يبدو أن الحكم علي الرئيس المخلوع حسني مبارك ونجليه ومعاونيه في قضية قتل الثوار والمتظاهرين في ثورة 25 يناير. واستغلال النفوذ والتربح والتي عرفت اعلاميا بمحاكمة القرن وتضمنت تبرئة جميع المتهمين باستثناء الحكم بالسجن المؤبد علي مبارك ووزير داخليته حبيب العادلي. لم يغلق باب القصاص في راي غالبية القوي السياسية والائتلافات والاحزاب والجماهير التي اندفعت مرة اخري الي الميادين بكافة المحافظات معبرة عن رفضها ما انتهت اليه المحاكمات من احكام استندت الي اعتبارات سياسية لا تحقق العدالة وتجهز علي الثورة المصرية وتعيد انتاج النظام البائد في ابشع صوره. أكد الدكتور عبد الرحيم صدقي- أستاذ القانون الجنائي- أن الاحكام التي صدرت من محكمة الجنايات علي مبارك والعادلي ومساعديه الستة مع بعضها شابهه خلل قانوني في تعارض أسباب الحكم. مبينا ان الحكم أدان مبارك والعادلي. بينما برأ مساعدي العادلي رغم أن الأدلة واحدة. حكم مخفف وقال ان الحكم علي مبارك يعتبر حكم مخفف واستند في تسبيبه للعقوبة الي الامتناع عن تقدم المساعدة في جريمة ارتكبت. حيث امتنع مبارك عن ايقاف ما حدث. مضيفا ان رئيس الجمهورية وفقا للدستور هو رئيس المجلس الاعلي للشرطة. وبالتالي فهو الذي يعطي الاوامر للاجهزة الامنية. ولكنه امتنع عن استخدام سلطاته في وقف الضرب. ومسئوليته عما ارتكب من جرائم في احداث الثورة وفقا للحكم هو التقصير. وأوضح ان المسئولية في القانون الجنائي لا تعرف الجماعية. حيث نص الدستور علي أن العقوبة شخصية تطبيقا للنص القراني الكريم:¢ ولا تزر وازرة وز اخري ¢. مشيرا الي أنه بالرغم من صدور احكام بالبراءة للمساعدين ولكن هذا لا يعني انهم لن يحاكموا وفقا لقانون الشرطة. لافتا الي أنهم ارتكبوا تقصيرا شديدا في عملهم في اعقاب احداث 25 يناير. وتقع عليهم مسئولية تأديبية وسوف يحالون الي محاكمة عسكرية وتصدر عليهم احكام قد تتضمن العزل من المنصب أو الحرمان من الترقية وتصل الي السجن العسكري للشرطة. وقال انه كان يجب علي وزارة الداخلية أن تصدر بيانا توضح فيه انهم سوف يحولون الي مجلس التأديب. وذكر انهم برءوا جميعا عن جريمة واحدة ولكن الفعل الواحد يمكن أن يشكل اكثر من مسئولية. وكشف عن أن الاختصاص الاصيل عن قمع المتظاهرين يقع علي مدير امن القاهرة لان اغلب الاحداث وما ارتكب من جرائم وقع في القاهرة. مؤكدا أن اهمال المساعدين تسبب في موت اشخاص وهو ما يستوجب ادانتهم وتوقيع عقوبات عليهم. جرائم الرشوة وعن سقوط التهم المنسوبة إلي نجلي الرئيس المخلوع جمال وعلاء مبارك ورجل الأعمال الهارب حسين سالم. بالتقادم. قال د.عبد الرحيم: ان المشرع الجنائي بالنسبة لجرائم الرشوة والفساد والتزوير والاستيلاء والاختلاس والتربح من المال العام أكد أن التقادم لا يبدا فيها الا من يوم خروج الموظف العام من وظيفته سواء بالمعاش أو بانتهاء رابطته بالدولة. نظرا لانه بعد تغير الاوضاع ومرور هذا الوقت تتضح الامور ويكون هناك امكانية لكشف الاوراق والاطلاع علي الخفايا. وبين أن مبارك وقت ارتكاب هذه الجرائم وهو شريك فيها مع ابنائه وحسين سالم كان موظفا عاما بالدولة. وبالتالي ينطبق عليه قانون الوظيفة العامة ويكون التقادم في هذه القضية ساريا من تاريخ خروجه من الحكم يوم التنحي في 11 فبراير. ويكون ابنائه وحسين سالم شركاء في ارتكابها بالاستفادة لانهم تحصلوا علي اموال من الجريمة. وشدد علي انه كان يجب علي القاضي أن يتأكد من وقت بدأ سريان التقادم الذي يبدأ في 11 فبراير 2011. وأن يبحث ايضا عن اسباب انقطاع التقادم باتخاذ اي اجراء في موضوع القضية وهو ما اكدته بعض الشخصيات العامة التي تقدمت ببلاغات خاصة بها في عام 2004 وبالتالي فالدعوة لم تنقضي بالتقادم لعدم مرور 10 سنوات عليها. وقال ان ديباجة الحكم تناولت امورا سياسية محضة وهو ما يعد خطأ غير مفهوم. مؤكدا انها يجب أن تكون حول القضية وبواعث ارتكاب الجريمة. وشدد علي ضرورة محاكمة مبارك ونظامه محاكمة ثورية نظرا لعدم وجود قانون ينظم مسئولية رئيس الجمهورية. ولا يمكن لاحد أن يدعي عدم مسئوليته عن الجرائم وما وصلت اليه الاوضاع في مصر من تدهور وتخلف وانهيار وهو ما قالته المحكمة في ديباجة الحكم. انقضاء الدعوي ويوضح المستشار حسين مسلم- رئيس محكمة الاستئناف- أن القانون حدد أسباب كثيرة لانقضاء الدعوة الجنائية منها أن الجريمة وقعت والمتهم توفي. وايضا التقادم الذي حكم به في قضية نجلي الرئيس المخلوع. مؤكدا ان قانون الاجراءات الجنائية في المادة 15 نص علي أن الدعوة الجنائية تنقضي في مواد الجنايات بمضي 10 سنوات من يوم وقوع الجريمة. وفي مواد الجنح بمضي 3 سنوات. وفي مواد المخالفات بمضي سنة. مبينا أن شراح وفقهاء القانون بينوا أن التقادم المسقط يعني مضي فترة من الزمن يحددها القانون تبدأ من تاريخ ارتكاب الجريمة ودون أن يتخذ فيها اجراء من اجراءتها. أو انها وقعت ونم الابلاغ عنها وتوقف البحث فيها حتي تم إيجاد الفاعل. وأشار الي أن موضوع الدعوة هو السبيل الوحيد لتقرير الادانة وتقرير العقوبة. مبينا انه عندما يغلق سبيل الدعوة يصير من المستحيل القول بان هناك اتهام أو ادانة أو براءة. ويضيف أن دور النيابة في النقض ينحصر في الوقوف علي مدي صحة ما اذا كان قد مضي المدة القانونية الخاصة بالعشر سنوات علي اخر تاريخ للدعوة ومدي توافر الشروط الخاصة بالتقادم. وهذا معناه ان هناك فرصة اخري في نقض الحكم فضلا عن الاحالة الي القضاء المدني لطلب التعويضات. حق القصاص وقال الدكتور سعيد أبو الفتوح- أستاذ الشريعة الاسلامية بكلية الحقوق جامعة عين شمس- ان الحكم لم يلبي طموح الجماهير التي كانت تريد القصاص من المسئولين عن الجرائم التي ارتكبت في حق الشعب المصري. مشيرا الي أن شهداء الثورة تجاوزوا الالف شهيد والالاف من المصابين والحكم ادان اثنين وبراء باقي المتهمين وهو ما صدم الناس بشدة. ويقول ان الحكم مرتبك في الاسباب التي بني عليها الادانة لانها هي نفسها اسباب تبرئة المساعدين. مضيفا أن الذي زاد من هول الصدمة تبرئة ابناء المخلوع من تهم استغلال النفوذ والجماهير اعتبرته غير منطقي لان الحكم ذاته دلل في مقدمته علي الجرائم التي ارتكبها النظام وراسه وابنائه في حق الشعب المصري. وأكد أن القاضي طبق حرفية النص وليس روحه. وحذر من خطورة الطعن علي الحكم بذات الادلة والمستندات لانها غير كافية ولا تصلح لتحقيق العدالة الذي ترضي الشعب المصري. وطالب الجماهير بالهدوء وعدم الانجرار الي الانفعالات غير المحسوبة والحفاظ علي سلمية الثورة المصرية. لافتا الي ضرورة الاستمرار في اتباع الطرق القانونية وجميع الاساليب الاجرائية التي تمكنا من جمع ادلة ادانة المسئولين عن قتل ابناء الشعب وتبديد ثرواته. واعتبر أن اهم فائدة تحققت عن الحكم هي كشف بقايا النظام امام الناس وفضح كل المرتبطين به والمتسترين علي جرائمه. مشيرا الي ان الفرصة مازالت قائمة ولم تهدر ويجب علينا أن نلتف حول اهداف الثورة ونلفظ فلول النظام في الانتخابات الرئاسية ولا نسمح ابدا باعادة انتاج النظام بأي شكل من الاشكال.