الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.. وما نحياه اليوم ليس مجرد فتنة واحدة وإنما فتن متعددة.. فتن طائفية. فتن مذهبية. فتن رياضية. فتن مهنية.. فتن كثير منها غريب ولكن الأغرب أن تتعدد الفتن وتتحول الي ما يشبه الفوضي عقب ثورة الخامس والعشرين من يناير فهل كان نظام الحكم السابق هو الذي يحمي مصر من نمو هذه الفتن وتضخمها.. بالتأكيد لا وألف ألف لا.. كان النظام السابق يكتم علي أنفاس الجميع ولا يسمح إلا بما يخدم أغراضه.. كانت الفتنة الطائفية أداة يستخدمها وقتما يشاء ليضرب من يشاء ويفرض ما يشاء من ظروف وقوانين استثنائية تتيح له إحكام قبضته تماما.. كانت الفتن الرياضية نتيجة حتمية للتعصب الكروي الذي قامت وسائل الاعلام والمسئولون عن الرياضة في مصر بتزكيته ليزداد انشغال الناس بتوافه الأمور ويصل بهم الأمر الي درجة التقاتل بين جماهير الأندية فلا ينتبه أحد لعمليات النهب المنظم للثروات الذي تتعرض له البلاد. كان النظام السابق مستعدا لفعل أي شيء يضمن به حماية نفسه بغض النظر عما يمكن أن تتسبب فيه أفعاله من أضرار جسيمة بالوطن والشعب. وهكذا كان النظام السابق يكتم علي أنفاس الفتن ولا يزكي من نارها إلا ما يخدم أغراضه وكان ذلك يحدث كثيرا ويعلم الجميع كيف استغل النظام السابق الطرق الصوفية لضرب الاتجاهات السلفية والوهابية أما يحدث اليوم فليس إلا نتيجة حتمية لما كان يحدث قبل الثورة.. ما يحدث ليس إلا حالة فيضان جاء بعد كبت طال.. فيضان كان لابد منه مثلما قال الشاعر العظيم محمد إقبال: لابد للمكبوت من فيضان.. ما يحدث طوفان من عمليات التعبير عن الذات والآراء التي كان اصحابها مكممي الافواه ومكبلي الايدي. ومع معرفتنا لكل ما سبق أعتقد أن البحث عن حلول لهذه الأوضاع ليس أمرا مستحيلا.. ولنأخذ مثلا تلك الفتنه القائمة بين أطراف متعددة داخل التيار الديني في مصر وحتي داخل الطرف الواحد منها. الخلاف المشتعل بين الطرق الصوفية ومن أطلقوا عليهم وصف السلفيين حول الأضرحة وأيضا الخلاف القائم بين المؤسسة الدينية الرسمية وجمعية الهداية الإسلامية حول مسجد النور والخلافات الداخلية بين أطراف متعددة داخل الإخوان المسلمين وتلك الخلافات الشبيهة لها داخل الطرق الصوفية. كل هذه الخلافات يمكن الوصول الي حلول لها وفقا للمنهج الشرعي في حل الخلافات بين المؤمنين واعتقد ان هناك الكثيرين من العقلاء في كل الطوائف الذين يمكن أن يتدخلوا لحل هذه الخلافات طبقا لشرع الله كما أن الجميع يدركون أن لهم خصوما متربصين يريدون تشويه صورة العمل الاسلامي وأن ما يحدث في صالح هؤلاء الخصوم. نحن اليوم في حاجة الي العقل والحكمة في تناول الامور والي نكران الذات للوصول الي نقطة التقاء بين مختلف القوي.. نقطة إتفاق ننسي فيها المصالح الخاصة ونتفق حول المصلحة العامة.. المصلحة العامة وحدها.