عرضنا في الأعداد الماضية لمعوقات تأهيل الجيل القرآني لحفظ القرآن ودور أعداء الإسلام في ذلك.. ونواصل في هذا العدد المعوقات الإجرائية في المنهاج ذاته. فنقول: إنه علي الرغم من كل هذه المعوقات التي وقفت أمام إعداد الجيل القرآني لفترة من الزمن. وأوصلت الأمة إلي الحضيض الذي لم تصل إلي مستواه من قبل. فقد هيأ الله تعالي لدينه وكتابه وسُنَّة رسوله "[" من جنوده المجاهدين مَن وقف منافحاً عن كل ذلك بجهده وماله ودمه حتي تبقي كلمة الله هي العليا. ومن هؤلاء الجنود حفظة القرآن الكريم. ومُحفظوه. ودوره. ومراكزه. وجمعياته. وحلقاته. وخلاويه. ومدارسه. ومعاهده. وكلياته. وجامعاته. وعلماؤه. وطلابه. ودارسوه.. حفظهم الله جميعاً بحفظه. وجزاهم خير الجزاء علي وقوفهم في وجه كل القوي العالمية الغاشمة المعادية للإسلام العظيم وأهله. وللقرآن الكريم وجنده. في صبر ومصابرة ومجاهدة. كل في حقل تخصصه. وفي ساحته. والهدف من المنهاج هو تحقيق تربية الجيل القرآني تحت مختلف الظروف من تحدي أهل الباطل وجبروتهم. وتبقي هناك بعض الملاحظات علي المنهاج الذي يُدرَّس به القرآن الكريم في معظم هذه المراكز. نوجزها فيما يلي: 1- التعريف الدقيق بالمنهاج وضبطه: والمقصود بالمنهاج هنا هو تفصيل الخطة الموضوعة لِمُدارسة القرأن الكريم حفظاً مُجوداً. وفهما وتدبُراً. ومعرفة بدلالة ألفاظه ومُجمَل معانيه. وأحكامه كماً ومستوي. وتوزيع ذلك علي فترة الدراسة بمنهجية متوازنة مع أعمار الدارسين وقدراتهم. وتفصيل ذلك من ناحية الأسس. والأساليب. والخطط. والوسائل اللازمة لتحقيق المنهاج في تناسق لا ينفر الطالب بكثافة المقرر وثقله. ولا يطيل عليه مدة الدراسة ببساطته ورقته. فيجعله يمل ويهرب. علي أن يكون الهدف هو تربية جيل قرآني صحيح. وليس مجرد الحفظ بدون فهم ولا التزام. 2- طرائق مُدارسة القرآن الكريم وحفظه: إن المتتبع لتحفيظ القرآن الكريم في حلقاته المختلفة يلاحظ أنها تتبع طريقة التلقين بأسلوب فردي أو جماعي كما يلي: في طريقة التلقين الفردي.. يردد الدارس خلف مَن يقرأ من المحفظين مقاطع الآيات التي يُسْمِعُهُ إياها بصوت واضح وتلاوة صحيحة عدة مرات حتي يحفظها بالترديد والتكرار. وتتم هذه الطريقة عادة مع فرد واحد أو في مجموعات صغيرة حتي تسهل مراقبة نُطق كل دارس في الحلقة نطقاً سليماً لكل من الحروف والكلمات والمقاطع والآيات بضوابط التجويد الصحيحة. وبذلك يتعرف الدارس علي أحكام التجويد. وعلي المصطلحات والعلامات الموجودة بالمصحف الشريف. وكيفيات تطبيقها علي آداب التلاوة. ومنها إخلاص النية لله. والطهارة البدنية والنفسية الكاملة. واستقبال القبلة. والخشوع والسكينة والوقار. واستحضار الرغبة الصادقة في الحصول علي الأجر والثواب من الله سبحانه وتعالي . وهذه الطريقة تستخدم بنجاح مع صغار السن من الدارسين ومع المبتدئين في حفظ القرآن الكريم. ويمكن في هذه الحالة استخدام المسجلات والحواسيب الإلكترونية المخصصة لذلك. وقد كثرت في الآونة الأخيرة وتطورت تطوراً هائلاً. في طريقة التلقين الجماعي: يقوم المعلم بتلاوة قدر معين من الآيات مع شرح ما فيها من قواعد التجويد وضوابطه. ومعاني الكلمات. ودلالة النص. وذلك للدارسين في الحلقة جميعاً. وقد يستعين في ذلك بالسبورة. أو بالمسجلات الصوتية. أو بالحواسيب الإلكترونية. ثم يطالب كل دارس علي حدة بتلاوة ما قد تُلِي علي مسمع من المعلم وطلاب الحلقة حتي يتم تصويب أي خطأ في التلاوة. ثم يكلف الطالب بحفظ الجزء المحدد وتسميعه أمام كل من المعلم وزملائه من الطلاب في وقت آخر ليشحذ همم الدارسين. ويدفعهم إلي التنافس في الحفظ. وهذه الطريقة تحتاج إلي عدد أكبر من المحفظين والموجهين. كما تتطلب الانتظام الدقيق في حضور الحلقات. وفيها لا يمكن قبول طلاب جدد في نفس الحلقة وفي نفس الوقت. أما طريقة الحفظ الفردي: فتستخدم مع البالغين القادرين علي القراءة من المصحف الشريف بأنفسهم. بمعني أن كل دارس يقوم بقراءة الجزء الذي يحفظه أمام الأستاذ بعد تلاوة الأستاذ لذلك الجزء أمامه. ثم القيام بتسميعه علي الأستاذ منفرداً وتحت إشرافه ومتابعته حتي يتم حفظ القرآن الكريم بأكمله. ومن مميزات هذه الطريقة الفردية: قدرتها علي استيعاب طلاب في مستويات مختلفة في نفس الوقت. مع مراعاة الفروق الفردية بين الدارسين. وإفساح المجال أمام المتميزين منهم دون الإساءة إلي الآخرين. وفي هذه الطريقة ينصح الدارس بالاقتصار علي نسخة خاصة من المصحف الشريف. مما يعينه علي تثبيت الآيات في الذاكرة صوتاً وصورة. وتفضيل طريقة من هذه الطرق الثلاث علي الأخري يختلف باختلاف ظروف الطلاب والمعلمين قلة وكثرة. ومع تباين أعمارهم ومستوياتهم الشخصية والاجتماعية والثقافية. ومع اختلاف إمكانيات المركز أو الحلقة القائمة علي ذلك النشاط. والملاحظ علي أغلب المناهج المستخدمة في تحفيظ القرآن الكريم ميلها إلي التوسع لتشمل الدروس من التفسير. والعقيدة. والحديث. والسيرة. والفقه. ودراسة عدد من أوجه الإعجاز في كتاب الله. والقصص القرآني. وسير عدد من الشخصيات الإسلامية البارزة. بالإضافة إلي قواعد اللغة العربية وغيرها من العلوم.. وهذه القضايا كلها يمكن استعراضها من خلال شرح دلالة الآيات القرآنية الكريمة التي تحفظ دون الحاجة إلي تخصيص دروس خاصة بها. ولتحقيق ذلك أنصح بتوفير الكتب التالية في كل مركز من مراكز التحفيظ: 1- "صفوة البيان لمعاني القرآن" للشيخ حسانين محمد مخلوف. 2- أو "غريب القرآن" للراغب الأصفهاني. .. وذلك لتبيان دلالة الألفاظ وأسباب النزول في المؤلف الأول.. ولدلالة الألفاظ في المؤلف الثاني. 3- "المنتخب في تفسير القرآن الكريم" "المجلس الأعلي للشئون الإسلامية مصر". .. وذلك للتعليقات العلمية علي الآيات الكونية في كتاب الله. وأقترح إدخال مقرر في مقارنة الأديان لإظهار فضل الإسلام العظيم علي غيره من المعتقدات. وفضل القرآن الكريم علي غيره من الكتب. وأقترح في هذا المضمار أياً من الكتب التالية: 1- محاضرات في النصرانية "للشيخ محمد أبوزهرة". 2- النبأ العظيم "للشيخ الدكتور محمد عبدالله دراز". 3- "المسيح عليه السلام بين الحقيقة والأوهام" "للدكتور محمد وصفي". 4- "بولس والمسيحية" "للشيخ الدكتور محمد الفرت". 5- "كُنت نصرانياً" "لوصفي الراعي".