* هل يمكن أن تكون المرأة في منصب قيادي كرئاسة الجمهورية مثلاً تأمر وتنهي. ويرتبط مصير شعب أو أمة أو جماعة بقراراتها؟ شرعاً.. ماذا يقول الإسلام؟ ** يجيب د. علي جمعة مفتي الجمهورية: إن الذي لا خلاف عليه الآن هو قضية الخلافة الكبري للأمة جميعها. فبعد سقوط الخلافة العثمانية سنة 1924م لم تعد هناك خلافة إسلامية وإلي يومنا الآن. وارتضي المسلمون بدلاً عن هذه الدولة الإقليمية. والدولة الإقليمية لكل ما فيها من بلد رئيس أو رأس دولة بصيغ مختلفة من النظام الرئاسي أو الملكي أو الإماراتي. المرأة المسلمة تولت عبر العصور مناصب مهمة. فتولت القضاء. فنجد مثلاً "ثمل" تولت هذا المنصب. وكانت تحكم وحولها القضاة فلا يمضون الحكم إلا بتوقيعها. و"ثمل" هذه كانت جارية أو تلميذة ل "شغب" أم الخليفة العباسي "المقتدر بالله". وكانت "ثمل" علي درجة كبيرة من الذكاء وفي مرتبة متقدمة في القضاء لدرجة أنها كانت تصحح للقضاة مسائل خلافية بينهم. عندما أحصينا أمثال هذه الصورة المشرقة في التاريخ الإسلامي وجدنا 90 امرأة تولت الولايات العامة. فتولت الرئاسة. والوزارة. والقضاء. والافتاء.. السيدة عائشة نفسها لها فتاوي كثيرة. وقد ألف الإمام الزركشي فيها "الاجابة فيما استدركته عائشة علي الصحابة". وهي لها فتاوي لم ترد عن أي فقيه من فقهاء الصحابة. من ذلك فتواها ببيع ستارة الكعبة لفائدة الناس. فالكعبة تغطي بستارة. فكانوا قديماً يدفنونها فأفتت السيدة عائشة ببيعها والاستفادة بثمنها في مصالح البيت الحرام من ترميمات ونحوها. والناس يحبون أن يتبركوا بها ويضعوها في البيت. لأنها كسوة الكعبة المشرفة المكرمة. ففتوي عائشة هذه لم يفت أحد بمثلها من قبل. ومن قال بها بعد ذلك إن قال فهو تقليد لها. وكذلك فإن عائشة كان عندها غلام اسمه ذكوان. وكان يصلي بها في شهر رمضان ويقرأ من المصحف في صلاته. وأقرته عائشة علي ذلك. فأخذ العلماء جواز القراءة من المصحف في أثناء الصلاة من إقرار عائشة لفعل ذكوان. في العديد من دول العالم لم تتول امرأة الرئاسة. مثل الولاياتالمتحدةالأمريكية. أما عندنا في الدول الإسلامية فهناك رئيسة وزراء اندونيسيا ورئيسة وزراء ماليزيا. والعديد من النماذج في التاريخ الإسلامي. ولكن نحن لا نريد اثبات حالة فقط. بل نريد الكفاءة. فإذا كانت هناك امرأة تصلح للقضاء أو الافتاء أو الرئاسة أو الإدارة أو الوزارة فلتتول هذا فوراً.. ولكن أنا لا أعين امرأة قاضية أو وزيرة أو رئيسة جمهورية من أجل اثبات أنني ديمقراطي أو أنني عصري أو احافظ علي حقوق النساء.. هذا الكلام كله يدمر القضية. لكن بعض المخالفين يستدلون بحديث رسول الله صلي الله عليه وسلم عندما قال: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة" فهذا الحديث خاص ببنت كسري عندما وصلها كتاب رسول الله صلي الله عليه وسلم فاستهانت به. فالرسول صلي الله عليه وسلم بعث الكتاب إلي المقوقس فأرسل هدية جاريتين وبغلاً وزق عسل بنهاوي "من بنها". ولما بعث إلي هرقل كان رده حسناً. أما هذه المرأة فقطعت الكتاب وربما اعتدت علي الرسول حامل الكتاب فغضب النبي صلي الله عليه وسلم من هذه الفعلة الحمقاء الخارجة عن اطار الدبلوماسية وقال: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة". وفي القرآن الكريم نجده قد ذكر أن بلقيس كانت ملكة سبأ وأقر القرآن هذا ولم يعترض عليه. وذكر أن امرأة فرعون كانت صالحة. وكذلك السيدة مريم.. المسألة مسألة عادات وليست مسألة عرقية. ولا فرق بين الرجال والنساء.. والنساء شقائق الرجال.. يقول الله تعالي: "ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف". إذن فالكفاءة هي العنصر الحاسم في أولوية تولي قيادة الأمر. ولا فرق في ذلك بين ذكر وأنثي. فإذا لم نجد الكفاءة في امرأة فلا يمكن أن نعينها من غير كفاءة من أجل اثبات الحالة فقط. فهذا من أخطر ما يكون.