يحتل الجدل حول مشروع الدستور صدارة الاهتمام بين السياسيين والقانونيين وكل فئات المجتمع. وانبري الجميع في تقديم رؤيتهم التي تتضمن النقد الشديد لمواده. وانتهي البعض الاخر الي انه لا يصلح للاستفاء عليه نظرا للعيوب الجسيمة الشكلية والموضوعية والجوهرية التي اصابته بدءاً من تشكيل جمعيته التأسيسية وانتهاء بالتصويت عليه وتسليمه لرئيس الجمهورية. وكان من أبرز المعارضين لمسودة مشروع الدستور الدكتور إبراهيم درويش. الفقيه الدستوري. الذي وصف مسودة المشروع النهائي للدستور بانها باطلة وضد صالح مصر. مؤكدا أن الجمعية التأسيسية من أساسها خاطئة. حيث شاب تشكيلها العوار من البداية. لأنهم وضعوا مشروع قانون بتشكيلها قبل حل البرلمان بساعات قليلة وأقره رئيس الجمهورية بعد بدء عمل الجمعية بشهر. فهي من الأساس لم تكمل إجراءات مشروع قانونها. وقال ان كل مواد الدستور باطلة وفاسدة وخلافية. مبينا ان الدساتير تقر الحريات والحقوق العامة. وتوازن بين السلطات الثلاث. وغيرها من النقاط الرئيسية التي توضح أهمية الدستور. ليكون العقد الاجتماعي بين الدولة والشعب. والمشكلة ان التأسيسية انتجت حشوا مكانه القوانين الخاصة. ويؤكد أن مشروع الدستور منح الرئيس حق حل مجلس الشعب. ووضع في يده سلطات مطلقة فرعونية. لم يتزود بها حاكم مصري طوال التاريخ. موضحا ان المسودة النهائية للدستور تتضمن مادة العزل السياسي. وهذه المادة منذ أن صدرت في قانون مباشرة الحقوق السياسية الصادر في 1956 لا يمكن تطبيقها إلا بحكم قضائي. وفي ظل تحصين قرارات الرئيس في الإعدام الدستوري نكون أمام كارثة منع المواطن من اللجوء للقضاء. وأوضح ان قطاعاً عريضاً جدا من الشعب المصري لا يقبل هذا الدستور. مشيرا الي أن الإخوان وحواريوهم فقط الذين يساندون مشروعه. والطريقة التي اعد بها مهينة لمصر داخليا وإقليميا وعالميا. وأشار الي أن الجمعية صنعت دستورا وفق أجندتها الخاصة. معتبا انها لم تعمل لصالح مصر. لانها وضعت مواد تفجر الفرقة ويؤسس لنظام فاشي ملغم وبأساليب نازية. ليس فيه نص واحد يمكن قبوله وما يحدث تضليل للرأي العام. وأسلوب الموافقة عليه تم بطريقة لم يعرفها أي نظام ديكتاتوري في العالم. غياب روح الثورة ورفض حزب الجبهة الديمقراطية مشروع الدستور واعلن علي لسان رئيسه الدكتور أسامة الغزالي حرب. أن عملية إعداد الدستور الجديد بمعرفة الجمعية التأسيسية قد اعتراها عوار فادح تمثل في سيطرة فصيل الإسلام السياسي من أعضاء مجلسي الشعب والشوري من حزبي الحرية والعدالة والنور علي عملية صنع الدستور. وقال ان المشروع لا يعبر عن روح ثورة 25 يناير ولا يعكس أهدافها ومطالبها الأساسية في ¢عيش. حرية. عدالة اجتماعية¢. مضيفا ان ديباجة المشروع تدعي أنه وثيقة ثورة الخامس والعشرين من يناير. بينما لم يشارك في صنع هذا المشروع أي من شباب الثورة ولا ممثلي الأحزاب والقوي المجتمعية والسياسية المعبرة عن الثورة. واكد أن الدراسة المدققة لمشروع الدستور انتهت الي ان الدستور المطروح للاستفتاء به تجاوزات خطيرة منها أن رفض ما جاء بالمادة "1" من وصف جمهورية مصر العربية بأنها دولة ¢موحدة لا تقبل التجزئة¢. مبينا أن النص يثير الشك في احتمال تجزئة الوطن وانفصال أجزاء منه. ونربأ بدستور الثورة الإشارة إليه. فهذا مرفوض تصريحا أو تلميحا. ويقول اننا نرفض محاولة تسلل بدايات الدولة الدينية من خلال النص في المادة "4" علي أن ¢يؤخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف في الشئون المتعلقة بالشريعة¢. معتبرا انه يمكن الاكتفاء بما قررته المادة "2" من أن ¢مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع¢ ومسئولية السلطة التشريعية والسلطة القضائية بمراعاة ذلك الالتزام الدستوري. كذلك نرفض المادة 219 وما احتوته من تفسير لمبادئ الشريعة الإسلامية. حيث إن المادة الثانية تكفي. وحذر من خطورة وصف النظام السياسي الذي جاء بالمادة "6" من قيامه علي ¢مبادئ الديمقراطية والشوري¢. معتبرا انه يثير كثيرا من الالتباس حول مفهوم ¢الشوري¢ بين أفراد الشعب الذين سيلتزمون بالثوابت الواردة في هذا الدستور. بخاصة أن ديباجة مشروع الدستور اكتفت فقط بوصف نظام الحكم بأنه ¢نظام حكم ديمقراطي¢. كذلك فإن المادة كان يجب أن تمنع إنشاء الأحزاب السياسية علي ¢أساس ديني¢. ولفت الي ان المادة "7" لم تفصح عن ¢ مسئولية الدولة¢ في الحفاظ علي الأمن القومي والدفاع عن الوطن وحماية أرضه. وذكر أن المادة [8] تفادت التصريح بالتزام الدولة بتحقيق العدل والمساواة والحرية وهي من المطالب الأساسية للثورة. واكتفت المادة بعبارة ¢ تكفل الدولة تحقيق العدل والمساواة والحرية¢. وشدد علي ان المادة "10" تفتح الباب للتيارات الدينية مروجي الإسلام السياسي وجماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالتدخل في أساس المجتمع حين نصت علي أن ¢تحرص الدولة والمجتمع علي الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية. وعلي تماسكها واستقرارها. وترسيخ قيمها الأخلاقية وحمايتها¢. مشيرا الي رفض ما جاءت به المادة "14" من إقرار أي استثناء ولو بالقانون من الحد الأقصي للأجور في أجهزة الدولة. وقال اننا نرفض نص المادة 27 التي تنص علي أن ¢للعاملين نصيب في إدارة المشروعات وفي أرباحها¢. لانها جاءت من دون تخصيص أنواع المشروعات يفتح الباب لمشكلات هائلة بالنسبة لمشروعات القطاع الخاص والقطاع الاستثماري. ويجب التخصيص في هذه المادة بأنها تتعلق بالمشروعات العامة. مضيفا ان المادة "52" نصت علي حل النقابات والاتحادات والتعاونيات بحكم قضائي وليس فقط حل مجالس إداراتها وهو أمر مرفوض. ويضيف ان المادة "70" مرفوض لانها اجازت تشغيل الأطفال بعد تجاوزه سن الإلزام التعليمي. والمطلوب تحريم تشغيل الأطفال علي الإطلاق. مشدد علي رفض نص المادة [81] الذي يشترط لممارسة الحقوق والحريات الواردة في الدستور وعدم مخالفتها لمقومات الدولة والمجتمع الواردة في الباب الأول منه. ومقتضي ذلك فتح الباب لتقييد حق المواطن وحريته. بخاصة حرية الإبداع وحرية التعبير وحرية العقيدة وحرية التظاهر السلمي. في ضوء المادة 4 التي تلزم بأخذ رأي هيئة كبار العلماء بالأزهر في الشئون المتعلقة بالشريعة الإسلامية. ويري ان الإبقاء علي حصانة أعضاء البرلمان وعدم جواز اتخاذ أي إجراء جنائي ضده إلا بإذن سابق من المجلس- في غير حالةالتلبس الذي اقرته المادة "90" مرفوض. مؤكدا انه لا يمكن قبول العوار الذي أصاب تشكيل المحكمة الدستورية العليا والانتقاص من اختصاصها في الفصل في منازعات التنفيذ [المواد176. 177. 178]. ونرفض قصر عدد قضاة المحكمة علي رئيس وعشرة أعضاء يصدر بتعيينهم قرار من رئيس الجمهورية دون النص علي موافقة الجمعية العمومية للمحكمة. مما يهدر استقلال المحكمة. وبين رئيس حزب الجبهة الديمقراطية ان النص الخاص بهيئة الشرطة "المادة 199" لا يختلف كثيرا عن دستور 1971 وكأن الثورة لم تقع في 25 يناير ولم يكن للشرطة دور في محاولة قمعها. مؤكدا انه لا ميكن قبول عدم الإشارة إلي ضرورة إعادة هيكلة الشرطة وأجهزة الأمن في إطار مفهوم ثوري لإعادة ترتيب أوضاع وزارة الداخلية وأجهزتها بما يتفق وأهداف الثورة. وقال انه لا يجوز قصر النص علي اختصاص الجهاز المركزي للمحاسبات في الرقابة علي أموال الدولة. دون إشارة واضحة أن رقابة الجهاز تشمل الجمعيات وغيرها من المنظمات غير الحكومية كالنقابات والاتحادات والتعاونيات والأحزاب السياسية. معتبرا أن تجاهل النص علي تلك الجهات مقصودا به عدم إخضاع جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الدينية للرقابة. ولا تعتبر الإحالة في المادة 205 إلي القانون لتحديد الجهات الأخري الخاضعة لرقابة الجهاز كافية في هذا الخصوص. وذكر أن النص في المادة 207 علي تشكيل المجلس الاقتصادي والاجتماعي من 150 عضوا كحد أدني نصفهم علي الأقل من العمال والفلاحين لا يتفق مع الطبيعة المتخصصة للمجلس وضرورة تشكيله أساسا من خبراء في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية. وقال نحن نرفض نص المادة 216 الذي يسمح باستمرار ملكية الدولة للصحف أو وسائل الإعلام. ويجب أن يتضمن مشروع الدستور نصوصاً توضح مصير الصحف الحكومية والتليفزيون. ويؤكد أن نص المادة 231 معيب لأنه يسمح بمنافسة الأحزاب للمستقلين علي الدوائر الفردية في الانتخابات التشريعية التالية. مضيفا انه لا يمكن قبول انص الوارد في المادة 236 من إبقاء ما ترتب علي الإعلانات الدستورية الصادرة منذ 11 فبراير 2011 من آثار نافذا. لأن معناه تثبيت كل ما أثاره الإعلان الدستوري الصادر من الدكتور مرسي في 21 نوفمبر 2012 والذي ثارت ضده القوي الوطنية. عيوب شكلية وموضوعية وانتقد عصام الإسلامبولي. المحامي والفقيه الدستوري. الدستور الجديد. وأكد علي انه يحتوي علي العديد من العيوب الشكلية والموضوعية. وقال ان النص الأول في المشروع. وهو ¢مصر جزء من الأمة العربية والإسلامية¢. غير المنضبط. فمفهوم الأمة معروف مكوناته. وهذه المادة بهذه الصياغة تمهد للخلافة الإسلامية. كما أن النظام السياسي في الدستور قائم علي الديمقراطية والشوري. وبينما الديمقراطية ملزمة. فالشوري غير ملزمة. وهذه مادة متناقضة تماما. كما ان مجلس الشوري الذي كان من المفترض أن يكون مجلس استشاري فقط. جعل له اختصاصاً تشريعياً. ويقول ان باب السلطة القضائية تضمن كارثة حيث حصن الدستور مجلس الشوري من الحل. وحصن قرارات الرئيس التي تم اتخاذها قبل هذا الدستور. ونص الدستور علي أن النائب العام يعين بقرار من الرئيس. لمدة أربع سنوات. ولم يحدد كيفية عزله. مؤكدا أن مشروع الدستور لم ينص علي أن يكون المترشح لرئاسة الجمهورية حاصل علي مؤهل عالي. ومثله من يتولي مناصب رئيس الوزراء أو الوزير. في حين أنه اشترط أن يكون عضو مجلس الشوري حاصل علي مؤهل عال. كذلك لم ينص علي وجود نائب لرئيس الجمهورية. كما ان وزير الدفاع يجب أن يكون من ضباط القوات المسلحة. وهو ما يخالف منصب الوزير. اما فيما يتعلق بالمحافظين. فيتم تعيينهم في حين أن هناك مطالبات بانتخابهم. كما سمح المشروع بنقل عاصمة الدولة. وأضاف أن المادة الخاصة بتنظيم الأحزاب. والتي تنص علي انه ¢لا يجوز أن تقوم الأحزاب علي أساس الجنس والأصل والدين¢. اغفل النص علي ذكر العقيدة ضمن هذه المادة. معتبرا أن مادة القضاء العسكري التي تنص علي انه ¢يختص القضاء العسكري وحده دون غيره بكل الجرائم المتعلقة بالقوات المسلحة¢. تمهد بلا شك لمحاكمة المدنيين أمام المحاكم العسكرية. كما ان صلاحيات جديدة أضيفت لمنصب رئيس الجمهورية. مثل جعله رئيسا لهيئة الشرطة.