أثارت فتاوي تحطيم الآثار التي أصدرها بعض رموز التيار السلفي والجهادي باعتبارها من الأصنام غضبا في الشارع المصري وكذلك بين العلماء الذين أكدوا رفضهم لتلك الدعوات السلفية لتحطيم التماثيل الأثرية والفرعونية التي تفخر بها مصر..وأكدوا براءة الإسلام من تلك الفتاوي التي تؤدي إلي إثارة الفتن ..وتعجبوا من منطق أصحاب تلك الفتاوي أن الآثار تهدد بالعودة إلي عبادة الأصنام من دون الله. بدأت تلك الفتاوي بما أعلنه المهندس عبدالمنعم الشحات. المتحدث باسم الدعوة السلفية بالإسكندرية بفتوي تغطية وجوه التماثيل الفرعونية بالشمع لأنها من الأصنام وذلك أثناء احد المؤتمرات الشعبية حيث قام صاحب الفراشة بتغطية التماثيل الموجودة بالميدان أعلن الشحات أثناء مناظرته للدكتور سعد الدين إبراهيم تمسكه علي المستوي الشخصي بفتواه التي تؤكد حرمة التماثيل إلا أنه لم يفت بتحطيمها وانه مستعد لإعادة النظر في فتواه اذا بحث مجمع البحوث الإسلامية القضية واصدر فتوي شاملة بالأدلة الشرعية عنها وتفجرت القضية من جديد وبشكل أوسع بعد تصريحات الشيخ مرجان سالم الجوهري. السلفي الجهادي. بضرورة تحطيم تمثال "ابوالهول" و"الأهرامات" مثلما حدث مع تمثال¢بوذا¢ بأفغانستان ولم يكتف الشيخ الجوهري بذلك وإنما اتهم العاملين بالسياحة بأنهم يحرضون علي الفسق والدعارة وعليهم أن ينتصروا لدينهم بدلا من إغضاب الله عز وجل. ولا تختلف كثيرا عن الفتوي السابقة التي صدرت منذ سنوات عن حركة طالبان الأفغانية والتي دعت وقتذاك إلي تحطيم التماثيل هناك رغم معارضة كبار علماء الاسلام لها بل وذهاب وفد منهم ضم الدكتور يوسف القرضاوي والدكتور نصر فريد واصل وغيرهم إلا أن الفتاوي المتحجرة كانت أقوي تدمير للسياحة قام ائتلاف دعم السياحة برئاسة إيهاب موسي برفع دعوي قضائية ¢سب وقذف¢ ضد الشيخ الجوهري وطالبوا بحماية المناطق الأثرية والتراثية وذات القيمة العالية في الفترة المقبلة تجنبا لتعرضها لأي اعتداءات من جانب من وصفوهم بمعتنقي الفكر المتطرف والرجعيين ومتحدي الحداثة والمعاصرة والتحضر والتقدم فضلا عن أنها تؤدي الي تدمير السياحة المصرية التي تعد احد المصادر الرئيسية للدخل القومي . وحذر الائتلاف من أن تكون تلك الفتاوي الغريبة مقدمة لاقتتال داخلي بين المؤيدين والمعارضين لها في مصر وقد يتطور الأمر إلي مواجهة دولية لأن تلك التماثيل وان كانت ملكا لمصر إلا أنها تعد تراثاً انسانياً عالمياً الأمر الذي سيدفع المنظمات الدولية المهتمة بحماية التراث الإنساني مثل اليونسكو أن تضع مصر كعدو لها مثلما فعلت مع طالبان و تدخل في مواجهة دولية معها. فتاوي ضالة أثارت هذه الفتاوي الدكتور سمير صبري المحامي فتقدم ببلاغ للنائب العام ضد القيادي الجهادي الشيخ مرجان الجوهري طالب فيه بالتحقيق معه في التصريحات التي أدلي بها لإحدي الفضائيات الذي دعا فيها لهدم الأهرامات وأبو الهول كجزء من دعوته لتطبيق الشريعة الإسلامية بصورة كاملة وان دعوة التوحيد لا تقبل وجود صنم يعبد أو لا يعبد بل إنه شارك في تفجير التمثال بوذا في افغاستان المصنوع نحتا من الحجر الأسود في أحد الجبال بعد أن حاولت حركة طالبان تدميره بالدبابات دون أن تفلح فاستند الملا محمد عمر إلي طريقة عسكرية لتفجيره بالمتفجرات من أسفل وطالب الدكتور سمير صبري في بلاغه باتخاذ الإجراءات القانونية والتحقيق اللازم لأن هذا التصريح يعاقب عليه بجرائم تهديد الأمن والاستقرار العام وتهديد الاقتصاد القومي للبلاد. وجاء في البلاغ أن الشيخ مرجان هاجم الإعلام المصري لأنه عرض الفتوي بصورة غير صحيحة لأن تمثال بوذا صنم يعبده البعض حول العالم ويتخذونه من دون الله وليس تحطيما لتراث إنساني موضحا حدوث جدال ما بين الشيخ يوسف القرضاوي والملا عمر الرئيس السابق لحركة طالبان وصل فيها أن قال أفضل أن ينادي علي يوم القيامة ب ¢أين عمر محطم الصنم وليس بائعه¢ بعدما رفض فكرة بيعه والاستفادة من ماله. أوضح الدكتور سمير صبري أن مجرد إلقاء فتوي هدم الأهرامات يعد عملا غير قانوني ويعتبر حالة جنون لأن من يتحدث عن هدمه هو تاريخ مصري وتراث حضاري حافظ عليه الفتح الإسلامي وعمرو بن العاص وأن هذا التصريح هو قمة التطرف وفيه إساءة شديدة للدين الإسلامي وأن كل من يقترب من الأهرامات سيؤدي إلي وجود بحور من الدماء. وصف سمير صبري الشيخ مرجان بصاحب الفتوي الضالة التي تدعو لتدمير الحضارة ولا يمكن الاقتناع بادعاء من يقول إن من هددوا بهدم الأهرامات لا وزن لهم لأن مجرد صدور الرأي سيداعب رؤوس متطرفين سذج ويعتبرونه توجيها وترتب علي هذا التصريح الضال وأعلن صراحة أنه سبق أن شارك في تحطيم تمثال بوذا في أفغانستان قبل عشر سنوات. وأنهي بلاغه بالتأكيد علي أن تطبيق مثل هذه الفتوي قد يؤدي لانهيار الدولة بالكامل داخليا وخارجيا وضرب السياحة في مقتل وهي عصب الاقتصاد المصري بالإضافة لترويعه للسياح الأجانب. تراث تاريخي شن علماء الإسلام هجوما شديدا علي تلك الفتاوي فأفتي الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين بأن التماثيل التي صنعها الأقدمون قبل الإسلام تمثل تراثا تاريخيا ومادة حية من مواد التاريخ لكل أمة فلا يجوز تدميرها وتحطيمها باعتبار أنها محرمات أو منكرات يجب تغييرها باليد بل إن تماثيل الأقدمين دلالة من نعمة الله تعالي علي الأمة الذي هداها للإسلام وحررها من عبادة الأصنام. قال الدكتور القرضاوي : لا يختلف اثنان أن التماثيل التي تم صنعها قبل الإسلام هي تراث تاريخي لا يعبده أحد الآن وقد أجمع العلماء علي حرمة التماثيل إذا كانت تصنع من أجل العبادة والتعظيم آثارهم تدل عليهم طالب الدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء بالتوقف الفوري عن تلك الفتاوي غير الشرعية لتدمير الآثار القديمة والرجوع عن الفتاوي المستنيرة حتي يتم وأد فتن جديدة في العالم الإسلامي وتشويه صورة الإسلام في الخارج. ولا يحقق مصلحة للأمة بعدما أثاره من ردود أفعال سيئة انعكست علي صورة الإسلام والمسلمين في العالم كله أوضح الدكتور واصل ان كل التماثيل الأثرية التي تعود إلي حقبة ما قبل الإسلام مجرد تسجيل للتاريخ وليس لها أي تأثير سلبي علي عقيدة المسلمين ولهذا فإن الإبقاء علي الآثار الفرعونية في مصر ليس محرما خصوصا أنها تدر مصالح اقتصادية لبلد إسلامي من خلال تنشيط السياحة فيه أشار الدكتور واصل إلي أن ما ذكره القرآن الكريم من قصص الأولين ومنهم مشركون لكي نتخذ منهم العبرة والعظة وهذه القصص باقية ومعروفة رغم غياب أصحابها المشركين منذ آلاف السنين وقياسا عليه فإن الآثار إذا كانت تدخل تحت مبدأ ¢تلك آثارهم تدل عليهم¢ فلا مانع شرعا من الإبقاء عليها ولا يجوز الأخذ بظواهر النصوص ومن الملاحظ أن هذه الآثار الموجودة منذ العصور السابقة علي دخول الإسلام ثم استمرت ولم يحطمها أحد من الحكام المسلمين لأنهم لم يروا فيها ضررا علي عقيدة المسلمين وإنما هي مجرد آثار تاريخية ومزارات للسياح والمصريين فقط والخطورة ترجع إلي أن الأمر يبدأ فتوي ربما يتبناها عوام الناس ويقومون بهدم كل التماثيل التي تمتليء بها شوارع القاهرة غير التماثيل الفرعونية. اتقوا الله أكد الدكتور عبد الله النجار الأستاذ بكلية الشريعة وعضو مجمع البحوث الإسلامية أن فتوي تحطيم الآثار خاصة أبو الهول والأهرامات مخالفة للشرع والعقل والواقع والتاريخ وتعبر عن الخلط الخاطئ بين الشريعة والفكر المتشدد الذي عاد إلي الظهور بشدة بعد ثورة 25 يناير وحالة الفوضي التي تمر بها البلاد . أعلن براءة الإسلام من فتاوي تحطيم الآثار المصرية بل إنها لا تمثل الشريعة الصحيحة في شيء بل إن هذه الفتاوي تخدم أعداء الإسلام المتربصين به في الداخل والخارج قال النجار : إذا تعاملنا مع تمثال مثل أبو الهول والأهرامات علي أنهما أصنام أو تماثيل تعبد من دون الله فتلك مصيبة لأنهما ليسا كذلك بل إن الآثار الفرعونية كلها تعد تراثا تاريخيا يجب أن نتعامل معها علي أنها حضارة كاملة ورثناها عن آبائنا وأجدادنا وإلا لماذا تركها عمرو بن العاص وغيره من حكام المسلمين منذ الفتح الإسلامي لمصر سنة 20 هجرية وحتي الآن وجه الدكتور عبد الله النجار كلامه الي الشيخ مرجان وأمثاله قائلا : اتقوا الله في دينكم وبلدكم خاصة أن مصر تعيش في مفترق طرق ومرحلة صعبة جدا يجب أن تتكاتف فيها الجهود وليس التمزق والتشرذم بسبب فتوي غير صحيحة من هذا أو ذاك قد تؤدي إلي ندم الكثيرين من وصول الإسلاميين إلي الحكم إذا كانت هذه الأولويات التي يشغلون أنفسهم بها في وقت تتفاقم فيه المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ويقف الأعداء علي أبوابها من كل جانب لاقتناص الفرصة المناسبة للانقضاض عليها . مرفوضة ديناً وعقلاً أشار الدكتور مختار عطا الله ..مدير مركز الدراسات والبحوث الإسلامية جامعة القاهرة إلي أن الاعتداء علي المواقع الأثرية والمتاحف والأماكن المهمة شيء لا يقبله عقل ولا دين ويؤثر بالسلب علي تاريخ مصر ومستقبلها ولهذا لابد من تكاتف القوي الدينية والسياسية المستنيرة لتأمينها والحفاظ عليها بوضع خطة تأمينية محكمة للحفاظ علي هذه المواقع التراثية وعدم السماح للمنظمات الدولية بالحديث بشأن وجوب توفير حماية دولية للآثار المصرية وقطع الطريق علي أي تحركات ضارة بالحضارة المصرية وخطورة الاستخفاف بأهمية الآثار المصرية التي يعتبرها العالم إرثا للبشرية وليس ملكيا لمصر وحدها. طالب الدكتور مختار بمكافحة مثل هذه الفتاوي عن طريق نشر الفتاوي المستنيرة من خلال وسائل الإعلام ومنابر المساجد للتصدي لهذا العبث بالحضارة والتاريخ المصري وفي نفس الوقت وضع قائمة بالمواقع الأثرية والتراثية وتخصيص قوات لحمايتها بشكل دائم للحفاظ عليها من أنصار الفتاوي الظلامية الذين يعتبرون أنفسهم أتقي وأقرب الي الله من عمر بن الخطاب الذي تم فتح مصر في عهده ولم يأمر بتحطيم آثارها وكذلك يرون أنفسهم أفضل عند الله من الصحابي عمرو بن العاص ومن كان معه من الصحابة في جيش الفتح ولم يقوموا بتحطيم أي من تلك الآثار أو تشويه أي مشهد تراثي لمصر أو حتي في أي دولة إسلامية فتحها المسلمون وصدق الله العظيم إذ يقول "قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَاليا الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعيا".