كشفت أزمة فتوي التسويق الشبكي التي أصدرتها دار الافتاء المصرية. وحرمت فيها هذا النوع من المعاملة. من فوضي طلب الفتوي. والتحايل عند طرح الاسئلة للحصول علي رأي فقهي محدد مما يعد إشكالية خطيرة تسبب الكثير من البلبلة لدي الرأي العام. خاصة أن هناك الكثير من الإجابات علي الفتوي قد تكون علي حد قول السائل. ولا تصلح لتطبق علي العموم. ورغم أن الفتوي التي أصدرتها دار الافتاء مؤخرا متراجعة فيها عن فتوي سابقة تبيح ما يسمي التسويق الشبكي. لم تكن الأولي من نوعها التي حرمت هذا النوع من المعاملات. فقد سبقها فتاوي من مجامع فقهية وأساتذة شريعة. إلا أن المستفيدين من الشركة. يرفضون الاعتراض علي هذه الفتوي ويطالبون دار الافتاء بالتراجع عن فتواها. واعتماد الفتوي القديمة التي صدرت في شهر مارس من العام الماضي 2011 وتبيح هذا النوع من المعاملات. والمفاجأة في الفتوي القديمة التي لم ينتبه إليها الجميع وتنشر "عقيدتي" نصها مع نص الفتوي الجديدة الصادرة في الخامس والعشرين من ديسمبر الماضي. أن الرأي الشرعي جاء رداً علي سؤال عام وغير واضح لم يشرح اسلوب العمل في هذا النظام. ورغم ذلك فالفتوي لم تبح هذه المعاملة علي الاطلاق. بل حددت شروطا لذلك. محذرة من الممارسات الخاطئة التي يمكن أن تصاحب مثل هذه المعاملات والذي يمكن أن يخل بمنظومة العمل. مثل الكذب أو استخدام ألوان الجذب يمكن أن تمثل عيبا علي إرادة المشتري. والتركيز علي قضية العمولة وإهدار الكلام عن السلع هذا الذي علي أساسه جاء الرأي الآخر لدار الفتوي الذي رفضت فيه مثل هذه المعاملات. بعد أن استرشدت بآراء خبراء ومتخصصين أكدوا أن هذا النوع فيه ضرر علي الافتاء. وأشار الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية إلي أن الباحثين بدار الافتاء المصرية قالوا إن هناك الكثير ممن يتحايلون علي المفتين للخروج برأي شرعي يناسب أهواءهم. لذلك شددنا علي الباحثين الشرعيين بالدار بالتحقيق مع أصحاب الفتوي وسؤالهم عن أبعاد قضيتهم للخروج بالرأي المناسب. مشيرا إلي أن هناك من يطلب فتوي بصيغة معينة في السؤال تختلف عن الصيغة التي قدمت لأمانة الفتوي بالأزهر عن نفس الواقعة. ويتم استغلالها. وقال إن المفتي حينما يجيب عن سؤال يكون علي حد قول السائل. مؤكدا أن دار الافتاء وضعت أدابا وشروطا للمستفتين تقوم بتوزيعها علي أصحاب الفتاوي قبل طرح السؤال. ليحصل علي إجابة تناسب حالته. وليس بالضرورة أن تناسب عموم المجتمع. القضية الأكثر خطورة في هذه القضية أنها كشفت عن انتشار وهم المكسب السريع والسهل بين الشباب. فإحدي هذه الشركات التي لم يمر سوي العامين علي بدء نشاطها في مصر. بلغ عدد أعضائها حوالي 30 ألف مشترك. يتشعبون في مختلف محافظات مصر. وشهدت هذه الفتوي ظاهرة فريدة من نوعها. وهو الوقفات الاحتجاجية والتظاهر اعتراضا علي الفتاوي والآراء الفقهية. ويؤكد المعترضون علي الفتوي. أنها تصر بمصالحهم. وأنها صدرت بناء علي معلومات مغلوطة. ولا يمكن بأي حال من الأحوال أن تكون محرمة وأن هذه الشركات فتحت المجال أمام الشباب لتوفير فرص عمل كريمة. تدر دخلا مناسبا في ظل البطالة التي يعانون منها. مطالبين المفتي بإعادة النظر في الفتوي. خاصة أن هناك فتوي أخري منها فتوتان سابقتان عن الدار وأخري عن لجنة الفتوي بالأزهر تبيح هذا النوع من المعاملات. وشن الأعضاء المشاركون في شركات التسويق الشبكي حملة بمواقع التواصل الاجتماعي حملة ضد فتوي دار الافتاء المصرية في محاولة لارغام دار الافتاء للتراجع عن الفتوي. رغم أنها لم تكن الوحيدة التي رفضت هذا النوع من المعاملات. علمت "عقيدتي" أن مسئولي الشركة المتخصصة في هذا النوع من المعاملات سوف تبدأ إجراءات قانونية لتوفيق أوضاعها. للتخلص من الشبهات التي تتسبب في تحريم معاملاتها. في الوقت الذي أشار فيه مصدر مطلع إلي أن الشركة يمكن أن تبدأ في تصفية أعمالها علي خلفية هذه الفتوي. علي أن تعاود نشاطها من جديد تحت مسمي آخر. خاصة أن هذه الطريقة اتبعتها الشركة الأم من قبل. ويثار الكثير من الجدل حول اشهر الشركات العاملة في هذا المجال وذلك فيما يتعلق بمنتجاتها أو مصداقيتها في عملية التسويق الشبكي والتي يربطها الكثيرون بعملية النصب المعروفة بالنموذج الهرمي حيث ذكرت العديد من الصحف العالمية والتقارير الصحفية المصورة والمنظمات الرسمية أن هذه الشركة تتبع النظام الهرمي في التسويق. فقد نشرت الصحف العالمية أخبار غلقها وتجريمها وبعض أحداث القبض علي مديريها بتهمة الاحتيال في العديد من الدول. كانت دار الافتاء قد تراجعت في فتوي سابقة لها عن جواز التسويق الشبكي. مؤكدة أن هذا النوع من المعاملات حرام شرعا. ويضر بالاقتصاد الوطني. معلنة إلغاء التعامل عن الفتوي التي أصدرتها منذ أكثر من 6 أشهر بجواز هذه المعاملات. مشيرة إلي أن الفتوي السابقة كانت قاصرة. وبالبحث واستقصاء آراء الخبراء والمتخصصين تأكد أن هذا النوع يضر بالاقتصاد الوطني. ويفتقد إلي الأمان. ومخاطر التأمين. لذلك رأت بحرمته. وجاء في بيان صادر عن دار الافتاء أن لقاءات كثيرة عقدتها أمانة الفتوي بالدار مع بعض ممثلي تلك الشركة. شرحت فيها أسس الفتوي. مؤكدة أن الدار علي أتم الاستعداد لكي تعيد النظر في فتواها إذا تغيرت أسبابها. مطالبة العاملين بهذه الشركات بتقديم ما يفيد خلو طريقة عملهم من المحاذير الشرعية التي كانت سببا للتحريم. حتي يتسني لها إعادة النظر فيها. يري الدكتور حسين شحاتة الأستاذ بجامعة الأزهر والخبير الاستشاري في المعاملات المالية الشرعية أن التسويق الشبكي حيث يتضمن غررا وجهالة وتدليسا وفيه شبهة قمار وهذا كله منهي عنه شرعا. وذلك بسبب أنه ليس هناك موجبة للشراء مجردة من المكافأة المغرية بل أحيانا تكون المكافأة المغرية دافعا رئيسيا للشراء الذي يمكن الاستغناء عنه. وهذا يقود ويوجه الأموال إلي مجالات توظيف غير ضرورية وغير حاجية. كما أن الحافز لدي القائم بالتسويق. ودفع المشتري علي الشراء وإبراز قضية المكافأة. بصرف النظر عن السلعة أو الخدمة موضوع التسويق وبذلك يكون الحافز ماديا هو المغنم وفي ذلك شبهة القمار. وأضاف: أصبح الشاغل في التسويق هو المكافأة سواء للمشتري أو للبائع واحيانا توجه الأموال إلي مجالات لا تدخل في نطاق الضروريات والحاجيات للمشتري. وربما يستدين المشتري من أجل المكافأة وهذا يسبب خللا في توجيه الأموال إلي التنمية. كما أنه احيانا لا يلتزم المسوق بالقيم بالأخلاق والسلوكيات. واحيانا يكذب أو يقدم معلومات فيها تدليس وجهالة وهذا مخالف لشرع الله. مؤكدا أن التسويق الشبكي لا يحقق التنمية الاقتصادية من المنظور الإسلامي بل يحقق بيئة استهلاكية ومقنعة تستنزف نسبة عالية من الأموال والجهود كان يمكن توجيهها إلي مشروعات استثمارية تشغل العاطلين. أما الدكتور علي السالوس الذي اعتبر من أوائل من أثاروا هذه المشكلة وحذروا من خطورة هذا النوع من التسويق كاشفا أن هذا النظام ليس بجديد. فقد بدأ منذ ما يقرب من 25 عاما في الغرب ثم دخلت بلاد الإسلام. واتخذت أسماء مختلفة. مثل: هانك. والدولار الصارخي. والبنتاجون. وغيرها. وأشار إلي أن هناك العديد من الفتاوي الصادرة من عدد من المجامع الفقهية التي تحرم هذه المعاملات بهذه الصورة لأن مقصود المعاملة هو العمولات وليس المنتج. فالمنتج الذي تسوقه هذه الشركات مجرد ستار وذريعة للحصول علي العمولات والأرباح. انتقد الدكتور عطية فياض استاذ الفقه بجامعة الأزهر اتباع منهج الوقفات الاحتجاجية أو التظاهرات للاعتراض علي الفتاوي أو الآراء الشرعية. لأن هذا الاسلوب لا يقبله الشرع ولا العقل. خاصة أن الفتاوي الشرعية سواء أكانت صحيحة أم خاطئة فهي ليست ملزمة مثل الحكم القانوني. لأن المفتي لا يملك أدوات الالزام علي الاطلاق. فالفرد حر في قبول هذا الرأي من عدمه. وحسابه عند ربه. وقال: يجب أن نفرق بين الرأي الفقهي والحكم الشرعي الثابت. فالرأي الفقهي يؤخد منه ويرد عليه. وهذا بخلاف الأحكام الشرعية الثابتة التي لا ترد. وأكد الدكتور فياض أن هناك اتفاقا بين العلماء علي حرمه ما يسمي بالتسويق الشبكي. لما فيه من أكل أموال ناس بالباطل. وتعويد الشباب علي الكسل والسعي وراء أوهام المكسب الهائل والسريع دون عناء وهذا يختلف مع قيمة العمل التي أساسها الجهد والاجتهاد.