لست أدري هل أصدق ما يصدر بين الفينة والفينة من بعض الأمريكيين والأمريكيات والأوروبيين والأوروبيات من غرائب يستنكف العقل قبلها. أم أضرب بها عرض الحائط؟ وسبب غرابتي أنني كغيري من البشر في دنيا البشر نعرف أن هذه الشعوب متحضرة ومتقدمة علميا ومتدينة و"متكنلجة" - هذه من عندي يعني من "التكنولوجيا".. وأناس صنعوا المستحيل وحولوا معظم الخيالات إلي حقائق واقعة. وقهروا المستحيل في الكون كله برا وبحرا وجوا وتحت أطباق الثري "الغويرة" وفي أعماق المحيطات العميقة. وفي أجواء الفضاءات السحيقة. ولا أقدر أن أضرب بها عرض الحائط لأنها باتت حقائق ثابتة وواقعا معاشا لا تقدر أن تستنكره أو تصده أو تستبعده وأنت تقرأه وتري أصحابه عبر الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي رأي العين وإن بعدوا عنك كثيرا مساحة وجغرافيا.. ومن هذه الغرائب الموغلة في الغرابة زواج بعضهم بقطة أو كلب. والأشد غرابة أن تتزوج امرأة أمريكية تسكن في مدينة "سياتل". حمارا. نعم حمارا - أعزكم الله - ينهق بأقبح الأصوات كما عبر عنه خالقه وخالقنا: "إن أنكر الأصوات لصوت الحمير". وإذا سألت "الإنسانة" وبنت ستنا حواء الكريمة الشريفة أمنا وأم البشرية: لماذا تتزوجين من الحمار؟ تجيبنا المرأة: "إنها قررت الزواج من حيوانها المحبوب بعد حب جمع بينهما لمدة عامين" "بحسب موقع "روسيا اليوم"". بلعت قصة أمريكية أخري غريبة علي مضض وهي أن رجلا يضع "الثور" الذي يربيه ويحبه شاهدا علي زفافه من زوجته - الآدمية طبعا - وهي لم تمانع من ذلك وأحضروه معهما في مكان عقد القرآن ليكون شاهد علي الزفاف.. وقدم الثور المحترم لهما الخاتمين. ويبدو والله أعلم أن مشاعر الثور "نقحت عليه" فشعر بالتعب فأدار وجهه لهما وللفرح كله. وراح يستريح بعيدا عنهم.. وما أدراك أنه لم يتحمل الموقف الصعب في فراق حبيبه وصاحبه الذي أخذته منه "شيرون" زوجة "رونالد" صاحب الثور. ربما لم يكن يسبق هذه العجيبة الأولي إلا عجيبة أخري تمثلت في زواج أمريكية أخري في مدينة "سياتل" نفسها من "مبني مهجور" - أكرر مبني يعني منزلا يعني - بيتا - لا يفكر أحدكم أنه اسم زوج بني آدمي مثلا.. قد يكون لهذه حجتها في أن المبني الذي تجاوز قرنا من الزمان وقررت ذلك في محاولة منها لإنقاذ المبني من خطر التفكيك وبغية لفت أنظار السلطات والمجتمع إلي مشكلة إعادة بناء بعض الأحياء السكنية في المدينةالأمريكية.. لكن كيف تكون علاقة جنسية بين البشر والحمير وهل هذه حقيقة أم ضرب من الخيال؟؟ تشير الإحصاءات وهي علي نطاق ضيق في هذا المجال. وقد أجريت في الولاياتالمتحدة في أربعينيات القرن الماضي إلي أن حوالي 8% من الرجال و4% من النساء مارسوا - لمرة واحدة علي الأقل في حياتهم - علاقة جنسية كاملة أو جزئية مع حيوان. وهذه النسبة يتركز معظمها "40 - 50%" في المزارع والأرياف. إن الزواج في شريعة الإسلام شيء مقدس وقد عبر عنه ربنا خالق الذكر والأنثي بأنه "ميثاق غليظ". واحترم الغريزة التي جبل عليها كل من الذكر والأنثي. فقننها وشرع لها من الآداب والضوابط ما لم يبزه فيه دين آخر. وقد قنن فقهاؤنا الإسلاميون الكرام ضوابطه وشروطه الشرعية. وكان من أبرزها الكفاءة بين الزوجين - وهما آدميان وليسا آدميا وحيوانا - والمتتبع لأقوال الفقهاء يري الدقة في هذه الأمور وهم يستقون كلامهم من حادثة جليلة تنم عن حرية كاملة في أن يختار الطرف الآخر - الأنثي - شريك حياته - الرجل - بمحض إرادته وكامل حريته دون إجبار أو إعضال. تتمثل تلك الحادثة في تلك الفتاة التي أتت إلي رسول الله - صلي الله عليه وسلم - تخاطبه بعقلانية وحرية تامة وهي ترفض أمر زوجها الذي يريد تزوجها من ابن عمها. وهو ليس كفؤا لها وإنما كما قالت: "ليرفع به خسيسته" - أي نقص عنده أو أمر محتقر كما هو معلوم لغويا - وهذا في رأيي خسران لكفة الكفاءة بين الزوجين. حتي وإن كانت بين الأقارب من أبناء العمومة وأبناء الخؤولة مثلا.. والأجمل في القصة أن رسول الله - صلي الله عليه وسلم - أقرها علي رفضها ولم يجبرها علي طاعة والدها - مع أن الطاعة واجبة ولها ثقلها الأخلاقي في ميزان الإسلام. سؤال عَنّ في ذهني الآن: هل يحق للفتاة أن تفصح عمن تريد الزواج منه؟ بالطبع يحق ويسوقها الظرف التي تعيشه إما بالتلميح أو التصريح والتلميح ورد علي لسان ابنة شعيب مع موسي إذ قالت لأبيها: "يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين". وذلك بعد أن رأت في موسي "القوة" رفع غطاء البئر ليسقي لها ولأختها غنمهما بيده والغطاء يرفع رجال كثر قيل إن عددهم يصل للأربعين. و"الأمانة" حين طلب منها ألا تمشي أمامه بل خلفه وترمي بحجر يميناً فيذهب يمينا أو يساراً فيذهب يسارا. بعد أن جاءت مرة أخري تدعوه لزيارة أبيه: "إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا". أما التصريح فكان للمرأة التي أتت لرسول الله - صلي الله عليه وسلم - وهو في مجلسه بين أصحابه تعرض عليه صراحة الزواج منها في قصة لها دلالتها القوية الواضحة علي إبداء الرأي بحرية تامة في اختيار شريك الحياة أيضا. وقد صوب رسول الله - صلي الله عليه وسلم - النظر إليها ولم يرد عليها ولما طلب صحابي من الجلوس أن يتزوجها وافق رسول الله - صلي الله عليه وسلم - وأمره أن يمهرها لو بخاتم من حديد في قوله: "التمس ولو خاتما من حديد".. هذا كله في الرجل أي الإنسان وارتباطه بالمرأة أي الإنسانة أيضا. لكن الزواج من الحمار - يا بني آدمين - لم تقره شريعة سماوية. ولا عرف اجتماعي سديد. ولا عقل بشري رشيد. إنما أقرته حضارة الخواء الروحي التي آمنت بالكفاءة في كل شيء. وجعلت أصحابها يتخبطون خبطاً عشوائياً في أخلاقهم وسلوكهم وتربيتهم.. أيتها الشعوب المتحضرة.. ارحمونا من تقليعاتكم الشاذة.. فلو بدأ التنازل في الأخلاق الفاضلة والحميدة - كما هو الواقع الآن - فأبشركم بانهيار تلك الحضارة. وسيأتي عليها يوم يخر سقفها عليكم من فوقكم. وتصبح أثرا بعد عين.