الجدل الدائر في الوقت الحالي، الذي تقوده الأحزاب السياسية، حول ضرورة أن تجري الانتخابات البرلمانية القادمة بالقائمة، ليقويها ويمنع وصول تيارات سياسية بعينها للبرلمان، جدل عقيم لا فائدة من ورائه، فالمصريون - كما قلت في مقال سابق- لا يعترفون بالأحزاب، فالحزب الوطني المنحل، الحزب الأوحد الذي كان يحكم ويتحكم، في مجده وسطوته، وقت أن كان متربعا علي عرش الحياة الحزبية المزعومة، كان يتباهي بأن أعضاءه يبلغون 3 ملايين،" وهو ماثبت أنه غير حقيقي جملة وتفصيلا" وإذا افترضنا أن الأحزاب الكرتونية التي كانت موجودة قبل الثورة، كانت تضم بين جنباتها مليون عضو، وهو عدد مبالغ فيه جدا، أي أربعة ملايين في بلد تعداده 93 مليون نسمة، رقم يؤكد أن المصريين لا يهتمون بالعمل الحزبي، وأن القائمين علي هذه الأحزاب كانوا مجموعة من المنتمين لمصالحهم الشخصية، وبعد قيام ثورة 52يناير كان من المفترض أن يكون الطريق ممهدا أمام الأحزاب لقيام تجربة حزبية حقيقية، وأن تكون هناك أحزاب قادرة علي لعب دور مهم وفعال في الحياة السياسية، بعد أن أصبح تشكيل الأحزاب، يخرج من جموع الشعب، بدلا من الموافقات الحكومية، التجربة أثبتت عكس ذلك، ثورة 03 يونيو، وقبلها ثورة 52يناير، قادها شباب لا ينتمون لأحزاب مما يؤكد أن هناك عدم رغبة من المصريين في التواصل مع الأحزاب، أو الاشتراك فيها، لذلك علي الأحزاب أن تنزل إلي الشارع، لتغير من قناعات الناس وتحثها علي المشاركة، لخلق كوادر حزبية يعتد بها في أي معركة انتخابية، وهذا يحتاج لتغيير في المفاهيم، وهذا التغيير يحتاج إلي تغيير ثقافة المجتمع، وأحسب أن كثيرا من الذين من الممكن أن تحاول الأحزاب جذبهم إليها، ثقافتهم الحزبية لن تتبلور بسهولة، فالمسألة ليست بالسهلة أو اليسيرة، فالتغيير يحتاج لسنوات، وهذه السنوات قد تطول، لأن المصريين لا يعترفون بالأحزاب، لذلك أضم صوتي لمن يطالب بأن تكون الانتخابات بالنظام الفردي تمهيدا لبناء أحزاب قوية، فالحزب السياسي لا يعتبر حزبا إلا إذا كان له أنصار وكوادر وقواعد وتواجد في الشارع.