❊»وصف العالم..«.. كتاب العجائب.. المليون.. كلها عناوين مختلفة لكتاب واحد يحكي مغامرات الرحالة الايطالي ماركو پولو (1324-1254) الذي كان هدفه اكتشاف آسيا واستمرت رحلاته أكثر من 24 سنة وبالطبع كانت له محطات كثيرة توقف عندها لسنوات وأهمها بخاري وسمرقند من مقاطعة أوزباكستان.. وهما علي حسب ماجاء في الوصف من أجمل مدن وسط آسيا بل إنهما مدينتان من عالم الأساطير. ❊ وبخاري (225 ألف نسمة) وسمرقند (370 ألف نسمة) دمرهما چنكيز خان عام 1220 ولكن مثل طائر العنقاء الذي تقول الأسطورة إنه يبعث من رماده بعثت المدينتان إلي الحياة من جديد وبصورة أروع مما كانتا عليه.. وهما من أهم مدن طريق الحرير القديم.. وطريق الحرير يعتبر اسما حديثا ابتكره عام 1877 الچيولوچي والجغرافي الألماني »فرناندفون ريختهوفن« وهو يشير إلي شبكة مواصلات بين الشرق والغرب لنقل المنتجات المحلية من حراير ومنسوجات وتوابل وأحجار كريمة وأيضا العقائد الدينية والثقافة والحرف.. والكتاب لايخلو من أساطير تحيط بالمدن التي يصفها وتعتبر أوزباكستان أفضل مثال علي ذلك.. وفي أكثر من مرة يذكر بخاري وسمرقند المدينتين النجمتين.. ولايمكن عدم ذكرهما عند سرد الحديث عن طريق الحرير علي أنه لم يطأ أرضها أبدا ولكن الفضل يرجع لوالده وعمه اللذين أمضيا فيها حوالي ثلاث سنوات في رحلتهما الأولي للشرق الأقصي.. وفي الفصلين الثاني والثالث من »وصف العالم« يذكر الرحالة أن من يترك بحر القزوين تقابله الصحراء الحمراء نسبة إلي رمالها من هذا اللون وهي التي تفصل بين واحة خيفا وبخاري.. وبطول الطريق الذي يصل بين المدينتين تظهر علي مسافات متباعدة ولكن منتظمة الصهاريج التي تحتفظ ببرودة المياه لتتزود بها القوافل والجمال. مركز تجاري وثقافي ❊ ماذا قال الأب والعم للشاب ماركو في سهراتهما عن رحلتهما الطويلة..؟ أهم ماسمعه أن بخاري أجمل مدينة في كل بلاد الفرس.. وقد اضطر الاثنان العم والوالد البقاء في المدينتين لمدة ثلاث سنوات بعد نشوب الحرب وقيام چنكيز خان بتدميرهما. وتعود إلي سمرقند التي كانت من قبل عمليات الغزو والنهب والدمار مركزا تجاريا وثقافيا وفكريا في القرن التاسع وكانت مكتبتها تنافس مكتبة شيراز في ايران وكانت نخبة الأدباء والمفكرين العرب والفرس يلتقون هنا وهنا أصدر »ابن سينا قانونه الطبي ودراساته وتحليلاته لفلسفة أرسطو وكان لها أكبر التأثير علي أوروبا حتي القرن السابع عشر«. ومدينة بخاري الحالية تعرف بأنها مدينة ال 365 جامعا أي مسجد لكل يوم من أيام السنة.. وقررت هيئة اليونسكو أن تصنف 140 موقعا فيها ضمن التراث الإنساني العالمي وذلك بعد أن أعيد إنشاؤها فيما بين القرنين الخامس عشر والسادس عشر. ومن فترة ماقبل المغول لم يتبق سوي أربع قطع أثرية هي أضرحة »اسماعيل سماني« و»الأمير أيوب« ومنارة »كاليان« وهي مفخرة بخاري بل وچنكيز خان نفسه، تم تشييدها عام 1127 بارتفاع 47 مترا ولم تكن تستخدم إلا لإعلان الأذان منها ومن الحكايات المثارة حولها إنه من أعلي هذه المنارة كان يلقي بالمحكوم عليهم بالموت بعد وضعهم في أجولة مع قط وحشي.. وهذا الحكم كان يصدر بوجه خاص علي الزانيات.. وقد ظل هذا التقليد حتي القرن التاسع عشر. البعث من الماء ❊ أما سمرقند وكما يسميها ماركو پولو مدينة سمرتان الكبري.. كانت تضاهي بخاري في جمالها وثرائها.. وآل إليها نفس المصير.. ومن الغريب أن جمالها.. وشوارعها المبلطة.. وقصورها وحدائقها.. لم تمس مشاعر چنكيزخان.. وفي نفس عام 1220 بعد أن ابتلع بخاري مثل قطعة من المشهيات.. قرر ابتلاع سمرقند أيضا وحتي قنوات المياه التي كانت تمد المدينة بالمياه الصالحة للشرب.. سدها حتي يموت المحاصرون من العطش.. ثم بدأت غزوات المغول وتدميرهم للمدينة.. أما الذين كانوا يحاولون الهرب إنقاذا لحياتهم فيتم محاصرتهم داخل مسجد حيث يحرقون أحياء باستخدام الأواني المملوءة بالنفط المشتعل.. والذين يبقون علي قيد الحياة يتحولون إلي عبيد أو يرحلون إلي منغوليا. ❊ وجاء جبار مغولي آخر وهو تيمور لنك (1450-1336) رغم أنه جبار ودموي إلا أنه اهتم بالبناء والتعمير أكثر من چنكيز خان.. وجعل من سمرقند عاصمة له.