لاشك ولا ريب أن مصر تمر الآن بمرحلة دقيقة جداً من مراحل تاريخها المعاصر. هذه المرحلة توجب علي الجميع من الصادقين والمخلصين» أن يعملوا معا في فريق واحد من أجل الله سبحانه وتعالي أولاً. ثم من أجل هذا البلد الكريم»وهذا الشعب الأبي الذكي العبقري الذي صبر طويلاً. وهو يعلق الآن آمال كبيرة علي الله جل وعلا أولاً ثم علي الرئيس المصري المنتخب ديمقراطيا والشعب المصري يأخذ العظة والدرس والعبرة من محاكمة الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك. ولا ينبغي وسط زخم الأحداث أن ننسي العبر. وهي أن الله عز وجل يمهل الظالم حتي إذا أخذه لم يفلته وأقول لا تنسوا الدرس والعبرة والعظة من محاكمة القرن. ها هو حاكم مصر يسأل ويحاكم ويحاسب ليعلم الجميع أن الله يمهل ولا يهمل أن الله يأخذ الظالمين بظلمهم في الدنيا قبل الآخر. ولا يجوز أبداًَ أن تضيع دماء أولادنا هدراًَ. ولا يجوز أبداً أن يفرط مسلم أبي شريف صادق في دماء أولادنا. ولا يجوز أن تضيع الحقوق ويرضي المسلم. الدماء لها حرمة ولها قيمة. ¢ومن يقتل مسلماً متعمداً فجزاءه جهنم خالدا فيها وغضب عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما¢النساء - .93 إن مصر تحتاج الآن إلي كلمة عدل وكلمة حق. ووالله لو صورح الشعب بالحقيقة كاملة لاستراح الناس. لأن الناس الآن يعيشون في حالة ريبة وشك. نريد الآن قولة حق. والله إذا أقيم أمر الدنيا بالعدل لقامت وإذا أقيم أمر مصر بالعدل لقامت. إن الله يقيم الدولة العادلة. وإن كانت كافرة. ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة. والدنيا تدوم مع العدل والكفر ولا تدوم مع الظلم والإسلام. مشيراً إلي أن مصر بها قضاء مستقل لا سلطان لأحد عليه لا من السلطة التنفيذية ولا من السلطة البرلمانية. وإنه لا يحب تسمية السلطة البرلمانية بالسلطة التشريعية. لأن التشريع حق كامل لله. وليس من حق مجلس شعب أو من حق مجلس شوري أن يشرع بعيداً عن الله. وما دخل إخواننا إلي هذه السلطة إلا من أجل الرد علي أولئك الذين يفتئتون علي الله ورسوله. وأوجه رسالة إلي قضاة مصر أقول لهم نحن في شوق أن تحكموا فينا شرع الله. عز وجل. إذ لا سعادة لمصر ولا للأمة في الدنيا ولا في الآخرة إلا بتحكيم شرع الله وشرع سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم. وإن الإمامة التي تعادل رئاسة الجمهورية الآن لابد أن توظف من أجل إفراد الله بالعبادة من أجل توحيد الله. والإسلام عقيدة تنبثق منها شريعة تنظم كل شئون الحياة. ولا يقبل الله من قوم شريعتهم إلا إذا صحت عقيدتهم. وحتي الرئاسة تسخر للعقيدة والعبادة والغاية التي من أجلها خلقنا. وأقول لرئيس مصر القادم إن كنت صادقاً مع الله ورسوله وستحمل الأمانة بشرف تطلب الأمة المسلمة منك أمرين. الأول حراسة الدين والأمر الثاني سياسة الدنيا بالدين. وإنه لمما يستغرب له رفض بعض المسلمين لفكرة تحكيم الشريعة الإسلامية وقال. ¢والله لا أنام ولا أذوق طعم النوم وأنا أري مسلما يشهد أن لا إله إلا الله. يتردد الآن في أن يحكم بشريعة الله وشريعة محمد بن عبد الله. يا للعار كيف ترضي أن تحكم بغير شريعة الله. بل يجب عليك أن تبذل دمك وتبذل روحك لتنصر دين الله وتنصر شريعة الله. ومن أجل أن تظلل شريعة الله سماء مصر بل سماء الأمة. وإلا فما حقيقة انتمائك لهذا الدين. وما حقيقة انتسابك لهذا الإسلام العظيم. ولست هنا أتحدث كمحللاً سياسياً وإنما بضاعتي فقط هي الآية والحديث. وأوجه رسالة لكل نصاري مصر فأقول لهم لكم كل احترام وكل أدب. لقد عشتم في القرون الماضية وستعيشون في القرون القادمة في أمن وأمان وفي كنف شريعة الرحمن. ونحن وأنتم نركب سفينة واحدة في مصر إن غرقت غرقت بنا جميعا وإن نجت نجت بنا جميعا. ففي ظلال الشريعة الأمن كل الأمن والأمان كل الأمان. ولن يرضي أهل الشريعة ظلمكم أبدا لأنكم وصية رسول الله لنا. و المرحلة تحتاج إلي أن نهدأ قليلاً لنعمل كثيراً فلقد تكلمنا كلاما ونظرنا تنظيرا في السنة الماضية يكفي لألف سنة مقبلة . ونحتاج إلي أن نعمل نحتاج إلي أن نهدأ لنبني نحتاج إلي أن نهدأ لنبني لنعيد الأمجاد لنعيد البناء. نحتاج أن يمد كل واحد فينا يده لأخيه لتبدأ من جديد عجلة التنمية وعجلة الاقتصاد فبلدنا فعلاً يتعرض لخطر اقتصادي حقيقي وشعبنا الذي يطالب الآن بالمزيد لا يمكن علي الإطلاق أن نجني ثمرة الخير والمزيد بالتنظير وإنما بالعمل {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَي اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ "105 التوبة". أسأل الله جل وعلا أن يحفظ مصر من كل فتنة ظاهرة وباطنة وأن يولي أمورها خيارها وأن لا يولي أمورها شرارها و يبقي أن أذكر بأن كل مصري يعيش علي هذه الأرض الطيبة عليه دور وعليه واجب وعليه حق يجب عليه أن يبذله الآن للبلد وهي تمر بهذه الأزمة والمرحلة الحرجة الدقيقة وعلي كل منا ان يقوم بدوره حتي ننجو مما يحاك لأمتنا من فتن . فالمرحلة تقتضي أن يعمل الجميع بروح الفريق. وأن يتناسي الجميع مصالحه الشخصية. ومصالحهُ الخاصة. وأطروحات حزبه. ورؤية جماعته التي ينتسب إليه. ليعمل من أجل صالح هذا الوطن وصالح هذا البلد بروح جديدة مبنية علي الإخلاص والصدق والتفاني. وأري أن الخطوة العملية الأولي علي طريق العمل الجماعي. أو علي طريق العمل بروح الفريق الواحد .وأري أن الخطوة العملية الأولي هي أن يسمع بعضنا بعض. وأن يسمع كل واحد للآخر بلا كبر. ولا استعلاء ولا تطاول فالخلاف أمر قدري لن ينتهي إلي قيام الساعة.فالخلاف واقع بين أصحاب سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم. ووقع بين أنبياء الله ورسله. بل واسمع مني..وقع الخلاف بين الملائكة. نعم بين الملائكة. وقد أخبرنا عن هذا الخلاف نبينا الصادق الذي لا ينطق عن الهوي في القصة التي تعرفونها جميعاً» وهي قصة الرجل الذي قتل مائة نفس. قال نبينا: فاختلفت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب. فالخلاف أمر قدري.. لن يزول أبدا. والخلاف المذموم باتفاق علماءنا: هو الخلاف في أصل الملة. ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك. الخلاف المذموم كما قال الشاطبي. وابن القيم. وابن تيمية. وابن حزم. وغيرهم من سادتنا وأئمتنا: "الخلاف المذموم باتفاق هو الخلاف في أصل الملة". فأنا لا أقول بإلغاء أما الخلاف في مسائل الأحكام ومسائل الفروع يقول فيه شيخ الإسلام: "أكثر من أن ينضبط ولو كان كلما اختلف مسلمان في شيء من مسائل الأحكام تهاجرا لم يبقي بين المسلمين عصمة ولا إخوة". الخلاف فهذا مخالف لكل السنن. لا حرج أن يختلف إخواننا أياً كانت أحزابهم. وانتماءاتهم.. لا حرج. لكن الحرج» أن يظهر لخلاف علي العلن.لكن الحرج أن تفتن الأمة بهاذا الخلاف الحاد.