لا أدري لماذا هبط الداعية الاسلامي الكبير الدكتور يوسف القرضاوي بلغة الحوار مع وزير الاوقاف السوري ووصفه اثناء خطبة الجمعة الماضية ب "الأبله والعبيط" دون أن يكون هناك ما يستدعي هذا الهبوط وذاك التدني في لغة الخلاف والحوار.. وهو الامر الذي قضي القرضاوي طوال حياته الدعوية يحاربه ويؤكد علي ضرورة الارتقاء بلغة الحوار بين العلماء والدعاة حتي يكونوا قدوة ومثلا لغيرهم من الناس؟ لقد تحدث القرضاوي عن انتقاضة الشعب السوري ضد حكامه وحث الثوار علي الصمود وتصعيد ثورتهم حتي اسقاط النظام كما فعل مع ثوار تونس ومصر وليبيا من قبل وهو يعتبر أن ما يقوم به من صميم واجباته الدعوية ووزير الاوقاف السوري الموالي للنظام يري أن ما يقوم به القرضاوي تدخل في شئون بلاده الداخلية وكل من الطرفين له دوافعه.. فلماذا اذن الاوصاف الهابطة مثل "الابله" و"العبيط".. وماذا سيكون الموقف لو تطاول الوزير السوري علي القرضاوي بكلمات وأوصاف أبشع وأكثر قسوة من التي أطلقها الداعية الكبير عليه؟ الخطاب الاسلامي الراقي الذي يدعو اليه القرضاوي في كل خطبه وكتبه كان يفرض عليه أن يعف لسانه عن وصف مخالف له في الرأي بمثل هذه الكلمات مهما كانت درجة الخلاف فقد رفض الشيخ في العديد من كتبه وآخرها "خطابنا الاسلامي في عصر العولمة" وصف غير المسلمين بأوصاف لا تليق وأكد علي ضرورة التعبير عن العلاقة بين المسلمين ومواطنيهم من غير المسلمين ب "الاخوة".. فاذا كان الحال هكذا بين المسلمين وغير المسلمين فما الذي تقتضيه علاقة الاخوة الاسلامية بين المسلمين وما طبيعة العلاقة ولغة الحوار بين العلماء والدعاة؟ القرضاوي داعية كبير وله خبرات وتجارب كثيرة ويعرف أن معظم العلماء والدعاة الذين يتولون مناصب دينية قيادية في الدول العربية يعيشون تحت سطوة الحكام المتشبثين بالسلطة ولا يستطيعون الفكاك من هذه السلطة إلا بعد انهيارها وهذا ما حدث في مصر وتونس وعلي القرضاوي أن يقارن لغة خطاب كبار المسئولين الدينيين في مصر اثناء الثورة وبعد تنحي أو خلع الرئيس السابق. لذلك أتمني أن يحافظ الداعية الكبير علي رصيده من حب وتقدير الجماهير المسلمة في كل الدول العربية والاسلامية وان يحافظ علي علاقته بالعلماء وعلي استمرار فرص الحوار الراقي والحضاري معهم بدلا من الاسفاف المتبادل خاصة وانه تعرض لانتقادات قاسية من علماء الشيعة ومن عدد من علماء الازهر ومن علماء فلسطين الموالين لفتح ومن علماء سوريا وغيرهم. كان الداعية الراحل الشيخ محمد الغزالي شجاعا ومناصرا دائما للحق والعدل ولم يكن يخشي أحدا من الحكام العرب وكان يصفهم بكلمات وأوصاف أشد من طلقات الرصاص.. لكنه احتفظ بحب وتقدير كل علماء ودعاة الأمة الذين كانوا يتعاملون معه علي انه شيخهم وإمامهم.. فلماذا لا يحافظ القرضاوي علي ما حرص عليه الغزالي والشعراوي ويحصر معاركه مع الحكام الطغاة ولا يدخل في مواجهات مع علماء ودعاة هو يعرف جيدا أنهم يواجهون ضغوطا شديدة؟ العلاقة بين علماء الأمة ينبغي أن تحكمها علاقة الود والحوار والتفاهم وخلافاتهم وحواراتهم ينبغي أن تكون حضارية ومجسدة للاحترام المتبادل.. فهم القدوة والمثل وينبغي أن يظلوا كذلك. يارب ** اللهم اني أسألك موجبات وعزائم رحمتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين. ** اللهم اكفني بحلالك عن حرامك واغنني بفضلك عمن سواك ** اللهم رضني بقضائك وبارك لي فيما قدرت حتي لا أحب تعجيل ما أخرت ولا تأخير ما عجلت. ** اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلي نفسي طرفة عين وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت. من دعاء النبي صلي الله عليه وسلم.