بمرور يوم 19 مارس الماضي يكون قد مضي علي رحيل فضيلة الإمام الأكبر الشيخ جاد الحق علي جاد الحق -شيخ الأزهر الأسبق ستة عشر عاماً .. ذلك العالم الكبير الذي غيّبه الموت عن دنيانا تاركاً وراءه ذخيرة وفيرة من العلوم الدينية الإسلامية والمواقف الذاخرة التي يندر أن يقوم بها الرجال في هذا الزمان. الغريب أن ذكري وفاة الإمام الراحل والعالم الفقيه مرت وكأن شيئاً لم يكن.. المؤسسات الدينية تناست. والفضائيات تجاهلت والاعلاميون انشغلوا عن إحياء ذكري هذا العالم والفقيه الذي خدم دينه قدر طاعته لله ومات من أجل إحياء الأزهر ونشر تعاليمه ومبادئه.. لكن مرت الذكري دون أن يتذكره أحد!!! وإيماناً من "عقيدتي" بفضل هذا الرجل وما قدمه لدينه وأمته.. وإحياء لذكري العلماء لم تنس هذا العالم الكبير الذي أرجع للناس أخلاق دينهم. وما نقدمه في هذه السطور .. جزء من كل. ونقطة من بحر أعمال وعظيم سيرته.. فتراث الإمام -رحمه الله- لا تكفيه الكلمات ولا الصفحات. علي مشارف قرية بطرة من جهة الطريق الزراعي استوقفت سيارة ملاكي كي توصلني لمسجد ومجمع الشيخ جاد الحق علي جاد الحق. وحينما علم صاحب السيارة أن "عقيدتي" حضرت لتحتفل بذكري الامام قال الرجل: ياه.. فيه حد لسه فاكر الإمام الأكبر.. الدولة ورجال الأزهر نسوا هذا العالم الزاهد العامل. أين تراثه. أين علمه. أين ذكراه. أصر الحاج حمدان أبوالفضل أن يوصلني للمسجد وأخذ يقول: لو كان الامام فنان فئة ثانية لانتقلت الاذاعة والتليفزيون المصري. وكذلك الفضائيات العربية لإحياء ذكراه. ألم يكن الامام الأكبر الشيخ جاد الحق رمزاً وطنياً عنيداً. فكان أول من أفتي بعدم زيارة القدس وهي محتلة. ورفض الذهاب للأرض المحتلة بتأشيرة إسرائيلية. وكان أول من أفتي بذلك بعد معاهدة السلام. أضاف: طلاب العلم الوافدون للتعليم بالأزهر من باكستان وسنغافورة. وماليزيا ودول أخري عندهم وفاء للشيخ عن المصريين. ففي الوقت الذي انعدم فيه الوفاء نجد هؤلاء يأتون من جميع أنحاء العالم لزيارة ضريح الشيخ جاد الحق والترحم عليه والدعاء له.. ويخص الرجل الاعلاميين الذين أسقطوا من ذاكرتهم شيخ الإسلام وإمام المسلمين. ووجه الحاج حمدان عتابه للاعلامي توفيق عكاشة الذي ذكر في قناته أن الشيخ جاد مات مسموماً.. مؤكداً أنه لا صحة لهذه الاشاعة وأن هذا الكلام كذب وافتراء. لأن الشيخ -عليه رحمة الله- كان محبوباً من الجميع داخل مصر وخارجها. ومن المقربين له أيضاً. وفي مسجد الإمام الشيخ جاد الحق قال الشيخ رجب شعبان يونس "مقيم شعائر المسجد": شكراً لجريدة "عقيدتي" الغراء التي مازالت تحرص علي تكريم الشيخ جاد الحق. وذكر ان الشيخ رحمه الله كان يفضل "عقيدتي" ويخصها بكتاباته ومقولاته وفتواه.. ووجه عتابه للاعلام المصري قائلاً: لو أن الذكري تخص ذكري العندليب الأسمر لعلم بها كل المصريين نظراً لتقديمها علي جميع وسائل الاعلام -مرئي ومقروء ومسموعاً. من جانبه قال الحاج منصور محمد الليثي مدير جمعية الحق الخيرية: إن الجمعية برئاسة الدكتور علي جاد الحق "نجل الإمام" تقدم لأبناء القرية والقري المجاورة خدمات اجتماعية تنفيذا لوصية الشيخ جاد الحق تتمثل في: مساعدات زواج الأيتام وغير القادرين. كما تقدم الجمعية خدمات طبية من خلال المجمع الطبي الذي يحمل اسم فضيلته أيضاً في جميع التخصصات.. فنقوم بتوقيع الكشف الرمزي ويتحمل المجمع تكاليف العمليات الجراحية لغير القادرين.. وعن تحفيظ القرآن أكد المهندس شعبان عبدالمعطي المدير العام بمشيخة الأزهر وأمين الصندوق بالجمعية والمجمع: ان الجمعية تقوم بالإشراف علي فصول تحفيظ وتجويد القرآن الكريم طوال العام وفي الاجازة الصيفية مجاناً لطلبة المعاهد الأزهرية والمدارس وكذا كبار السن وفي ختام المشروع تقوم الجمعية بمشاركة أئمة ودعاة الأزهر والأوقاف من أبناء القرية بإقامة احتفالية كبري بهذه المناسبة لتكريم الحفظة بتقديم الجوائز المالية والعينية وذلك بحضور أبناء الشيخ د. علي والعميد مدحت والكابتن ماجد. مفاجأة وفي مفاجأة سارة. قام المهندس شعبان بإخراج العدد التاريخي من جريدة "عقيدتي" رقم "173 السنة الرابعة بتاريخ 19/3/1996م. عدد خاص بمناسبة رحيل الشيخ جاد الحق".. مؤكداً أن أغلب أهالي القرية مازالوا يحتفظون بهذا العدد نظراً لحبهم للشيخ -عليه رحمة الله- الذي قدّم لهم العديد من الأعمال النافعة. منها المعهد الديني والمجمع الطبي. والمستشفي والجمعية الخيرية. والمستشفي المركزي.. مؤكداً أن الإمام قدم هذه المشاريع لأهالي قريته قبل رحيله تحقيقاً لرغبته في مهمتها الأساسية وهي محاربة المرض والجهل. ويلتقط الشيخ رزق فرج محمود إمام وخطيب مسجد الشيخ جاد خيط الحديث ليؤكد أن الشيخ قال يوماً: "علمان تجرأ عليهما كثير من الناس. الطب والدين. أما الذي يتجرأ علي الطب فمثلاً تجد الرجل حينما يصاب بشيء تجده يأخذ دواء من تلقاء نفسه. وكذلك تجد اللجوء من البعض لأساليب أخري مثل الشعوذة والسحر والدجل بعيداً عن الطرق العلمية السليمة". وعن التجرؤ علي الدين قال: يكفي ما نراه من تخبط علي الفضائيات للبعض مما يؤكد صدق ما قاله الإمام الراحل الشيخ جاد الحق. ويناشد أهالي قرية بطرة مسقط رأس الشيخ جاد الحق قيادات الأزهر الشريف بإعادة طبع كتاب "الفتاوي" للشيخ جاد الحق في ذكراه. والإفراج عن كتابه الذي صودر في السابق "بيان للناس". كما يتوجهون عن طريق "عقيدتي" بالعديد من الاستغاثات للقائمين علي زمام الأمور في البلاد حالياً باستعادة صلاحيات مستشفي الشيخ جاد الحق المركزي الذي بناه الشيخ علي نفقته الخاصة الذي كان يضم وحدة غسيل كلوي كاملة مزودة بأحدث الأجهزة التي تبرع بها رجل الخير الكويتي أحمد اللهيب. والمستشفي كان تجري به العمليات الجراحية لأبناء القرية والقري المجاورة.. كما كان بالمستشفي تأمين صحي شامل للطلبة والموظفين. بالإضافة إلي وجود العيادات الخارجية. وقسم استقبال طواريء. شأنه شأن المستشفيات المركزية علي مستوي الجمهورية. وللأسف فوجيء أهالي القري عقب وفاة الشيخ جاد الحق بإلغاء المستشفي ونقل أجهزته وقاموا بنزع اسم الشيخ من علي المستشفي الذي تكلف وقتها أكثر من مليون جنيه علي نفقته. ووضعوا لافتة أخري مكتوباً عليها "وحدة طب أسرة بطرة". كما قاموا بتقليص كافة الخدمات. حدث رغم أن الشيخ الذي أفني حياته لخدمة الإسلام والمسلمين. والذي كان علي علاقة بالقرية حيث كان يشاركهم في أفراحهم وأطراحهم. وفي المناسبات والأعياد وكان ينزل في منزله بالطوب اللبن ولم يبن إلا بعد وفاته. وبدلاً من أن يقرأوا قول الله تعالي: "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان" تناسوا مكانة الإمام الراحل وأهملوه وأهملوا ذكراه وسحبوا مستشفاه. رحم الله الإمام الشيخ جاد الحق علي جاد الحق بقدر ما قدّم لخدمة الإسلام والمسلمين.