قال جابر بن عبدالله رضي الله عنه "مكث رسول الله صلي الله عليه وسلم تسع سنوات في المدينة لم يحج ثم في السنة العاشرة من الهجرة أذن مؤذن في الناس أن رسول الله صلي الله عليه وسلم حاج فانتشر الخبر فخرج الناس من كل مكان من أرجاء الجزيرة العربية لكي يصطحبوا رسول الله صلي الله عليه وسلم في حجته فنعم الصحبة ونعم الرفقة صحبة رسول الله صلي الله عليه وسلم حتي تكون لهم الفرصة أن يلتفوا حوله ليتعلموا أمور دينهم وأداء مناسكهم وينعموا بخطوات النبي معهم في حجته ويسمعون خطبته وكذلك انتهز النبي صلي الله عليه وسلم فرصة اجتماع المسلمين معه جاءوا من كل مكان ليتعلوا منه أداء مناسك الحج وخطوات حجهم معه فهو القائل لهم "خذوا عني مناسككم". قال جابر بن عبدالله رضي الله عنه: "خطبنا رسول الله صلي الله عليه وسلم خطبته الشاملة التي أرست قواعد الدولة الإسلامية علي الحق والعدل وقد تضمنت خطبة الوداع علي الكثير من المباديء التي بها صلاح الفرد والجماعة. وكان ذلك بعدما زاغت الشمس في يوم عرفة حتي وصل بطن الوادي في عرفات وبعد أن حمد الله واستعان به واستعاذ من شرور النفس وسيئات العمل قال "إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ألا أن كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدمي موضوع وأول دم أضعه دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعاً في بني سعد فقتله هذيل. وربا الجاهلية موضوعة وأول ربا أضعه ربا العباس بن عبدالمطلب فاتقوا الله في النساء فأنهن لكم عوان أخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله. ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحد تكرهونه فإن فعلن ذلك فإن الله إذن لكم أن تهجروهن في المضاجع وتضربوهن ضرباً غير مبرح فإن انتهين فلهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف وقد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به لن تضلوا بعده كتاب الله فاعقلوا قولي قد بلغت اللهم فاشهد". ما يستفاد من خطبة الوداع "1" شملت أصول الدين "2" شملت قواعد الدولة الإسلامية "3" نظمت العلاقة بين العبد وربه والمجتمع الذي يعيش فيه "4" اعلنت حقوق الإنسان قبل أن تعرف دساتير الأرض ما هي حقوق الإنسان "5" إن الوصية الأساسية للحياة الكريمة تتمثل في علاقة النساء مع الرجال وعلاقة الرجال مع النساء "6" حرمة الدماء أي حرمة قتل النفس بغير حق فإن الإسلام يريد أن يحقق العدالة بين الناس في نشر الأمن والأمان وجاء يناسب ذلك قوله تعالي: "ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق" وفي قوله تعالي: "ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه" "7" حرمة المال: فلا يأخذ أحد مال أحد دون حق ولا تأكلوا أموال الناس بالباطل قال تعالي: "ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلي الحكام" وكذلك لا يسرق أحد مال أحد أو يغتصبه قال تعالي: "والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما". جاء رجل إلي النبي صلي الله عليه وسلم فقال له: "أرأيت يار سول الله لو جاء رجل ليأخذ مالي فماذا أفعل؟ قال: لا تعطه قال: لو قاتلني قال: قاتله قال: لو قتلني قال: أنت شهيد قال: لو قتلته قال: هو في النار". وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم عن أخذ مال الغير من غير رضا في نهاية الخطبة لتعلمن أن المسلم أخ المسلم وأن المسلمين اخوة فلا يحل لامريء من أخيه إلا ما أعطاه عن طيب نفس منه فلا تظلموا أنفسكم "8" كما أوصي رسول الله صلي الله عليه وسلم بالنساء خيراً من الرجال وحذرهن من خيانة أزواجهن حتي تستقر الحياة الزوجية بينهما ويسود الأمن والأمان في الأسرة المسلمة نسأل الله الهداية والتوفيق.