تحدثت الأعداد الماضية عن الإعلام المرئي والمسموع ووضعت تصوراتي من خلال ما قدمه الإعلام في الأحقاب الماضية وحتي ثورة الخامس والعشرين من يناير .. وأيضا ما قدمة بعد الثورة وحتي الآن .. واليوم أعرض لورقة عمل هامة جدا لأنها من رجل حمل علي عاتقه هم الدعوة إلي دين الله عز وجل بكل الصدق وبمنتهي الإخلاص .. أضف إلي ذلك عشقه لتراب هذا البلد الأمين كنانة الله في أرضه مصر .. مصر الإسلام.. مصر العروبة .. وهو فضيلة الشيخ محمد حسان أفاد الله تعالي به الأمة الإسلامية والعربية. يقول الشيخ محمد حسان .. ما أطرحه في هذه الورقة اجتهاد فردي لا أحمله لأي اتجاه وتقديري للرأي المخالف فالإسلام لا يعرف القهر والإكراه حتي في العقيدة فكيف يرضاه في الفكر والرؤي؟! ليس الوقت وقت تصفية حسابات بل هو وقت نبذ الفرقة وتوحيد الصفوف للعمل بصدق وإخلاص فالتغيير والإصلاح لا يتم أبدا دفعة واحدة وإنما بالتدرج فهذه سنة كونية. وشتان شتان بين إعلام يطرح القضايا الكبيرة التي تشكل وجدان الأمة وعقولها وتدفع عجلة الاقتصاد والتنمية والصناعة وبين إعلام يتبني طرح القضايا التافهة لمجرد الإثارة فقط للاستحواذ علي أكبر نسبة مشاهدة والأمثلة أكثر من أن تحصي. وفي التعليم .. لن يحدث تغيير وإصلاح حقيقي في العملية التربوية والتعليمية إلا إذا أعدنا النظر إلي المدرس علي أنه ليس شخصا أو موظفا يؤدي وظيفة وإنما هو شخص صاحب رسالة محترمة راقية ويجب أن نوفر له كل ما يحتاج إليه للقيام بهذه الرسالة علي أكمل وجه. أما عن الشباب فهم طاقات هائلة وهم أغلي ما نملكه من مصادر القوة إن أحسنا توظيفه وتوجيهه لصالح الدين والوطن. ولابد أن يعود المسجد إلي رسالته وأنا أنادي بصوت مرتفع بتجديد الخطاب الديني والدعوي في المرحلة المقبلة للربط ربطاً صحيحاً بين الأصول والثوابت والمتغيرات. ولماذا يحارب شاب تخرج من الجامعة وقضي أجمل سنوات عمره في التعليم ومع ذلك لم يجد عملا بشهادته فقام ليعول نفسه وليساعد أسرته؟ وعلينا أن نعيد النظر في هيكلة ومنظومة جهاز الشرطة بالكامل لتحويل شعارها "الشرطة في خدمة الشعب" إلي واقع عملي. وعلي الجميع أن يعلم أن الشعب المصري لن يسمح ولا قواته المسلحة بالمساس بالمادة الثانية من مواد الدستور . فإذا كان الشعب قد خرج من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية ورفع الظلم فالشعب مستعد بكل أفراده للتضحية بدمه من أجل دينه. ولا يخفي الآن علي أحد أن نقاشات وحوارات واسعة تجري الآن علي كل الأصعدة وفي كل الأروقة تبحث عن التغيير والإصلاح تتداخل فيها الوسائل مع المقاصد والغايات والرؤي الشخصية مع الحزبية والأطروحات الفردية مع الجماعية والمصالح الفئوية مع المصلحة العليا للوطن. ومنذ البداية لا ينبغي أن نتهم النيات أو نشكك في إخلاص أحد لكن الإخلاص وحده دون فهم دقيق ووعي عميق وبصيرة نافذة لا يكفي إذ لابد من فهم الواقع وفهم الواجب في الواقع. وسائل الإعلام ولا يخفي الآن علي أحد أن وسائل الإعلام والفكر والثقافة هي التي تحكم العالم بحكامه وشعوبه ولهذا حرص بنو صهيون علي السيطرة علي وسائل الإعلام والفكر والثقافة ونصوا علي ذلك في البروتوكولات حيث قالوا "إن الصحافة والأدب أهم دعامتين من دعائم التربية ولهذا السبب سنشتري أكبر عدد ممكن من الصحف الدورية لنقضي بهذا الشكل علي الأثر السييء للصحافة المستقلة ولنسيطر سيطرة كاملة علي البشرية" برتوكول/12. ولذلك رأينا أدبا ساقطا وفكرا مضلا منحرفا وقصصا تافهة ومسلسلات ساقطة وأفلاما فاضحة داعرة وسطحية تافهة. تتلقفها هذه المؤسسات الإعلامية والفكرية والثقافية الغربية والعربية بل ويمجدون أصحابها ويهتفون بأسمائهم ويتغنون بأعمالهم لا لأي شئ إلا أنهم يتطاولون علي الإسلام أو علي ذات الله سبحانه أو علي القرآن الكريم أو الرسول صلي الله عليه وسلم أو علي الأصول والثوابت والقيم والأخلاق والإبداع والإنتاج ثم يعلنون حربا هوجاء شرسة علي كل من يحاول مجرد محاولة أن يتصدي لهم أو أن يفضح زيفهم وأمرهم لإسقاطه واتهامه بكل أنواع التهم المعلبة كالانغلاق وضيق الأفق وعدم الفهم والخيانة والعمالة وغير ذلك. وأنا أتساءل كيف يقوم الإعلام بدوره المنشود في إعادة وصياغة القلوب والعقول والفكر بصحيح الدين والقيم ومعالجة الظواهر السلبية السيئة والعقائد الفاسدة والأخلاق الكاسدة والأعمال المنحرفة وإعادة بناء المجتمع بناء عقديا وتعبديا وأخلاقيا وسلوكيا وعمليا وبهذا يكون الإعلام مساهما في دفع عجلة التنمية في الأمة. كيف يقوم بذلك وغير ذلك الإعلام بكل إمكانياته ومؤثراته الصوتية والمرئية وكلماته كاذبة ومضللة وصوره عارية فاضحة فاسدة ومؤثراته خليعة فهل يا تري نحن أمام رسالة إعلامية محترمة لها قيمها وأهدافها أم أننا أمام ملهي ليلي فيه كل ألوان الفسق والفساد. وعلينا أن نعلم أن الكلمة أمانة ثقيلة ولا يجوز أبدا أن تكون كاذبة أو تافهة أو هادمة والصورة أمانة ولا يجوز أبدا أن تستثير الشهوات الكامنة أو أن تحرك الغرائز الهاجعة بحيث لا يري المشاهد حرجا في أن يتابعها مع أفراد أسرته.. ومع أمه وزوجته وابنته وأطفاله .. وشتان شتان بين إعلام طاهر فاضل يغرس الفضيلة والقيم ويساهم في الإنتاج والبناء وبين إعلام قاتل يروج للكذب والباطل والغيبة والنميمة وشهادة الزور وإشاعة الفاحشة وانتهاك الأعراض والتعدي علي الحرمات وإفساد الأخلاق ونشر الرذيلة والجريمة والدفاع عن الظالمين والمفسدين والترويج للباطل والمبطلين. وشتان شتان بين إعلام يقدم لشبابنا المثل العليا والقدوة الصالحة وعلي رأسهم نبينا محمد صلي الله عليه وسلم وإخوانه من النبيين والمرسلين والصحابة والتابعون والعلماء والقادة والحكماء والأدباء والفقهاء والشعراء والكتاب والمفكرون والأطباء والمهندسون والمبدعون في كل مجالات الحياة. وبين إعلام يقدم الرويبضات والساقطين والتافهين والراقصين والمفسدين واللصوص والمزورين ليكونوا القدوة والمثال: وراعي الشاه يحمي الذئب عنها كيف إذا الرعاة لها الذئاب وشتان شتان بين إعلام يطرح القضايا الكبيرة التي تشكل وجدان الأمة وعقولها وتدفع عجلة الاقتصاد والتنمية والصناعة وبين إعلام يتبني طرح القضايا التافهة لمجرد الإثارة فقط للاستحواذ علي أكبر نسبة مشاهدة والأمثلة أكثر من أن تحصي. وأخيرا شتان شتان بين إعلام يقدم الكوادر المتخصصة المتقنة المبدعة بلا مجاملات كاذبة أو محسوبيات ظالمة أو حسابات شخصية وبين إعلام يحارب المبدعين الصادقين الذين لا يجيدون العزف علي وتر الكذب وتمجيد الفاسدين والظالمين. وشتان شتان بين إعلام صدع رءوسنا بالديمقراطية والحرية والرأي والرأي الآخر يسمح لمذيعة تطل علينا بصورة غارقة في التبرج والزينة في الوقت الذي يجرم ويحرم علي أي مذيعة تريد أن تؤدي عملها بحجابها الشرعي. نعم آن الأوان أن تقود المؤسسة الإعلامية والفكرية والثقافية إلي دورها الريادي الحضاري الحقيقي وهذه خطوط عريضة وأترك التفاصيل ووضع الخطط والبرامج التي تتفق مع المرحلة المقبلة للمتخصصين الشرفاء وما أكثرهم.