. يقول سبحانه وتعالي: "فأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمي علي الهدي" قال "هديناهم" أي دللناهم علي الهدي. دلهم علي الخير. دلهم علي النور. وهو يعني أنه ترك لهم الخيار. لكنهم اختاروا الظلام. السواد. العمي. وهو مايعني أن الله لا يرغم الناس علي الهداية وكان سبحانه وتعالي قادراً علي ذلك فلماذا يصر البعض علي قتال غيره بدعوي الهداية؟ لا هداية لمن لا يريد أن يغير ما بنفسه. وقد استخدم الله كلمة "استحبوا" وهي تعني أنه ترك لهم الخيار. لم يرغمهم علي شيء. كونك تجد شخصا يريد ان يهديك بالعافية. أهو أعلم أم الله؟ أو أقدر أم الله؟ أهو صاحب الدين أم الله؟ إن الله هو الذي خلقنا ويعرفنا جيدا ومع ذلك خيرنا بين الخير والشر. بين الكفر والإيمان. بين الشرك والعبادة. إن ذلك يبدو واضحا مؤكداً في كلمة "استحبوا" فاستحبوا معناها اختاروا. اختاروا بأنفسهم العمي علي الهدي. فإذا كان الله لم يرغم الناس علي الهداية وكان يقدر علي هدايتهم غصبا عنهم فلماذا يصر الناس علي ذلك؟ لماذا يصرون هداية غيرهم بالعنف والقسوة؟ لقد ترك الله حرية العقيدة لعباده. وكان يستطيع أن يلوي أعناقهم إنها ديمقراطية السماء التي لم يتعلمها المتطرفون الذين تصوروا أنهم يمكن أن يصلوا إلي هداية الآخرين بالعافية. وفي الوقت نفسه بسط الله يده ليتوب كل من أذنب وليؤمن كل من كان علي الشك. فمن يملك قدرة أكبر من قدرة الله حتي يستخدم العنف لهداية الناس؟ ولو استطاع هذا الشخص السيطرة علي البدن بالحبس والقوة والجلد والتعذب والتخريب والتفجير فهل يستطيع ان يفتح القلوب ويدخل فيها الإيمان؟ إذن مبدأ الهداية بالقوة ليس إرادة إلهية ولا سلوكاً نبوياً ولا تراثا تركه لنا السلف الصالح. ولا طائل منه إلا إذا كان الأمر يتعلق بالتعلل خدمة لغرض ما. غرض آخر. يجعله يبالغ في العنف. فمن يشرب سيجارة يكفرونه. ومن يبتسم يقتلونه. فالحرق عندهم أسهل من الإصلاح يقول سبحانه وتعالي: "إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله" لا نملك في الدعوة إلي الله إلا الحكمة والموعظة الحسنة والحوار بالتي هي أحسن. وهي أدوات ثقافية عالية لا تتوافر إلا في عدد قليل من البشر. أما التدمير والحرق والتخريب فلا يحتاج إلي هذه القدرات. يحتاج فقط إلي سلوكيات همجية. بربرية. بلطجية. ولا حول ولا قوة إلا بالله.