تحدثت العدد الماضي عن الآراء التي أتحفنا بها البعض من المثقفين أو من يظنون أنفسهم كذلك .. وكانت آراء البعض منهم بالفعل صادمة لنا كمصريين و البعض منها كان ينم عن فهم ووعي لحقيقة القضية الموجودة علي الساحة حاليا والتي تتطلب الموضوعية و الحكمة في الحديث عنها .. لأنها تمس الأمن القومي المصري والذي نعمل جميعا علي حمايته لا من خلال الأجندات الخارجية الطامحة والطامعة في القضاء عليه من خلال إثارة الفتنة الطائفية .. ولكن من خلال الأجندة المصرية النابعة من عشق تراب هذا البلد الآمن بإذن الله تعالي كما ذكر القرآن الكريم "ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين".. وكان لا بد من الرد علي الآراء التي لا تفيد المجتمع المصري ولكنها إن أرضت طرفا منه أثارت الطرف الآخر .. وذلك لأنها ليست لوجه الله والوطن ولكنها ضد مصر وضد الدين الإسلامي .. وهذا الرد لتوضيح الأمور أمام الجميع ..أمام من يحب مصر بحق ولا يعي ما قاله ولكنها حماسة الموقف .. وأمام من امتلأت قلوبهم بالمصالح الشخصية. ولقد خرجت بأكثر من ملاحظة .. أولها عدم الموضوعية في الكثير من الآراء .. بعضها كان منطقيا وشممت فيه حسن النية .. والبعض الآخر تفوح منه سوء النية مع سبق الإصرار والترصد .. وهذا يعني أن بعض هذه الآراء تستحق المناقشة فعلا .. وغيرها عدم ذكرها من الأصل أفضل .. إلا أن معظم من أدلوا بدلوهم نسوا أو تناسوا أن الشعب المصري عاش بعنصريه المسلم والمسيحي ومنذ دخول الإسلام مصر .. دون أي مشاكل تذكر .. أو أي مطالب للإخوة الأقباط ..لأنهم علموا جيدا أن الإسلام يحميهم ويحافظ عليهم وعلي عبادتهم في دور عباداتهم ..وأن الدين الإسلامي يأمر المسلم بالتعامل مع الآخر أيا كان دينه بالحسني وأن له ما للمسلم وعليه ما علي المسلم من حقوق وواجبات في المعيشة داخل الوطن . عنصرية ووحشية وإذا ما نظرنا للأقليات المسلمة في أوروبا والتي يتشدق السادة المثقفون بالديمقراطية في هذه البلاد نجد أنه لا حقوق لهم هناك و لا يستطيعون بناء أي دور للعبادة هناك ولا يستطيعون أداء عبادتهم بحرية ..ويعاملون بعنصرية .. وبوحشية ..وإذا ما حدثت أي حادثة فإن أصابع الاتهام تتجه إليهم ..وكثيرا جدا ما تكون الاتهامات كاذبة .. كما أنهم لا يتبؤون أي مراكز سياسية إلا ما ندر ولشخصيات تكون محسوبة علي الإسلام والمسلمين. فإذا ما قارنا ما يحدث مع المسلمين في البلاد المسيحية بالغرب .. وما يحدث مع المسيحيين في مصر بلد الإسلام لوجدنا فرقا شاسعا بينهما فالمسيحي المصري يبني دور العبادة علي حسب عددهم فالعدد لا يتعدي نسبة الستة في المائه .. يؤدي عبادته كيفما يشاء ..تجمع الكنيسة الأموال دون أن يكون عليها رقيب .. يعطون الدروس الخصوصية في الكنائس .. منهم الوزراء ووكلاء الوزارة .. وتتم ترقيتهم في جميع الهيئات وذلك حسب الكفاءة .. وهم بذلك يتساوون مع المسلمين .. فالأكفأ هو من تتم ترقيته .. ويتصرفون في أوقافهم دون أي رقابة من الدولة .. إذن فأين المشكلة ؟ ولماذا يحدث ذلك الآن ؟ ولماذا تواكبت الحادثة الأخيرة التي حدثت في الأسكندرية بين المسجد و الكنيسة والتي راح ضحيتها العديد من المصريين .. من المسلمين و المسيحيين .. سواء من قتل أو من أصيب مع ما يحدث في السودان الشقيقة من تقسيم لأراضيها.. وما يحدث في تونس الشقيقة .. والجزائر الشقيقة ؟ ألا يدل هذا كله مع ما خرج من إسرائيل علي لسان رئيس الموساد السابق أن هناك مؤامرة تدبر في عز النهار ضد بلاد الإسلام والمسلمين. ترتيب خارجي وأن الحادثة التي ارتكبت في الأسكندرية هي من ترتيب خارجي وتم تنفيذها بين المسجد و الكنيسة فإذا ما مات مسلم اتجهت أصابع الاتهام إلي أخيه المصري المسيحي .. وإذا ما أصابت المسيحي .. اتجهت أصابع الاتهام إلي أخيه المصري المسلم .. ولكن ما حدث أن المسلم والمسيحي أصيبا معا .. ولكن ما لفت نظري فعلا هو خروج الأخوة المصريين من المسيحيين في مظاهرات عارمة يطالبون فيها بالعديد من المطالب المحققة فعلا .. وفي نفس الوقت يخرج بابا الفاتيكان ورئيس فرنسا وأمريكا والعديد من الدول الغربية للتنديد بما حدث و الأكثر من ذلك التدخل في الشئون الداخلية لمصر .. وإذا ما قتل أي مسلم في أي مكان أو إذا حدثت مذبحة ضد المسلمين في أي مكان لا نسمع لهم صوتا .. وهذا يؤجج الفتنة الطائفية في مصر لأن المسلم يشعر بأن هناك من يكيل بمكيالين .. في الوقت نفسه يشعر المسيحي بأن هناك حماية لهم فينسي البعض منهم مصريتهم ويهرول لينفذ ما يدبره أعداؤنا لنا. فهل يفهم المثقفون ذلك أم أنهم ينفذون الأجندة الخارجية التي تهدف إلي تدمير مصر بإثارة النزعة الطائفية بين المصريين؟ الأسوة الحسنة أعود إلي ما ذكروه من أفكار لوأد الفتنة الطائفية ..أو الاحتقان الطائفي كما يدعون .. حيث لاحظت فيها أنها جميعا موجهة ضد الإسلام و المسلمين .. وكأنهم اتفقوا علي ذبح الإسلام والمسلمين .. وأن المسلمين من آكلي لحوم البشر..وخاصة الدعاة .. الذين يدعون بأوامر الدين الإسلامي وينهون عما نهي عنه .. وأوامره أن نتعامل مع جميع البشر بالأسوة الحسنة وألا نمنع الآخر عن ممارسة عبادته أو نهدم لهم صومعة .. وأن نتعامل مع الجميع إخوة لنا في الوطن .. هذا ما يعلمنا إياه الدعاة وما تعلمناه من ديننا في المناهج الدراسية بالمدارس وما أجابنا عنه المدرس في المدرسة والشيخ في الجامع .. والبرنامج الديني في الإعلام .. ثم يقولون بإلغاء النص الثاني من الدستور والذي يؤكد أن مصر إسلامية وهي أكبر دولة إسلامية في العالم .. وإلغاء خانة الديانة من البطاقة وجواز السفر ..وإلغاء حصص التربية الدينية من المدارس .. ومراقبة الخطاب الديني في المساجد و الجماعات السلفية. يطالبون بكل ذلك ونسوا أو تناسوا أن مصر دولة إسلامية منذ دخول الإسلام مصر .. ولم يجبر مسيحي علي دخول الإسلام .. ولم يهان مسيحي في مصر بسبب دينه ولم يمنع مسيحي من دخول الكنيسة ولم يقبض علي مسيحي لأنه دخل الكنيسة .. ولم يفرض علي قس أن يتحدث بشيء لا يريد أن يتحدث فيه.. ولم تحدد أوقات لدخول الكنيسة أو الخروج منها . ثم ماذا يضير المسلم أو المسيحي من ذكر خانة الديانة في بطاقته أو جواز سفره .. وذكر الديانة يمنع الكثير من المشاكل التي تؤجج الفتنة الطائفية .. لأنه في ذلك الوقت ستشتعل النيران و التي لن يستطيع أحد إخمادها .. الخطاب الديني والغريب أنهم يتحدثون عن الخطاب الديني الإسلامي و لا يتحدثون عن الخطاب الديني المسيحي في الكنائس .. أو عن المتشددين من رجال الدين المسيحي .. فهل هذا يعني أن الدعاة المسلمين شياطين والقساوسة ملائكة ؟ .. طبعا وكما هو واضح من الحديث عدم الموضوعية مع التركيز علي إشعال النعرة الطائفية بين شعب مصر .. ولماذا لا يحاسبون من يقول الشعب المسيحي .. مما يعني التفرقة بين أبناء مصر ؟ أما عن القول بفصل الدين عن الدولة فهذا يعني فصل الشعب عن الدولة .. لأن الشعب المصري "من المسلمين والمسيحيين" متدين بالفطرة ولم يكن الدين يوما حائلا بين التعامل بين أبناء مصر .. ثم يقولون بإلغاء الأعياد الدينية الإسلامية بحيث تتحول إلي أعياد مصرية خالصة أي نعود إلي احتفالات الفراعنة ..نعبد جميعا الشمس و آمون والعياذ بالله ونلغي الإسلام والمسيحية أم أن المقصود إلغاء الإسلام فقط؟ ويطالبون بإلغاء تحفيظ القرآن .. وأقول لهم وهل تجرئون علي هذا الحديث مع الإخوة المسيحيين ؟ والإجابة القاطعة لا ..لا يستطيعون .. وأقول لهم أن الله تعالي حافظ لقرآنه المجيد إلي يوم الدين .. وكذلك قولهم بإلغاء الزواج الديني فهذا يعني أن تكون مصر سمك لبن تمر هندي .. فهل هذا ما تريدونه لمصر وبمصر يا من تدعون الثقافة و الثقافة منكم براء؟ العدو الحقيقي والواضح من كل هذه الأفكار أن هناك إجماعا علي إلغاء الدين الإسلامي .. وبدلا من محاربة العدو الحقيقي الذي يعمل ليل نهار علي تدمير مصر بالوقيعة بين المصرين مسلمين و مسيحيين .. يؤججون الفتنة الطائفية في مصر ويزيدون من الاحتقان بين المسلمين و المسيحيين .. وهذا يؤكد أن هناك من يتحدث عن مصلحة مصر وقلبه عامر بالكره لها و لأهلها وقلبه يحقد علي الإسلام و المسلمين.. وهو مسلم بالاسم فقط .. وأقول لهم بدلا من إشعال الفتنة بين المصريين عليكم أن تواجهوا العدو الحقيقي لمصر و المصريين لا بتدمير فئة علي حساب فئة أخري و لكن بالمواجهة الحقيقية للعدو المشترك .. وأقول أيضا أن الدين الإسلامي هو خير ضامن لحماية الإخوة المسيحيين .. لأن هذا ما علمنا إياه ديننا الإسلامي من خلال القرآن الكريم وسنة الهادي الأمين صلوات الله عليه وسلم . سينما غبية نقطة أخري وعلي جانب كبير من الأهمية وأخص به القنوات الفضائية والتي تعمدت عرض الأفلام التي تلقي بالاتهامات الجزافية علي المسلمين ..وأن الإرهاب صناعة إسلامية ..وأن من يقوم بالإرهاب هم المسلمون .. ومع اعترافنا بأن هناك تطرفا موجودا بالفعل وعانينا منه خلال فترة سابقة ..وأدي هذا التطرف إلي حوادث إرهابية و كانت بأيد إسلامية لشباب تم التغرير بهم .. إلا أن الفاعل الحقيقي لهذه الحوادث الإرهابية كان ممن يستترون في السراديب المظلمة ويعملون داخل غرفها الموجودة تحت الأرض.. ولا يريدون الخير لمصر ..وبعد أن أشعلوا نار الفتنة بين الشباب المسلم وعلماء مصر من مشايخ الأزهر الشريف .. استطاعوا بذر بذور الفتنة داخل قلوب هذا الشباب .. فكان ما كان ولولا جهود الشرطة المصرية .. وجهود علماء الأزهر الشريف لحدث مالا يحمد عقباه ولتحققت أهداف خفافيش الظلام .. ورغم أن التطرف و الإرهاب موجود في العالم كله ويقوم به المتطرفون من كل الأديان و المذاهب إلا أننا تفوقنا علي الجميع في إدانة أنفسنا بدلا من علاج الظاهرة كما فعلت الشرطة المصرية وعلماء الأزهر الشريف .. من كل ذلك كان من الخطأ الكبير أن تقوم الفضائيات بعرض هذه الأفلام .. لماذا ؟ لأنها تؤجج الفتنة بين المصريين مسلمين و مسيحيين فعلي سبيل المثال فيلم الإرهابي يلقي الاتهام علي المسلمين في الحوادث الإرهابية ويظهر الأسرة المسيحية في دور الملائكة الذين يسيرون علي الأرض ؟؟وهذا عرض غير موضوعي كما ذكرت سابقا لأن الموضوعية تقول بأن الإنسان أي إنسان فيه الخير والشر أيضا والمعصوم فقط هو النبي و الملاك .. وعليه فإن مثل هذه الأفلام تؤكد عند الأخ المصري المسيحي أن ما حدث في الأسكندرية من الأخ المصري المسلم .. ثم تشعره بالفوقية .. وهذا غير موضوعي بالمرة . بذور الكراهية إذن فعرض هذه الأفلام وفي هذا التوقيت ..بالفعل يؤدي إلي بث بذور الكراهية وهذا غير مطلوب .. لأن المطلوب حاليا عرض الأفلام التي تزيد من ترابط المصريين جميعا وبالعودة إلي بعض الأفلام السينمائية التي لم يكن لها أي غرض آخر سوي مصلحة مصر نجد أن السينما المصرية منذ بدايتها مع نهاية الربع الأول من القرن الماضي لم تلتفت كثيراً لتلك القضية. ويعود هذا إلي أن المجتمع المصري فيما سبق و في بداية السبعينيات لم يكن يعرف الفارق بين المسلم والمسيحي - وكذلك اليهودي قبل الخمسينيات - واكتفت السينما فقط بتنميط شكل المسيحي الأجنبي مع منحه اللقب الأشهر ¢ خواجة¢ وكان المقصود من التنميط إثبات عدم المصرية بغض النظر عن الدين. وتعتبر سلسلة أفلام ثلاثية محفوظ التي دارت بين مشاهدها ثورة 19 هي الإشارة الكبري للوحدة في المشهد المتبادل لشيخ يخطب في كنيسة وقسيس يخطب في جامع. مع ارتفاع شعار الثورة الأشهر والأطهر ¢عاش الهلال مع الصليب¢ وهو الشعار الذي خرج تاريخيا لمقاومة محاولات المحتل الإنجليزي في بث روح الفرقة في بدايات القرن العشرين بين عنصري الآمة. أفلام ساذجة..مضمون سطحي وحتي بعد تفجر الأزمة في الربع الأخير من القرن الماضي حرصت الرقابة علي تقييد يد السينما في مناقشته واكتفت فقط بإطلاق بعض الأفلام الساذجة المسيسة علي نمط الفيلم الأشهر حسن ومرقص الذي قام ببطولته نجمان من أكبر نجوم السينما المصرية في تاريخها - عمر الشريف وعادل إمام - إلا أن مضمونه السطحي وتناوله الساذج أعطي أثراً عكسياً. وفي المقابل رفضت الرقابة كل الأفلام الأخري التي تناولت القضية بواقعية وكشفت اشتعال الشرر وكشفت أسبابه حتي يضع المجتمع يده عليها ويعالجها. معالجات نمطية وقامت الدراما التليفزيونية بالدور الأكبر في مناقشة تلك القضية من خلال المعالجات النمطية للصديق المسيحي الوفي - مسلسل الدالي كمثال - أو الأسرة المسيحية الملتزمة أو المتزمتة. و كان مسلسلها الأشهر هو أوان الورد الذي ناقش قضية أثارت الكثير من الأزمات في الآونة الأخيرة وهي زواج المسلم من المسيحية والذي قام ببطولته النجمة يسرا والفنان هشام عبد الحميد. ولكن المسلسل الذي كتبه وحيد حامد هتك عرض القضية باتجاه بوليسي بحت للبحث عن الطفل المخطوف من تلك العائلة - وزاد الطين بلة مسابقات ¢اعرف الخاطف - وتناولنا الحديث عن هذا المسلسل من خلال هذه الصفحة وعرضنا آراء الأخوة المسيحيين فيه وكذلك القسسة ورفضوا جميعا ما جاء بالمسلسل و اعتبروه ضد الوحدة الوطنية وهو ما يؤكد أن الإعلام يسير في واد والمصريون في واد آخر. لهذا نحن في انتظار قرار شجاع يطلق يد المبدعين للارتقاء بمستوي الوعي عن طريق موضوعات حقيقية تتسم بالموضوعية وتعالج القضية علاجا سليما بعيدا عن الطريقة الساذجة التي يتم من خلالها عرض الموضوعات وتثير الأزمات بدلا من القضاء عليها ليعلم الجميع أن مصر ستبقي دائما وحدة واحدة لن يستطيع أي كائن من كان أن ينال من وحدتها ومن أمنها و أمانها .