إن ما حدث في مصر منذ أيام الثورة لم يتعد كونه قطعاً للمجموع الخضري لشجرة الفساد فقط. ولكن جذور الفساد ما زالت متغلغلة في الصخور والأتربة. واستكمال انتزاع الفساد لن يكون الا باستكمال واع لما بدأته الثورة من خلال منح مؤسسات الدولة الثقة كاملة والسعي بخطي ثابتة مهما كانت التحديات نحو استكمال المرحلة الانتقالية الحالية وانتخاب رئيس وتشكيل دستور يرقي لآمالنا وطموحاتنا ومكانة مصرنا الغالية. إن مصر لن تقوم لها قائمة إلا بسواعد أبنائها التي تبني وتعمر وبعقول وحكمة شيوخها. ورغم أنه قد فرقنا الجهل والهوي وحب المناصب والحرص علي الكراسي. وأصبح كل فصيل يري نفسه الأوحد المؤهل لحكم مصر. وكل جماعة وكل حزب يري أنه الأحق والأفضل. وأصبح الجميع يتسابقون ويتصارعون علي ما ينالونه من مصالح ولو كان علي حساب الدين فلعنة الله علي السياسة التي تجعلنا نتخلي عن أصولنا وثوابتنا. آن الأوان أن نطهر النفس من الأنا ومن رؤية النفس وأن نتجرد جميعا لله وللوطن. فرؤية النفس من أخطر الأمراض الفتاكة التي أصابت المجتمع المصري خلال العام الذي مضي. وتسببت في الفشل للجميع. والله سبحانه وتعالي لا يصلح الأمة بالفساد ولا ينصر الأمم الفاسدة. وقد حرصنا جميعا علي متابعة شاشات التلفاز الليلية والإنترنت وحتي صلاة الفجر. دون أن نفكر إن نركع لله ركعة. أهذه أمة تعز أو تنصر. إن التغيير الحقيقي لا يكون إلا بتطهير النفس ونبذ روح الكراهية. و أن مصر ليست ملكا للمسلمين فقط أو النصاري فقط. بل هي ملك للجميع وإسلامنا لم يكرهنا أو يلزمنا علي إكراه غيرنا في الدخول في ديننا ¢لا إكراه في الدين¢. وعلينا أن نعلم أن الجميع في سفينة واحدة ولن يستطيع الإخوان أو السلفيون أو الليبراليون أو أي فصيل سياسي أو ديني. أن يبني مصر وحده فهي تحتاج إلي تعاون الجميع لكن يجب أن نعي جميعا قول الشيخ الشعراوي ¢لن تكون كلمتنا من رأسنا إلا إذا كانت لقمتنا من فأسنا" ولكوننا نمر بمرحلة شديدة الحرج مليئة بالفتن فإنني أدعو جموع المسلمين في مصر بتوخي الحذر وعدم التعصب لشخص بعينه أو لحزب بعينه. لأن المشروع الإسلامي يتعرض لمؤامرة خطيرة وقد يخترق الصف بأناس يريدون ان يحدثوا فتنة في بلادنا وصراعا يكون بين الشرطة والشعب أو الجيش والشعب أو بين طائفة وأخري ولذا فعلي الشباب المسلم الاستماع لعلمائه وشيوخه الذين لا يريدون له ولمصر إلا الخير. وعليهم أن يدركوا أن المشروع الإسلامي لا يتوقف علي شخص بعينه. فالمشروع الإسلامي وتطبيق منهجه لن يتوقف علي محمد حسان أو غيره وأن رأيي ورأي غيري يُرَد ويقبل ويحتمل الصواب أو الخطأ» لذا عليكم أن تتمسكوا بالحق وتطبيق المنهج الإسلامي الذي يمر بمرحلة حرجة للغاية وليس بشخص أو فصيل أو جماعة بعينها» لأن الدعوة والمنهج أكبر من ذلك» لأنه لو مات وانتهي بموت شخص أو داعي له لكان من الأولي أن ينتهي بموت النبي الكريم. وليس لأحد أن ينصب للأمة أحداً إلا النبي صلي الله عليه وسلم . إن مصر تحتاج إلي كلمة فاصلة من القضاء العادل في كل أزمة تمر بها بلادنا والشعب المصري يريد أن يعرف الحقيقة كاملة بعيدا عن ضغط الإعلاميين والإسلاميين. وأن القضاء المصري العادل عليه مهمة صعبة للغاية في تلك المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد. وأن لديه الحل في المشاكل والأزمات الموجودة علي الساحة الآن. وذلك بإعلان الحقيقة والحق ليكون واضحاً وضوح الشمس في ضحاها» خاصة بعد انتشار التشكيك في كل مكان من ربوع مصر الغالية حتي وصلنا إلي "الشعب يشكك في الشعب. والكل يشكك في الكل" وليعلم القضاة أنهم موقوفون غدا بين يدي الله والقضاء العادل هو وحده الذي يستطيع أن يحل أزمات مصر العميقة فمصر تحتاج إلي قضاء دون أية ضغوط فالقضاء العادل سبب أساسي في الاستقرار والأمن والأمان. إن مصر تحتاج الحكمة من المجلس العسكري والحكومة والقضاء والعلماء والليبراليين والأقباط والمسلمين والمرشحين حتي تمر من هذه الأزمة المهلكة. وأن نتكاتف جميعاً حتي نرسو بالسفينة إلي بر الأمان ونقطع الطريق أمام كل مخرب يريد أن يحرق منزل أو يعتدي علي ضابط.ومصر تمر بأخطر مرحلة وبسيناريوهات معدة بأخطر مما تتصورون فنحن أولي بالمحافظة علي مكتسبات ومقدرات البلاد. مصر ليست ملكا لأحد أو مجلس عسكري أو مرشح أو وزير أو حكومة وعلينا جميعا أن نصحح مسار انتمائنا وليكن لله أولا ثم للوطن وألا يكن لشيخ أو حزب أو لمرشح . وعلي المسلم أن يكون أمينا علي بلده فلا يوجد مسلم وطني يحرق بلده أو يسفك دما فلا يوجد فرق بين حب الوطن وحب الدين. فالمسلم الصادق رجل وطني شريف. وإني لأؤكد دوما أن مصر لن تبني بالاعتصامات أو قطع الطرق بالرغم من مشروعية مطالب من يقومون بها. وإنما مصر تحتاج منا جميعا إلي العمل لأن مصر تحتاج إلي إعادة بناء أولاً وتسيير عجلة الإنتاج لكي نرفع من أوطاننا ومن شأنها» فشباب مصر ليس أقل من شباب اليابان أو شباب إيران. نعم مصر تمر بأزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية وغيرها كثير من الأزمات لكني أؤكد أن أخطر الأزمات في مصر علي الاطلاق هي الأزمة الأخلاقية» فالانفلات الإخلاقي متسبب في الانفلات الأمني والطبي والسلع التموينية وغيرها. أدعو و سأظل أدعو الإعلام إلي التخلي عن منهج الإثارة وإطلاق الشائعات التي تؤثر علي اقتصادنا واستقرار البلاد. وأن يختار منهج الإنارة والكلمة الصادقة. وأن يقوم الإعلاميون الشرفاء بدورهم في نشر الكلمة الصادقة وألا يروجوا شائعات قد تضر بسمعة البلاد أو سمعة أشخاص وألا يقولوا أقوالا إلا بعد التثبت منها فالكلمة في زمن الفتن أشد من السيوف.