اندلع التوتر والعنف مجدداً في محيط ميدان التحرير في أعقاب مذبحة بورسعيد الآثمة. وتواصلت الاشتباكات العنيفة بين قوات الأمن والمتظاهرين في كل الشوارع المؤدية لوزارة الدخلية. وأصبح السؤال المطروح بقوة والذي يثير الجدل: لماذا تصر هذه الحشود علي اقتحام الوزارة؟ والذي يؤكد أهمية التساؤل هو نفي جميع الائتلافات والحركات السياسية مسئوليتها عن هذه الأعمال وتأكيدها علي التظاهر والاعتصام بالميدان فقط. وتحذيرها من استغلال بعض الجهات الفاسدة الموقف للقيام بأعمال تخريب تستهدف المنشآت العامة ومؤسسات الدولة. والحقيقة أن هذا التخوف جدي ويعد الأكثر خطراً علي الثورة وكيان الوطن إذا لم يعالج الموقف بعقل وحكمة ويتم طرح حل حقيقي للأزمة خلال الأيام القليلة القادمة. أكد الدكتور فؤاد محمد موسي - أستاذ القانون الدستوري بجامعة أسيوط - أن أمن الوطن ليس مسئولية الشرطة فقط. ولكن مسئولية جميع ابنائه ومؤسساته. وطالب بتدخل مجلس الشعب بكامل هيئته وانتقاله إلي موقع الاحداث الساخنة بالقرب من وزارة الداخلية والقيام بعمل حائط بشري لفض أي اشتباك بين الشرطة والثوار. والتمكن من التعرف علي حقيقة من يقوم بالاعتداء علي وزارة الداخلية. والتأكد من أنهم من الخارجين علي القانون. بحيث يتكاتف الجميع في القبض عليهم ومحاكمتهم وبين أن الخروج من الأزمة وضمان استقرار المجتمع بفرض اقالة حكومة الدكتور الجنزوري. ومحاكمة وزير الداخلية الحالي. مضيفا أن تحقيق الأمن والعدل والقصاص من أهداف الثورة والمجزرة التي راح ضحيتها العشرات من شباب الوطن لا يمكن التهاون في التعامل مع المسئولين عنها سواء مرتكبيها ومنفذيها أو الاجهزة التنفيذية المقصرة وفي مقدمتها محافظ بورسعيد والقيادات الأمنية بالمحافظة. وقال إن المساءلة يجب أن تشمل المسئولين في اتحاد الكرة. موضحاً أنه يجب تأمين المباريات الرياضية وأي تجمعات فيها تجمهر. وتقديم تعويضات مناسبة لأسر الضحايا من الشهداء والمصابين تتناسب مع جسامة عملية الغدر التي تعرضوا لها واصابت المجتمع كله بالحزن والخوف. ويضيف أن تكاتف جميع الاجهزة في سرعة القبض علي المجرمين الحقيقيين يساهم بدرجة كبيرة في تهدئة الاوضاع وعودتها لطبيعتها. مشيراً إلي ان هناك مجموعة إجراءات يجب اتخاذها لحماية المجتمع وثورته منها تشكيل محكمة ثورية لمحكمة رموز النظام السابق وتكون لها كافة الصلاحيات وأيضا تسليم السلطة للسلطة المدنية المنتخبة وهي مجلس الشعب الذي يمثل الشرعية الحقيقية. وعدم التعجل في إجراء الانتخابات الرئاسية قبل وضع الدستور حتي تكون صلاحيات رئيس الدولة واضحة والانتهاء من اختيار نظام الحكم سواء كان برلمانياً أو رئاسياً. ويري الدكتور صلاح الراوي. أستاذ الأدب الشعبي بأكاديمية الفنون وأن ما يحدث من عنف هو محاولة جديدة لؤد الثورة والقضاء علي مكتسباتها. مؤكداً انه لا مفر من مواصلة النضال الثوري لمواجهة المخططات الشيطانية التي يقوم بها النظام شبه المخلوع الذي يقاوم بضراوة ضد محاولات محاسبته وتخليص الوطن من فساده. أزمات متوقعة أوضح أن الأزمات التي تحدث متوقعة لأن الثورة اشتعلت بدون قيادة أو خط. مضيفاً أن استكمال الثورة وتحقيق كامل أهدافها يفرض علينا الصبر والتمهل ودراسة الموقف وحساب التحركات والتعامل مع التحديات بجدية لأن مشوار التحول الديمقراطي بدأ وكلفته تضاف إلي الرصيد الضخم من التضحيات التي قدمها الشعب المصري الذي ثار من أجل نيل حقوقه. وقال إن الجماعة الثقافية ليس لها دور أو تأثير في مجريات الأحداث. واصفاً النخب الفكرية بالانتهازية وصانعة الكوارث. وكشف أن الجماعة الثقافية خائفة ومنسحبة من الاحداث لإدراكها أنها ليس لها تأثير. وأيضا لكونها تبحث عن مواضع اقدام لمصالحها علي غرار ما فعلته في الماضي من التحالف مع السلطة والتضامن مع افعالها والتكريس للديكتاتورية. وأشار إلي أن الحرائق التي تشتعل من حين لآخر تتم بفعل تحالف الفساد والمنتفعين وبقايا النظام البائد وأعوانه الذين مازالوا في السلطة وعلينا ان نسعي بجد للكشف عن أركان هذا التحالف واظهاره للناس حتي نستطيع المضي قدماً والانتهاء من المرحلة الانتقالية. ويؤكد الأديب محمود رمضان الطهطاوي. أن اصابع الاتهام موجهة إلي فلول النظام السابق وكل المتهمين نزلاء سجن طرة وعائلة الرئيس المخلوع. وقال إن انهاء دوامة الفوضي المصطنعة والعنف الممنهج الذي يثير القلاقل في المجتمع يتحقق بمحاكمة هؤلاء محاكمة سريعة لنتخلص من الرأس المدبر وقطع أي أمل لهم في الافلات من المحاسبة. وأضاف أن الجهات التي تقوم بأعمال البلطجة والتخريب تستهدف ارباك الوطن ووضع العقبات أمام الاصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية حتي لا تتم. ومعلوم للجميع من الذي يمولها ويستفيد من استشرائها وليس من المقبول أو المعقول أن نظل صامتين علي تقويض مصر. مشيراً إلي ضرورة الإسراع بانتخاب الرئيس حتي يكون للدولة كيان ومسئول نحاسبه. وعودة الجيش إلي سكناته فقد أدي دوره علي أكمل وجه وشارك الثوار في نجاح ثورتهم. فلا يجب أن نسمح بتخوين الجيش والمجلس العسكري. بل يجب أن نشكره علي ما قام به. استنكر الدكتور ابراهيم الياس. عضو مجلس النقابة العامة للمحامين ورئيس اللجنة السياسية. العدوان علي الأمنين ومخططات الترويع التي تزعزع الأمن والاستقرار. واعترض علي محاولات الاضرار بمؤسسات الدولة وتخريبها والعبث بأمن المواطن. وقال إن التاريخ لن يرحم كل من أفسد وتهاون في حق هذا الوطن. وشدد علي أهمية بذل مزيد من الجهود لإصلاح القضاء وتطهيره لتحقيق العدل لأنه الدعامة الحقيقية للإصلاح والاتجاه بكل قوة إلي الانتاج والعمل والتنمية الاقتصادية والاجتماعية. الاستخفاف بالعقول ورفض الروائي أحمد زغلول الشيتي. كافة المقولات التي تسطح الأمور وتستخف بعقل المواطن المصري تروج لمقولة العنف الذي يهدد استقرار المجتمع باعتبارها عبارة كلية تستخدم هكذا بسوء نية لترويع الناس ودفعهم للتسليم بمخططات الثورة المضادة. وقال إن العنف والوحشية التي يتعرض لها المواطن المصري منظمة وممنهجة يمارسه تحالف عريض ما بين من هم في الحكم سواء من داخل المؤسسة العسكرية أو جهاز الشرطة أو من اقطاب النظام السابق في معتقل طره واتباعهم من كبار المليارديرات الذي يملكون جيشاً من ميليشيات البلطجة. ولفت إلي أن تحالف المنتفعين من الفساد إلي الأذهان أساليب الديكتاتوريات العسكرية في العالم الثالث في عنفها وتوحشها. حيث تتحول مباراة كورة إلي مجزرة أو تستخدم أسلحة كيماوية ضد المتظاهرين علي غرار ما حدث في محمد محمود والصاق التهم بالمجهول. مبيناً أن البعض يتحدث عن الحفاظ علي مؤسسات الدولة باعتبارها مباني ولا يعنيه محتواها الإنساني والقانوني ويغفل عن عمد ان هذه المؤسسات مملوكة للشعب المصري وينبغي ان تكون في خدمته. ويقول إن جيلا جديداً قد ولد يوم 25 يناير. ويختلف وعياً وحساً عن الاجيال التي سبقته ويمتلك تجربة فريدة وتمكن من القفز بقوة التقنيات الحديثة إلي المستقبل بنظرة إنسانية مصرية شاملة. مضيفاً أن هذا الجيل لا يزيده القمع إلا بسالة وتضحية ومشكلة القوي المتربصة بالثورة إنها غير قادرة علي فهمه سواء كانت من بقايا النظام القديم ممثلة في السلطة كالمجلس العسكري والداخلية أو كانت خارج السلطة كالاحزاب الورقية التي هادنت النظام وساومته طويلا حتي فقدت صوتها واحترامها أو الجماعة التي استغلت الثورة لتمتلك ورقة تبيعها للمجلس العسكري أو لأي كان. ويؤكد اننا أمام ثورة سلمية تعاني من الاعاقة والقمع والمؤامرات والمذابح والخيانة لذلك هي متعددة المراحل تصعد حيناً. ثم تهبط بفعل فاعل وتكتسب أرضاً جديدة بعد فترة من السكون لكنها مستمرة وبزخم مختلف يبدع اشكالا جديدة من المقاومة وبقدرة هائلة علي التضحيات. ويوضح أن انتقال السلطة إلي المدنيين سواء في شكل انتخابات رئاسية أو مجلس رئاسي مدني هو المخرج الأمن للوطن. بحيث تستكمل ما تبقي من الانتقالية واختيار آليات تكوين لجنة تأسيسية لكتابة الدستور.