المصريون ونيعترفون بالأحزاب: الحزب الوطني المنحل، الحزب الأوحد الذي كان يحكم ويتحكم، في مجده وسطوته، وقت أن كان متربعا علي عرش الحياة الحزبية المزعومة، كان يتباهي بأن أعضاءه يبلغون 3 ملايين،" وهو ماثبت أنه غير حقيقي جملة وتفصيلا" وإذا افترضنا أن الأحزاب الكرتونية التي كانت موجودة قبل الثورة، كانت تضم بين جنباتها مليون عضو، وهو عدد مبالغ فيه جدا، أي أربعة ملايين في بلد تعداده 84 مليون نسمة، رقم يؤكد أن المصريين لا يهتمون بالعمل الحزبي، وأن القائمين علي هذه الأحزاب كانوا مجموعة من المنتمين لمصالحهم الشخصية. بعد قيام ثورة 25 يناير: كان من المفترض أن يكون الطريق ممهدا أمام الأحزاب لقيام تجربة حزبية حقيقية، وأن تكون هناك أحزاب قادرة علي لعب دور مهم وفعال في الحياة السياسية، بعد أن أصبح تشكيل الأحزاب، يخرج من جموع الشعب، بدلا من الموافقات الحكومية، حينما كانت الأمور بيد لجنة شئون الاحزاب، وقت أن كان الحزب الوطني هو الذي يختار معارضيه. التجربة أثبتت عكس ذلك: فرغم أن اللجنة القضائية العليا لأول انتخابات برلمانية بعد الثورة كانت قد حددت (7) أيام لتلقي أوراق الترشيح إلا أنها مدت هذه الفترة مرتين، حتي تتمكن الأحزاب والقوي السياسية من ترتيب أوراقها وقوائمها ولإعطائها الفرصة كاملة بناء علي طلبها، وهو أمر يبين أن هذه الاحزاب لم تستطع حسم أمرها قبل فتح باب الترشيح بوقت كاف للمشاركة الإيجابية في هذه المسيرة. هناك عدم رغبة من المصريين في التواصل مع الأحزاب أو الاشتراك فيها قد يقول البعض أن عامل الوقت مثل تحديا كبيرا أمام هذه الأحزاب، وأقول أن الأحزاب كانت مطالبة قبل أن تبحث عن أعضاء يمثلونها وقبل أن تدخل في تحالفات، بأن تغير من قناعات الناس وتحثها علي المشاركة، لخلق كوادر حزبية يعتد بها في أي معركة انتخابية، غير أن ذلك كان يحتاج لتغييرفي المفاهيم، وهذا التغيير يحتاج إلي تغيير ثقافة المجتمع، وأحسب أن كثيرا من الذين تحاول الأحزاب جذبهم إليها ثقافتهم الحزبية لم تتبلور بعد، فالمسألة ليست بالسهلة أواليسيرة، فالتغيير يحتاج لسنوات، وهذه السنوات قد تطول، لأن المصريين لا يعترفون بالأحزاب.