منتخب السعودية يودع الكأس الذهبية بعد الخسارة أمام المكسيك    ارتياح بين طلاب الدقي بعد امتحان الإنجليزي: سهل يتقفل    عقاب قاسٍ على سرقة هاتف.. ضبط زوجين اعتديا على طفلهما بسبب السجائر في الشرقية    جامعة القاهرة تعلن: EZVent أول جهاز تنفس صناعي مصري يحصل على الترخيص التجاري    علماء بريطانيون يتوصلون إلى تأثير سلبي لأحماض أوميجا 3 الدهنية على الالتهابات    الرعاية الصحية: نجاح زراعة منظم دائم لضربات القلب بمستشفى رأس سدر    تصل 100%.. تعرف على خصومات أبناء الشهداء والمصابين بتنسيق الجامعات 2025    إضافة تربية تعليم ابتدائي الأقصر وفنون تطبيقية النوبارية لتنسيق الجامعات 2025    10 تحاليل طبية مجانية لأعضاء نقابة الصحفيين حتى نهاية 2025    دعم نفسي.. تحرك من "الصحة" بشأن أسر ضحايا حادث المنوفية    كامل الوزير لمصراوي: أتوجه الآن إلى الدائري الإقليمي وسأعزي أسر الضحايا    بالصور| كريم محمود عبدالعزيز وأسماء أبو اليزيد وأحمد غزي في العرض الخاص ل"مملكة الحرير"    كارمن سليمان تتألق في أحدث ظهور لها (صور)    هل النمل في البيت من علامات الحسد؟.. أمين الفتوى يجيب    الأزهر للفتوى يوضح معني قول النبي" الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ"    ارتفاع جماعي لمؤشرات البورصة بمستهل جلسة اليوم    محافظ المنيا: ارتفاع حصيلة توريد القمح إلى 511 ألف طن    مقال في جيروزاليم بوست: الله وحده أنقذ إسرائيل من إيران    تقارير: روسيا تستهدف مناطق أوكرانية بعيدة عن الخطوط الأمامية    أفضل الأدعية لطلب الرزق مع شروق الشمس    طلب إحاطة لوزير النقل بشأن عدم استكمال بعض الطرق وتسببها في إهدار أرواح المواطنين    إعلام عبري: إيران جنّدت مستوطنا لاغتيال وزير جيش الاحتلال كاتس    اتهام الفنان وليد فواز بالاعتداء على محاسب بسبب خلاف مرورى بحدائق الأهرام    حدث ليلًا | تشيلسي يتأهل.. وتل أبيب تشتعل.. ومسيرات إسرائيلية بإيران    45 دقيقة تأخيرات القطارات بين قليوب والزقازيق والمنصورة    موقف محرج لشيرين عبد الوهاب على مسرح مهرجان موازين (فيديو)    مي عمر شعبية في مسلسلها الجديد برمضان 2026    رحلة نقل ملكية السيارة تبدأ من هنا.. إليك المستندات المطلوبة    «واخدلي بالك» على مسرح قصر ثقافة العريش    بكام الطن؟.. أسعار الأرز «الشعير والأبيض» اليوم الأحد 29 يونيو 2025 في أسواق الشرقية    النائب عاطف مغاوري: أزمة الإيجار القديم تحل نفسها.. وستنخفض لأقل من 3% في 2027    مشاركة متميزة لشركات وزارة قطاع الأعمال في معرض "صحة إفريقيا Africa Health ExCon 2025"    هل يجوز الخروج من المنزل دون الاغتسال من الجنابة؟.. دار الإفتاء توضح    ما أفضل صدقة جارية على روح المتوفي.. الإفتاء تجيب    فينجر: بدون ميسي لن يتأهل إنتر ميامي لهذا الدور    مدرب بالميراس: سنقاتل حتى النهاية من أجل حلمنا في كأس العالم للأندية    البحرين ترحب باتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا وتشيد بدور واشنطن والدوحة    اكتشاف فيروس جديد في الخفافيش أخطر من كورونا    بصور شهداء فلسطين ورسالة لينا الظاهر.. كايروكى يدعمون أهل غزة من استاد القاهرة    شاب يقتل والدته ويدفنها في أرض زراعية بالمنيا    بعد توقف 116 دقيقة.. تشيلسي يفوز برباعية ويتأهل لربع نهائي مونديال الأندية على حساب بنفيكا    ماسك يحذر من «انتحار سياسي» سيسبب ضررًا هائلًا للولايات المتحدة (تفاصيل)    كأس العالم للأندية.. إيقاف مباراة تشيلسي وبنفيكا بسبب الظروف الجوية    «لسة اللقب ماتحسمش».. مدرب بيراميدز يتشبث بأمل حصد الدوري المصري    بعد توصية طارق مصطفى.. رئيس البنك الأهلي يعلن رحيل نجم الأهلي السابق (خاص)    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل قياديين في "حزب الله" بغارات جنوب لبنان    بعد فشل توربينات سد النهضة، خبير جيولوجي يحذر من حدوث فيضانات بالخرطوم قريبا    عيار 21 الآن.. آخر تحديث لأسعار الذهب اليوم في عطلة الصاغة الأحد 29 يونيو 2025    تنسيق الثانوية العامة 2025 محافظة كفر الشيخ.. الحد الأدنى للقبول    5 أبراج «ناجحون في الإدارة»: مجتهدون يحبون المبادرة ويمتلكون رؤية ثاقبة    للتعامل مع القلق والتوتر بدون أدوية.. 5 أعشاب فعالة في تهدئة الأعصاب    «وقعوا في الترعة».. إصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بالقليوبية    موعد اعتماد نتيجة الشهادة الإعدادية بمحافظة قنا    رئيس جهاز مدينة حدائق أكتوبر: تسليم وحدات مشروعي «810 و607 عمارة» قريبًا    نشأت الديهي يوجه عتابا لرئيس الوزراء بعد حادث المنوفية: كان عليه تقديم واجب العزاء    رونالدو: الدوري السعودي ضمن أفضل 5 دوريات بالعالم    الحكومة الإيرانية: مقتل 72 امرأة وطفل إثر العدوان الإسرائيلي على البلاد    بنفيكا ضد تشيلسي.. جيمس يفتتح أهداف البلوز فى الدقيقة 64 "فيديو"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصطفى محمود يخرج من التابوت
نشر في المصريون يوم 31 - 10 - 2009

لا أؤمن بقول الشاعر ، الذي يستشهد به دائما في رثاء الأحباب :
والموت نقاد على كفه ..... جواهر يختار منها الجياد
لأن الموت في الحقيقة لا يختار ولا ينتقي ، ولكن ينال الجميع بلا استثناء ، فهو المصير المحتوم لكل موجود إلا رب الوجود ، والفارق الوحيد هو في الميعاد ، قد يأتيني أنا اليوم ويأتيك أنت غدا ، ولكن الحكماء قالوا كل آت قريب ، والبعيد ما ليس بآت. وإذا كان الشاعر نفسه الذي قال البيت السابق ، وهو ابن النبيه المصري ( 560 – 619 هجرية ) ، قال قبله :
الموت للناس كخيل الطراد .... فالسابق السابق منها الجواد
فالواقع أيضا أن مسألة السبق هذه مسألة نسبية بحتة ، وما أعتقده هو أن يتمنى المرء حسن العاقبة وحسن الختام ، وينتبه قبل أن تسرقه الأيام ، فأما العمر طوله وقصره ، ومتى تأتي للإنسان ساعته ، فليدع ذلك لمن قال سبحانه في محكم كتابه : "وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت" ، ولمن قال جل في علاه : "ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها " ، صدق الله العظيم.
مات مصطفى محمود ..
هذا ، بمنطق الناس والأعراف السارية ، ولكن بمنطق آخر يمكنني القول من وحي عنوان أحد كتبه إنه "خرج من التابوت" !
نعم ، خرج مصطفى محمود من تابوت الدنيا الضيق المعتصر للنفس بالآلام والهموم إلى رحابة الآخرة والأمل في رحمة الرحمن الرحيم.
هذه ليست مقالة تذكر سيرة الرجل وأعماله ومآثره ، أو تسرد كتبه ومقالاته وأفكاره ، هذه زهرة زائر محب أضعها على قبره ، ودعاء بالرحمة من قاري ممتن لما انتفع به منه ، ووقفة مع ما بقي منه بعد رحيل الجسد الفاني.
من نكد الدنيا أنني وجدت موقعا طائفيا متعصبا ينضح بالحقد على الإسلام والمسلمين ويتفنن في رميهم بالفظائع ونعتهم بالبذاءات ، وتصيد الأخطاء لكل من ينتمي لهم ، وضع أصحابه من بين ما وضعوا في ركن الكتب المتاحة للتحميل المجاني كتاب الدكتور مصطفى محمود "الله والإنسان" ، وهو أول كتاب صدر له ، وكان فيه شكوك فيها رائحة الإلحاد ، ولا أدري والله ماذا يريدون بهذا الذي فعلوه ؟! أجهل أم سذاجة أم استعباط ؟!
ألم يعلموا أن الإنسان في كل مكان وعلى مر العصور والأزمان هو كائن عرضة للتقلب والتغير ، ولعله الكائن الوحيد الذي يراجع موقفه من الحياة والوجود ، سواء كان ذلك إلى الأفضل أو الأسوأ ؟ لم ينكر مصطفى محمود أنه بدأ مسيرته الفكرية بهذا الكتاب ، الذي لم يطبعه مجددا ، فالرجل كان صادقا مع نفسه ، وهكذا كانت بدايته ، شك وقلق وحيرة ، ولكنه لم يقف عند تلك المرحلة ، وإنما انهمك في رحلة بحث مضنية وطويلة عبر كل ما يخطر وما لا يخطر ببالنا من أديان ومعتقدات ومذاهب واتجاهات ، من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب ، ويمينا ويسارا ، ومن أقدم القديم إلى أحدث الحديث ، مرورا بالماركسية والوجودية والليبرالية وأديان الهند والصين واليوجا والتصوف ، إلى أن بلغ الغاية ووصل إلى شاطيء النهاية والهداية عندما وجد الإسلام طريقا هاديا ومقنعا وملهما. وسرد تجربته في كتابه "رحلتي من الشك إلى الإيمان". ولكن أقواما رزقهم الله تعالى عينين فأبوا إلا أن ينظروا إلى الأمور بعين واحدة كالأعور ، فلا يرون في مصطفى محمود الكاتب المقتنع بالإسلام والمبشر به والداعي إليه والمدافع عنه على مدى نحو خمسين سنة من عمره إلا مصطفى محمود صاحب الكتاب الإلحادي في شبيبته الحائرة المبكرة !
وقبله وبعده فعل ذلك الكثيرون ، منهم في تراثنا الإسلامي أبو حامد الغزالي في "المنقذ من الضلال" ، بل فعله قبل هؤلاء جميعا نبي الله إبراهيم عليه السلام الذي توسل إلى من خلق هذا الكون أن يهديه إلى الحقيقة وإلا فلن يهتدي إليها أبدا : "فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين".
بل فعلها - في تراثهم هم – من اتبعوا يسوع ، حسب زعمهم ، وقبلوه مخلصا ، فهلا وقفوا بنفس المنطق عند ماضيهم الوثني مثلا ليقولوا هذا هو نهاية المطاف ، وهلا وضعوا في ركن كتبهم المجانية للتحميل مع كتاب " الله والإنسان" كتب الرجل الأخرى التي تتابعت على مدى قرابة نصف القرن عن الإسلام والتي نضحت باطمئنانه القلبي واستقراره الفكري بعد رحلة البحث عن الحق ، لكي يكون ثمة توازن وصدق في عرض واجهة الرجل الفكرية ، أم أن الغرض مرض ؟!
لقد كان كتاب مصطفى محمود الأول هذا ، ولا يزال في رأيي، حجة له لا عليه باعتبار ما بعده ، فهو يشير إلى أن الرجل كان صادقا مع نفسه وهو يعاني الشك والضلال ، فلما سعى إلى طلب الحقيقة مخلصا وهداه الله تعالى إليها كان صادقا مع الله تعالى أيضا ومخلصا فلم يؤثر الضلال القديم على الهدى وضرب بانتقادات خصوم الدين عرض الحائط ومضى في طريقه راشدا ينشر العلم النافع ويقيم لله مسجدا ومستشفى شبه مجاني ويساعد المحتاجين ويبصر الناس بحقائق الدنيا والدين.
مات مصطفى محمود ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده واغفر لنا وله ، وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله ، واجزه اللهم خيرا بما ترك من علم ينتفع به ، وصدقة جارية ، وولد صالح يدعو له.
وأما الطائفيون الجهلة المتعصبون ، فاللهم إن لم يرجعوا للحق من قريب ، فعاملهم اللهم بما يستحقون ، نفوض الأمر إليك فيهم ، ولا نقول إلا ما يرضيك ، "فأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى" ، " قل من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا" ، صدق الله العظيم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.