قانون الحرابة المقترح في البرلمان هذه الأيام والذي طالب بعض الأعضاء بتطبيقه لمواجهة أعمال البلطجة التي اتسع نطاقها.. هو قانون شرعي من الحدود التي جاءت بها شريعة الاسلام الخالدة. وهذا هو المحك الحقيقي لتشغيب المشاغبين. وولولة المولولين من دعادة التغريب. وخصوم الشريعة. الذين يتصدرون المشهد الاعلامي اليوم خاصة برامج التوك شو!!! وهذا يدفع المحقق المدقق المنصف من الناس ان يحتار في الأمر اذ ما ضر القوم لو كانوا شرفاء من تطبيق مثل هذا الحد أو غيره. وما ضر أصحاب الدكاكين الحقوقية من تطبيق هذا الحد إلا اذا كانوا كما قال أحد الظرفاء من أنهم أول من تنالهم العقوبة المقررة في هذا القانون ربما لأنهم يمارسون أعمال البلطجة آخر النهار كعمل اضافي تحسينا للدخل مثلا!! أما انا فلا أعتقد ذلك ولا أذهب إلي ما ذهب اليه صاحبي الظريف. وانما أري ان الاعتراض علي هذا القانون من قبل هؤلاء يأتي نظرا لكونه قانونا شرعياً مستمداً من أحكام الشريعة الاسلامية التي يناصبونها العداء. أي أن هذا القانون أو غيره لو كان مستمدا من قوانين الغرب أو الشرق أو حتي من قوانين بتسوانا في الجنوب الافريقي لما قوبل بهذا الاعتراض اذ يزعم القوم أن هذه العقوبات وما كان علي شاكلتها عقوبات وحشية قاسية لا تناسب مدنية القرن العشرين. ولا تتلاءم مع نظريات علم الاجرام الحديث التي تنظر بدورها إلي الجاني باعتباره مريضا يستحق العلاج. لا مجرماً يستوجب العقاب!! وقد تناسي القوم أن الغاية من هذه الحدود هي الزجر والارهاب والتخويف ليس للمجرم مرتكب الجريمة فقط وانما لكل من في نفسه بذرة انحراف تدفعه لارتكاب مثل هذه الجريمة. وذلك عن طريق ميزان فطري حساس أودعه الله تعالي في كل نفس سوية تستطيع به الموازنة لا بين الخير والشر فقط بل تستطيع ان تفرق عن طريقه بين خير الخيرين واختيار أعلاهما وبين شر الشرين واختيار أدناهما ولنضرب علي ذلك مثلاً.. طالما جري مألوف العادة من لصوص المواصلات العمة حيث يقومون بممارسة نشاطهم الاجرامي في نشل وسرقة الركاب. فمجرد أن يسمع اللص منهم صوت أحد الركاب ينبه الضحية صارخا "حرامي" يقوم اللص علي الفور وبطريقة آلية ودون وعي بإلقاء نفسه من أقرب نافذة تقابله.. لماذا لأن الميزان الفطري الحساس الذي بداخله هو الذي دفعه إلي هذا الخيار باعتباره أخف الضررين!! مع امكانية ما قد يصيبه من هذه القفزة من كسور أو رضوض أو جروح لكنها في النهاية أهون ألف مرة من أن لو وقع في يد الركاب ففتكوا به. أو أوسعوه ضربا.. بالمثل لم نسمع عن لص قام بممارسة نشاطه وهو فوق متن طائرة وهي محلقة في الجو وقد اكتشفه أحد الركاب فصاح منبها فقام اللص بالقاء نفسه من أقرب نافذة تقابله في الطائرة لماذا؟ لان الميزان الفطري الحساس الذي نتكلم عنه قد حسم المسألة سلفاً وقد حدد له الخيار المناسب فكان أن يستسلم لأحذية الركاب ولكماتهم هو أخف الضررين بدلا من القفز- والحالة هذه- التي لا تعني إلا الموت المحقق. ثم أين العدل إذا كانت الرحمة المدعاة تسع كل أحد حتي الجاني ولا تضيق إلا بحق الضحية؟!! وأين حقوق الضحية مادام علم الاجرام الحديث ونظرياته تبالغ في توفير الضمانات الكافية للجاني المجرم وتغض الطرف عن حقوق المجني عليه عمداً عدوانا دون جريرة أو ذنب؟! أم أن المثل القائل "الحي أبقي من الميت" هو أحد المصادر المعتبرة لدي أصحاب هذه النظريات؟!! وأما ان كانت الأمور تقاس بنتائجها. والاشياء تقدر بخواتيمها كما يقولون العبرة بالخواتيم.. فدع الأرقام والاحصائيات الموثقة تخبرنا بذلك.. لقد حكم الملك عبدالعزيز آل سعود أربعة وعشرين عاما. فكم هي عدد حالات القطع التي وقعت بالفعل؟ تقول الاحصائيات الرسمية أن الأربعة والعشرين عاما لم تشهد إلا قطع 16 حالة ليس إلا. أي بمعدل حالة إلا ربع في العام مع ما حققه اقامة هذه الحدود في مملكة مترامية الأطراف كالسعودية ليسير الراكب فيها من أقصاها إلي أقصاها لا يخشي الا الله والذئب علي غنمه!! بعد ان كانت مرتعا للصوص وقطاع الطرق ولم يكن يسلم من عدوانهم أحد كائنا من كان حت ولو كانت قوافل الحجيج وزوار بيت الله الحرام.. فهل هذه النتائج نتائج مرضية بالنسبة لسماسرة حقوق الانسان. وتجار الأزمات والراقصين علي أنغام الدولار والدينار والدراخمة الموقرة؟!! أما أن الموضوع كله لا يمت إلي الموضوعية بصلة وانما هو علي طريقة "عنزة وإن طارت".