* يسأل هيثم علاء الدين من الملك الصالح: هل هناك تمييز بين نظام "الشوري" والديمقراطية الحديثة؟ ** يجيب د. أحمد كريمة استاذ الشريعة بجامعة الأزهر: يقال إن هدف العولمة المعاصرة تمكين النظام "الديمقراطي" بنمطه الغربي من الأخذ بالتعددية. وحرية الرأي في المجتمعات. وبغض النظر عن مفهوم "الديمقراطية" بمفهومها الغربي وأوجه القصور فيها لتأثرها بعوامل حزبية وإعلامية واقتصادية وقوانين من صنع البشر. وكلها مؤثرات لا تتسق في الواقع مع شعارات "الديمقراطية" لدي القوم. فإن الشوري في الإسلام لها سمات أهمها:- * الشوري في الإسلام جزء من الشريعة الإسلامية. * الشوري في الإسلام ليست لأي فئة بل لفئة مؤهلة تسمي "أهل الحل والعقد". * الشوري في الإسلام ليست غلبة حزب علي حزب. بل تقويم رأي لمصلحة الجماعة. * الشوري في الإسلام تتيح سوق البراهين ومناقشة الحجج والوصول إلي الرأي المستند إلي المصلحة بما لا يتعارض مع الأصول والثوابت الشرعية. إذا علم هذا: فإن الشوري من خصائص الحياة الإسلامية التي مارسها المسلمون بتطبيق عملي واقعي في جميع العصور. وقد قرنها الشارع الحكيم في كتابه الكريم بالصلاة دلالة علي أهميتها وملازمتها لحياة الناس قال الله - عز وجل - "والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شوري بينهم" وسمي المولي - سبحانه وتعالي - سورة من سور القرآن الكريم باسمها "سورة الشوري" والزم الحاكم المسلم بالشوري في جميع شئون الدولة "وشاورهم في الأمر فإذا عزمت فتوكل علي الله". وقد حرص رسول الله - صلي الله عليه وسلم - علي العمل بالشوري - رغم عصمته. في مواقف كثيرة كحفر الخندق ومعاملة أسري بدر. والخروج لصد عدوان الأعداء وغير ذلك كثير. والشوري من المنظور الإسلامي تهدف إلي عدة مقاصد منها: * تفاعل الآراء ووجهات النظر فيظهر الحق من الباطل. والصواب من الخطأ والصالح من الفاسد. * رأي الجماعة أفضل وأرشد من رأي الفرد. * إشراك الأمة في أمانة الحكم ومسئولياته. * تمحيص الآراء واختيار الأسلم منها. أما الوسائل: فالشوري في الإسلام تكون في الأمور الدنيوية بما لا يخالف صريح نصوص وقواعد الشريعة. والأمور الدينية القابلة للاجتهاد. أي ليس فيها نص قاطع صريح. والشوري في الإسلام تجعل الاختيار والافضلية للرأي الصائب المستند إلي الفكر السليم والعقل الراجح والنظرة الواعية الهادفة لمصلحة الجماعة في العاجل والآجل. بخلاف ما عند الغير من ارتكازها إلي الأغلبية العددية بغض النظر عن اعتبارات أخري. والإسلام بهذا رائد سابق لشوري بمعناها ووسائل مقاصدها السليمة والصحيحة. وليس المسلمين إذن بحاجة إلي نمط غير إسلامي يكون بديلا عن قيدتهم وشريعتهم وهويتهم.