بلغ من تكريم الإسلام للمرأة أنه جعل من سعي السيدة هاجر رضي الله عنها بين الصفا والمروة بحثاً عن الماء لوليدها منسكاً يتعبد به كما أخذ الرسول صلي الله عليه وسلم بما أشارت عليه به أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها عندما رأت وسمعت ما جري في الحديبية فتحلل من احرامه وذبح. وقد أجمع العلماء سلفاً وخلفاً علي ان كل ما فرضه الله سبحانه وتعالي علي عباده وكل ما نبههم إليه فالرجال والنساء فيه سواء إلا ما استثني مما هو خاص بالنساء لأنوثتهن في الطهارة والولادة والحضانة وغير ذلك مما هو معروف وقد ساوي الله عز وجل بين الرجل والمرأة ليس فقط في المسائل الدنيوية بل ايضاً في الأمور السماوية فاصطفي من النساء كما اصطفي من الرجال "وإذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك علي نساء العالمين" وأوحي سبحانه وتعالي للمرأة كما أوحي للرجال "وأوحينا إلي أم موسي أن ارضعيه فإذا خفت عليه فالقيه في اليم ولا تخافي ولا تحزني إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين". وقد أجمع العلماء ان حديث "طلب العلم فريضة علي كل مسلم" يشمل المسلمات باتفاق علماء الإسلام وان لم يرد فيه لفظ "ومسلمة" وكان صلي الله عليه وسلم يهتم بتعليم النساء ما يحتجن إليه فكان يخصهن ببعض مجالسه ومواعظه "روي البخاري في كتاب العلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "قالت النساء للنبي صلي الله عليه وسلم غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا من نفسك يوماً نأتيك فيه تعلمنا مما علمك الله قال: فاجتمعن يوم كذا وكذا فاجتمعن فأتاهن رسول الله صلي الله عليه وسلم فعلمهن مما علمه الله" وبلغ من عناية محمد صلي الله عليه وسلم بتعليم النساء وتربيتهن أنه قال "أيما رجل كانت عنده وليدة فعلمها فأحسن تعليمها وأدبها فأحسن تأديبها ثم اعتقها وتزوجها فله أجران". فموقف الإسلام من تعليم المرأة وعملها لا يحتاج لايضاح فقد تزوج الرسول صلي الله عليه وسلم من السيدة خديجة وهي تعمل بالتجارة والحقيقة ان المرأة المسلمة علي خلاف ما تروج له الدوائر المعادية للإسلام في الغرب لم تكن أبداً خاملة أو بمنأي عن الحركة العلمية والفكرية والاقتصادية علي مر العصور فقد شاركت النساء في اقتباس العلم بهداية الإسلام وكان منهن راويات الاحاديث النبوية والآثار يرويه عنهن الرجال والأديبات والشاعرات والمصنفات في العلوم والفنون المختلفة وكن يعلمن جواريهن وقيانيهن كما يعلمن بناتهن وقد شاركت المرأة المسلمة في المعارك العسكرية وكانت تصاحب الرجل في ساحة القتال وتضمد الجراح وتعد الغذاء والسقاية للجنود مما يؤكد معرفتها بعلوم الطب والتمريض والاقتصاد. وقد شهد فجر الإسلام نبوغ المرأة وعلو شأنها ومشاركتها للرجل حتي في مجالات الطب والفقه والشعر والأدب حيث تصدت المرأة في الإسلام لفنون العلم جميعها وأمعنت فيها امعاناً أعيا علي الرجل دركه في مواطن كثيرة فكانت هناك سكينة بنت الحسين ناقدة عصرها في الشعر والأدب ونفيسة بنت الحسين بن زيد عالمة الفقه والحديث وفي مجال الطب فقد نبغت زينب طبيبة بني أود التي اشتهرت في طب العيون والجراحة. كما يؤكد ما ذكرته كتب السيرة العطرة عن قيام أسماء بنت أبي بكر بإمداد المصطفي صلي الله عليه وسلم ورفيقه في الهجرة الشريفة أبو بكر الصديق رضي الله عنه بالماء والطعام وأخبار قريش وهم بالغار أنها كانت عالمة بدروب ومسالك الصحراء.