* الشيعة الإمامية يرون أن الولاية تكون للفقيه .. أما أهل السنة فيرون أن الولاية تكون "للأمة" .. وهي تعني حق الأمة في اختيار حكامها.. وتوليتهم وعزلهم ومحاسبتهم إذا لزم الأمر . * وقد وضح ذلك من مبايعة جميع الصحابة في دار السقيفة لأبي بكر الصديق رضوان الله عليه وكذلك بيعة عمر وعثمان وعلي وعمر بن عبد العزيز.. ووضح ذلك من اتفاق الحكمين أبي موسي الأشعري وعمرو بن العاص رضي الله عنهما من رد الأمر إلي النفر الذين توفي رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو عنهم راض "أي إلي الأمة". * لقد كان الإسلام عظيما ً حينما اعتمد نظرية "ولاية الأمة ".. وهذا يعطي الاستقلال لكل دولة في اختيار حكامها.. بل إنه يعطي سكان الولايات حق اختيار حكامها المحليين بالانتخاب كما يحدث الآن في النظام الفيدرالي الأمريكي وفي بريطانيا وفرنسا.. ليكون ولاؤهم للشعب الذي أولاهم ثقته وعينهم.. ولا يكون ولاؤهم للحاكم الذي منّ عليهم بهذه الوظيفة . * إن البعض يظن أن نظرية "ولاية الأمة" أو سيادتها تعاكس مبدأ تطبيق الشريعة. * ناسين أن سيادة أو ولاية الأمة تعني أن الأمة هي "صاحبة السلطات" لأنها تملك توليتها ومحاسبتها أو عزلها بالطرق القانونية والسلمية. * أما الشريعة الإسلامية فتمثل الإطار القانوني للدولة .. أو ما يطلق عليه المرجعية القانونية العليا للدولة . * "وولاية الأمة أو سيادتها" يتيح لفقهاء ومفكري كل دولة أن يجتهدوا فيما يناسب هذه الدولة من نظم سياسية واقتصادية واجتماعية .. فلكل دولة ظروفها .. ولكل شعب أعرافه ومداخلاته ومخرجاته وما يحب وما يكره .. شريطة ألا يصطدم ذلك بثابت من ثوابت الإسلام أو يحل حراما ً أو يحرم حلالا ً .. وهذا كله يعطي الشريعة الغراء ومذهب أهل السنة والجماعة مرونة سياسية واقتصادية وإدارية كبيرة تمكنها من التعامل مع شتي المجتمعات والأعراف مهما كان تباينها .. ولعل ذلك يعد سرا ً من أسرار خلود الشريعة الإسلامية. * إن فكرة "ولاية الفقيه" تنحي الأمة جانبا ً "وهي من هي".. وتقدم الفقيه عليها .. والأمة أولي من الفقيه مهما كان علمه وشأنه وتضحياته. * كما أن فكرة "ولاية الفقيه" تعتمد علي عصمة الإمام أو الفقيه.. والعصمة انتهت بموت النبي صلي الله عليه وسلم.. لأن العصمة مستمدة من الوحي وبانقطاع الوحي تنقطع العصمة . * فالرسول بشر كسائر البشر ولكنه يتميز عن غيره بالوحي الذي يعصمه عن الزلل ويصحح اجتهاده إذا أخطأ.. ويصوب حركته باستمرار قال تعالي "قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرى مِّثْلُكُمْ يُوحَي إِلَيَّ ". * أما اجتهادات الرسول صلي الله عليه وسلم البعيدة عن الوحي فهي محل أخذ ورد سواءً في الحرب أو الزراعة أو شئون الحياة التي لا وحي فيها.. وقد حصرها الفقهاء وأوسعوها ذكرا ً . * ولذلك قال الصحابي الجليل للرسول صلي الله عليه وسلم بعد أن نزل بالجيش خلف آبار بدر " أمنزل أنزلكه الله فلا نتقدم عنه أو نتأخر .. أم هو الرأي والحرب والمشورة".. فرد عليه النبي صلي الله عليه وسلم.. بل هو الرأي والحرب والمشورة فقال الصحابي ¢ليس هذا بمنزل¢ ¢.. وكأن الصحابي رضوان الله عليه أراد أن يفرق بين اجتهاد الرسول صلي الله عليه وسلم البشري الذي يقبل الأخذ والرد وبين ما جاءه عن طريق الوحي الذي يلزم جميع المسلمين . * إن فكرة "عصمة الإمام" تجعله وحكمه غير قابلين للنقد أو التصويب أو التصحيح.. وتجعل قوله ملزما ً للكافة والخاصة والعسكريين والسياسيين والاقتصاديين حتي في مجالات تخصصهم.. وهذا موضع خطر عظيم في إدارة الدول ومؤسساتها . * ورحم الله أبا بكر الصديق الذي قال "إن أصبت فأعينوني وإن أخطأت فقوموني" .. رغم أنه أكثر المسلمين إيمانا ً وأعظمهم عطاء ً . * وهذا عمر بن الخطاب أعظم حكام المسلمين قاطبة يقول:"أصابت امرأة وأخطأ عمر" . * إننا بحاجة إلي "ولاية الأمة" لأنها أقرب إلي النفوس والنظم العالمية الحديثة وكفيلة بأن تتولي الأمة كلها مسؤولياتها ولا تضعها برمتها في عنق شخص أو أشخاص مهما كان صلاحهم وتقواهم وتضحياتهم ونظافة أيديهم.