية العجز والفشل وجمعة اللاهدف خاصة ان الليبراليين الداعيين للدولة العلمانية أحسوا بالفشل عقب جمعة 29 يوليو الماضية مشيرا الي ان الاسلام ينادي بالدولة المدنية. واكد عبد الغني ان حالة الارتباك التي انتابت الليبراليين دفعته للاتفاق مع تيار ديني المتمثل في احد فصائل الصوفيين وعلي الرغم من انتقادهم لنا بالادعاء باننا نوظف الدين في السياسة الا انهم هم الذين يوظفون الدين مشيرا الي انهم كانوا سيكسبون الاحترام لو كانوا نزلوا وحدهم الي الشارع حتي يثبتوا قوتهم لذلك فإن الدعوة لهذه المليونية هو دليل عجز وفشل. واشار القيادي بالجماعة الاسلامية الي ان الصوفية اتجاه ديني يصب في اتجاه المرجعية الاسلامية ولا يمكن لاحد ان الصوفيين انصار الدولة العلمانية ولكن العلمانيين يتسترون خلف الصوفية بل انهم يعتمدون علي تيار واحد وضعيف من الصوفية يتمثل في د. علاء ابو العزايم. وقال د. صفوت عبدالغني ان ما يشغله الان هو خروج د. عصام شرف رئيس الوزراء ود. علي السلمي نائب رئيس الوزراء عن السياق والخط ويصدران نيتهما اصدار وثيقة تخالف كل اعراف الديمقراطية حيث لا يصح لاحد ان يفرض رأيه علي الارادة الشعبية كما لا يجوز لفصيل معين او أحداً من الحكومة ان ينفرد بوضع مبادئ فوق دستورية. واوضح القيادي بالجماعة الاسلامية ان كل المبادئ فوق الدستورية متفق عليها ماعدا محاولات فرض العلمانية لأننا لسنا معترضين علي الدولة المدنية ولكن ضد ان تستغل الدعوة لها كتفسير خلفي للدولة العلمانية.