تبادل الخبراء ورؤساء الأحزاب الاتهامات بغياب القضايا الشبابية في البرامج الحزبية التي لم تلب طموحات الشباب ولم تتناول قضاياهم بشكل مرض. وانتقد الخبراء افتقاد الرؤية العلمية المتعمقة التي تهتم بإيجاد الحلول الفعلية لكافة المشكلات التي يعيشها المجتمع خاصة الشباب مما دفعه للإحجام عن المشاركة السياسية والذي ناقشناه الأسبوع الماضي. من جانبهم أكد رؤساء الأحزاب ان الشباب علي رأس أولوياتهم باعتبارهم العنصر الأساسي في تحقيق اي نهضة أو تقدم للمجتمع. وفيما يلي نعرض لكافة الآراء: في البداية أكد صبحي صالح القيادي بجماعة الإخوان أن المرحلة الحالية هي مرحلة بناء دولة ومؤسسات والمجلس القادم سيتم من خلاله انتخاب الجمعية التأسيسية لبناء الدستور ووضع دستور يحكم البلاد لمدة 200 سنة قادمة وكذلك تشكيل حكومة سياسية تحظي بثقة نواب الشعب وتتعامل معهم. فبديهي ان تكون هذه المرحلة تحتوي علي عناصر مطلوبة ذات خبرة ومتخصصة وعلي هذا الأساس كانت حصة الشباب في القوائم الحزبية للانتخابات قليلة أو معدمة لأن الشباب رغم نزول سن المرشح ويسمح لهم بالترشيح ليس لديهم خبرة وحديثي التخرج وغير متخصص في الأمور المطلوبة لوضع الدستور وهذا التحليل المنطقي هو الذي جعل حصة الشباب قليلة أو معدومة وتتطلب المرحلة القادمة ان من يضع الدستور يكون ذات خبرة ولديه تخصص ومعرفة بالأمور السياسية والاقتصادية والاجتماعية فهذه طبيعة المرحلة. يري صبحي صالح أن كل القضايا التي ستطرح خلالم مجلس الشعب القادم والتي يضعها الدستور هي قضايا شبابية ولمصلحة الشباب سواء شارك فيها أو وضعها غيره فإذا نظرنا إلي المعادلة السياسية تصب في صالح الشباب لأن الدستور سيضع أسساً تهم الشباب وتشاركه في بناء مستقبله السياسي سواء في الأحزاب أو البرلمان القادم. وإذا نظرنا في الإصلاح الاقتصادي مطلوب مستقبل آمن للشباب وفرصة عمل ودخل يناسب امكانياته ومصروفاته وسكن مناسب وتأسيس أسرة مطمئن عليها وكذلك الإصلاح الاجتماعي. فواضح أن كل الأسس الاجتماعية تصب في مصلحة الشاب في القضايا الملحة اجتماعيا سيكون الرأي فيها لمصلحة الشاب وتخصيص مستقبل باهر وان يكون مع كل نظرة تهمه فواضعو الدستور سيكون الشباب أمام أعينهم وكل ما يضعوه يصب في مصلحته. * لعب بالأوراق يشير أحمد حسن -أمين الحزب الناصري- إلي أن الأحزاب تلعب بالأوراق والمرشحين الذين يكسبون لهم الانتخابات القادمة لأنهم ينظرون إلي أنفسهم فقط وتحت أقدامهم ولا يكون الشباب أي اهتمام في اهتماماتهم وإذا وضعوا الشباب في القائمة المرشحة يكون في ذيل القائمة لأنهم لم يهتموا بهم والشباب الذي يفرض نفسه علي الأحزاب إذا أثروا أي مرشح نفسه يطلب ان يكون أول القائمة. وإذا كانت حجة الأحزاب أن الشباب ليس لديهم خبرة فمن يعطي الشباب خبرة إلا إذا شاركوا مرة ومرات وكسبوا الخبرة فإن لم تعطهم الأحزاب هذه الخبرة فمن اين يكتسبوها وسيظل القول ليس لديهم خبرة. هاجم أحمد حسن الأحزاب والجامعات بأنهم أنانيون لا يحبون إلا أنفسهم فقط ولا ينظرون إلي الشباب نظرة أب وموجه لهم وكسبهم الخبرة فالمرحلة الحالية للأسف لا تفرز أناساً حقيقيين قلبهم علي الوطن ومستقبله ويحب الوطن كما يحبون أنفسهم ولا يخدمون إلا أنفسهم فإذا كانوا كذلك فكيف يبنون جيلاً جديداً من الشباب يتولي قيادة البلد فكلهم ينظرون تحت أقدامهم ولمصلحتهم وليس للوطن لأنهم لو نظروا للوطن لاختاروا الشباب وقدموهم وأكسبوهم خبرة حتي يكونوا قادة المستقبل لهذا البلد. يؤكد المستشار أحمد الفضالي - رئيس حزب السلام الديمقراطي - ان حزبه قائم علي الشباب والمرأة وبالتالي فإنه يتبني قضاياهم وينخرط فعلاً في مشاكلهم ويعايشها ويسعي لإيجاد الحلول المناسبة لها وينشر الوعي بينهم.. ليس هذا فقط بل ان معظم قيادات الحزب من الشباب والمرأة مع المحافظة علي خبرة الكبار وتاريخهم وعدم الاستغناء عنهم. الأكثر ترجمة لواقع المجتمع المصري ان الحزب لا ينظر الي عقيدة أو جنس العضو ولذلك نجد هناك قيادات من الشباب المسلمين والمسيحيين حتي ان نائب رئيس الحزب هو المهندس سامي أرميا رئيس جمعية الشبان المسيحيين في مصر والشرق الأوسط.. فالجمعيتان الشبان المسلمين والمسيحيين هما اقدم الجمعيات الأهلية علي مستوي مصر والعالم العربي لدرجة ان لدينا 162 مركزاً للشبان المسلمين في مصر كلها. ويشير المستشار الفضالي الي ان الحزب لديه برنامج طموح جدا وهو يحتاج الي الفرصة الحقيقية للظهور والترجمة الفعلية علي أرض الواقع في جو من الحرية بعيداً عن الضغط الحكومي المؤامرات السياسية التي ما تزال موجودة حتي بعد الثورة وسقوط النظام السابق فضلاً عن نفوذ رأس المال الذي اصبح أصعب وأضل سبيلا مما كان في السابق فهذه الأمور لم تتخلص منها مصر بعد وهذه هي الأخطاء الحقيقية التي تقوض عمل الأحزاب في المرحلة الراهنة. ويعرض المستشار الفضالي لبرنامج الحزب مؤكداً انه يضم العديد من الانشطة الشبابية كمعسكرات في الخارج مع ممارسة جميع أنواع الانشطة الرياضية علي اندية مراكز الشبان المسلمين التي لها طابعها الخاص حتي علي ملاعب مدارسها. بجانب الرعاية الصحية والتوعية التنموية والتأهيل المهني لغير المتخصصين. فالشباب هم علي رأس أولويات حزب السلام الديمقراطي وخاصة في المرحلة القادمة لأنهم العنصر الرئيسي الذي نعول عليه في تغيير وصناعة المستقبل. فالثورة لم تكن إلا الشرارة الأولي للتغيير ولابد من إحسان اختيار القيادات حتي نصل بمصرنا الغالية الي بر الأمان. برامج اساسية من جانبه يؤكد المهندس إبراهيم زهران - رئيس حزب التحرير المصري - ان كل البرامج التي يتبناها الحزب هي في الاساس لخدمة الشباب وموجهة للارتقاء بهم وبالفقراء والمهمشين علي كل المستويات.. ومن البرامج الأساسية التي يتبناها الحزب.. أولاً: التعليم من خلال إعادة منظومة التعليم لخدمة الهوية المصرية وليس الأجنبية. ثانياً: الإسكان فهناك خطة لبناء 50 ألف وحدة سكنية مساحة 65م بتكلفة 50 ألف جنيه يدفع الشاب 10 آلاف جنيه فقط والباقي مقدم كائتمان من جهات عديدة خدمة للشباب ومكافحة البطالة وبذلك نضرب عصفورين بحجر واحد. ثالثاً: بناء حضانات صناعية بإنشاء من 200 إلي 400 ورشة لتشغيل الشباب وتكرر التجربة عشرات المرات حسب الميزانية ومن خلالها سيتم إدخال مليون شاب علي الاقل الي دائرة الإنتاج بعد إخراجهم من حفرة البطالة.. ويمكن تمويل هذه الحضانات الصناعية من خلال استرداد الدولة لحقها ممن سرقوا الأراضي ببلاش وإنشاء صندوق أهلي وليس حكومياً حتي لا نقع في الفساد ثانية وسيكون دخله بمليارات الجنيهات. وأعلن م.زهران ان الحزب قام بخطوة غير مسبوقة من جانب اي حزب آخر حيث قدم قائمته الانتخابية في شرق القاهرة مثلا وكلها شبابية 100%. برامج غائبة يصف الدكتور رأفت غنيمي الشيخ - استاذ التاريخ الحديث ومستشار رابطة الجامعات الإسلامية - الاحزاب القائمة بأن برامجها ليست واضحة كما كان في التاريخ القريب حيث كنا نقول ان محمد علي باشا كانت له برامج إصلاح واضحة واستطاع تحقيقها في مجالات الزراعة والصناعة والتعليم والجيش.. لكن احزاب اليوم سواء القائمة منذ النظام السابق أو الحديثة ليس لها برامج تستطيع جذب الاعضاء أو المواطنين.. وكل ما نراه هو شعارات مثل: من حقك الا تقف في طابور لأخذ العيش أو أنبوبة البوتاجاز!! ويطالب د.الشيخ بضرورة وجود هذه البرامج لخدمة المجتمع وإقامة نظام جديد علي أنقاض النظام السابق فتاريخ الثورات دائماً يسجل السعي لإسقاط النظام القائم ويطلق عليه النظام القديم ويقيم مكانه نظاماً جديداً بفكر جديد يحقق اهداف بناء المجتمع كما يتمناه المخلصون الوطنيون من زبناء هذا البلد. ويقدم د.الشيخ التجربة الكورية الجنوبية كنموذج يمكن الاقتداء به والتي ركزت علي التعليم حتي لم يبق أمي واحد ووصلت الآن الي المعجزة الكورية العملاقة.. مطالباً المجلس العسكري الحاكم بالسرعة والحسم في القضايا والمشكلات والتحديات التي تواجه الثورة لأن هناك علامات استفهام تسبب قلقاً للناس حول البطء في اتخاذ القرارات وعدم وضوح الرؤية التي تطمئن الناس. ويشير د.الشيخ الي ثورة 1919 التي ظلت ثلاث سنوات حتي نجحت واستقرت موضحاً انها لم تندلع بسبب نفي الزعيم سعد زغلول وإنما كان ذلك هو "القشة التي قصمت ظهر البعير" فالناس كانوا "يغلون" منذ الاحتلال البريطاني في 1882 وكذا الثورة الفرنسية التي اتخذت خطوات سريعة وصلت حد الاعدام حتي استقرت الأمور ووضعوا الدستور والبرلمان والحكومة المسئولة بعد 4 سنوات. طبيعة بيئية وبنظرة إعلامية متخصصة يري الدكتور صفوت العالم - استاذ الصحافة بكلية الإعلام جامعة القاهرة - ان القضايا الشبابية ذات طبيعة بيئية متعددة ومتنوعة وبعضها يحتاج الي مشروعات ضخمة وليس مركز شباب يمارس عليه الرياضة فقط بل مشروعات تلبي احتياجات العمل واستيعاب كل المهنيين.. لكن للأسف الشديد كثير من الاحزاب تتجاهل هذا وتتحدث عن الشباب واهتمامها به دون ان تكون لديها رؤية متعمقة عن احتياجاته. فالطاقة العاملة للشباب شاغرة ولا تلبي عملاً مهنباً وهذا تترتب عليه مجموعة مشاكل فكل شاب لا يجد عملاً فهو طاقة معطلة والأم لا يصلح "بالمكلمة" ولكن بالمشروعات الخدمية المتكاملة. أضاف: وعلي كل من يعمل في مجال العمل وخاصة الاحزاب ان يدرك حاجة الشباب للتأهيل والتدريب فهذه قضية مهمة جداً لأن كل خريج لا يصلح للعمل في مصنع أو شركة أو أي جهة قبل التدريب والتأهيل مثلما يحدث في سنة الامتياز مثلا للطبيب أو الانضمام لعضوية نقابة ما فالمتخرج يحتاج لتدريب بما يتفق وابجدية سوق العمل وممارسات وخبرات مختلفة. وكذا تغيير نسق التعليم. فليس المهم هو التخرج في ذاته أو إقامة معهدأو كلية بل توفير المعامل والخبرات والأجهزة الحديثة والمهارات المميزة حي يكون لدينا خريج فني مميز فجلوس 90% من الخريجين علي مقاعد التدريس ليس كافياً وإنما المهم هو دعم الشباب بالخبرات الفنية والمهنية. إضافة الي ضرورة وجود رؤية للتخلص من الأمراض الإجتماعية مثل الزواج لأبنائنا فالاحزاب غائبة تماماً عن هذا الجانب الذي يحتاج لصياغة جديدة بخلق تجمعات سكنية وعمالية تكون قريبة فإيجاد فرصة عمل لكن بعيدة جداً تخلق مشكلات أخري وتجعل زواج الشباب مع إيقاف التنفيذ والمطلوب هو إيجاد مشروعات متكاملة الخدمات من فرص عمل وسكن ومرافق وغيره فهذا يعمق الانتماء ويجعله منتجاً بدلاً من التغرب وضياع سنوات الشباب في دول أجنبية. ويخلص د.العالم الي القول بأن: الاحزاب تفتقد الرؤية الكاملة وهي تتحدث عن قضايا "الكرنفالية" التي تجذب الاصوات دون التفكير الحقيقي الواقعي. وهذه عملية تكتيكية وليست رؤية تراكمية ممتدة للتعامل مع الشباب ومشكلاته الاقتصادية والاجتماعية الواقعية.