من الواضح أن تجارة المخدرات أو تجارة الموت كما يحلو للكثيرين تسميتها قد شهدت رواجا ملحوظا في الآونة الأخيرة نظرا لحالة الانفلات الأمني التي تشهدها البلاد وعدم القدرة علي مهاجمة البؤر الإجرامية وملاحقة تجارها الذين عاثوا في الأرض فسادا وشجعتهم تلك الظروف علي ضخ كميات كبيرة من البانجو والحشيش وغيرها. هذا بخلاف خروج تجار التجزئة من أوكارهم ليقوموا بمهامهم علي أتم وجه ويبدأون بتوزيع أقراص الترامادول والأفيون تحيطهم عناية وبلطجة البودي جاردات الذين يجلبونهم خصيصا للقيام بمهمة حمايتهم وتأمين مهمة توزيع"الكيف"علي الزبائن الذين يتقاطرون إلي أماكن التوزيع التي يحفظونها عن ظهر قلب إلا أن تلك الأماكن قد تتغير في حالة معرفة رجال الشرطة بها ومهاجمتها من حين لآخر ليتفق بعد ذلك التاجر مع زبائنه علي مكان يتوافر به قدر من الأمان ويضمن عدم معرفة الشرطة به. كما أنهم يطلقون علي الكيف بأنواعه المختلفة مسميات عديدة ترتبط عادة بالحالة التي تعيشها البلاد وصعود نجم بعض الفنانات ففي فترة من الفترات أطلق اسم الفنانة"هيفاء وهبي"علي مخدر البانجو وآخر أطلق عليه اسم السياسي الشهير الدكتور محمد البرادعي بعد ثورة يناير ويختلف أثر كل منهما وما عليك إلا ان تدفع المعلوم حتي تحصل علي ماتريده وتحلق في السماء. ولكن إذا كنا نتحدث عن نشاط تجار التجزئة وصغار التجار فحري بنا أن نتحدث عن الأماكن التي يتم من خلالها توزيع البضاعة علي المستهلكين خاصة أن كل تاجر يمتلك الكثير من صبيانه الذين لاتتعد أعمارهم السبعة عشر عاما ويتقمصون دور المفتش كرومبو ومتابعة الزبائن ويقترب الواحد منهم متسائلا"عاوز حاجة أو "عايزين تحلوا ياجماعة" فإذا تجاوب معه الزبون وأدرك مايرمي إليه ينتقلان سويا إلي مكان البيع أو"الغرزة" التي يسيطر عليها "المعلم"أما إذا لمس منك رفضا فسيكون نصيبك طعنة بالسكين أو المطواة. أما عن زبائنهم فيختلفون باختلاف بضاعتهم فأقراص الترامادول والهيروين هي الأنواع المفضلة للشباب الذي ينتمي إلي الطبقة الأرستقراطية الغنية ولا يتكاسلون عن دفع المعلوم حتي يحصلوا علي بغيتهم أما الحشيش والكولا فهي أصناف مخصصة لأطفال الشوارع الذين يتناولونها من خلال السرنجات. وعادة يختبئ هؤلاء الموزعون في مناطق مهجورة من الصعب الوصول اليها كالمقابر أو في الحارات الضيقة المظلمة التي لايتعدي طولها ثلاثة أمتار يتناثرون في جوانب تلك الحارات يدعون الله ان يرزقهم بزبائن تقر لهم عيونهم وممنوع علي الناس العاديين الاقتراب منها لإشباع غريزة الفضول التي تسيطر عليهم. وتماشيا مع هوجه انتشار المخدرات قام مجموعة من الشباب بإنشاء صفحات علي مواقع التواصل الاجتماعي يطالبون فيها بتقنين الحشيش في مصر ، في دعوة لجذب متعاطيه ، ومجموعة من الشباب للمطالبة بالفكرة ، وقد جذبت الصفحة بالفعل العديد من الشباب إليها ، وإن كان ليس جميعهم معجبين بها ، فالكثير منهم راح يهاجم المشتركين والقائمين عليها في تعليقات ساخرة . "آخرساعة"اقتحمت العالم السري لتجارة الكيف ورصدت أماكن بيع وتوزيع المخدرات بأنواعها المختلفة في بعض المحافظات التي تعتبر من البؤر الخطرة. البداية بداخل منطقة شبرا الخيمة الشعبية التي هي نقطة اتصال بين القاهرةوالقليوبية ويتوافد إليها الكثير من التجار الذين يأتون خصيصا لبيع بضائعهم من خضراوات وفواكه طازجة وأغلبهم ينتمي إلي محافظات مجاورة كالشرقية أو حتي ضواحي القليوبية وعادة مايتخذ الموزعون من "أحد المقاهي" مقرا لتوزيع بضاعتهم والتواصل مع زبائنهم ويعتبر"شلضم"أشهر تجار التجزئة والمعروف بين أوساط المدمنين وهو شاب في منتصف العقد الثالث من عمره خرج لتوه من السجن ولكنه عاود نشاطه مؤخرا بعد أن لمس مدي الانفلات الأمني التي تعيشه البلاد واتخذ من تلك القهوة مقرا لمزاولة نشاطه ناهيك عن خوضه تجارة البودرة والتي لها عوائد مادية رهيبة وتعتبر المناسبات المختلفة من أعياد وحتي الأفراح الشعبية قمة رواج تجارته فيتقاطر إليه الزبائن من كل حدب وصوب يلتمسون مزاجهم. وإذا كنا نتحدث عن القليوبية تلك المحافظة التي لها شهرة ذائعة الصيت في تجارة المخدرات خاصة أن منطقة "كوم السمن" تعتبر أحد أضلاع مثلث الرعب بالمحافظة تلك المنطقة المجاورة "لسرياقوس" والتي تعتبر المعبر الرئيسي لكل الزبائن من جميع المحافظات يتجمعون في"نزلة القفاص"والتي تمتلئ بالساحات والمقابر المهجورة القريبة من فتحة "يمن" التي تسمح بمرور سيارات الزبائن الذين ينتمي أغلبهم إلي الطبقات الأرستقراطية يجلسون داخل سياراتهم وهم شبه فاقدين للوعي بعد أن حصلوا علي نصيبهم من بودرة الهيروين وقاموا بفردها واستنشقوها وغابوا في دنيا حالمة. الغريب أن الشرطة لاتتواني عن مهاجمة أوكار تجارة المخدرات تلك كما يقوم الأهالي أيضا بمهاجمتها فلا ينالهم سوي طلقات النار أو علقة ساخنة من صبيان المعلم "خردة"أشهر تجار الكيف في المنطقة وقد قام الشيخ بالدعوة إلي تطهير المنطقة فتم تجميع عدد كبير من شباب وسكان القرية في محاولة منا لمنع انتشار تلك الكارثة من المنبع، وذهبوا إلي »فتحة يمن« المدخل الرئيسي للقرية ومنعوا الزبائن من الدخول، سواء بسياراتهم أو ب(توك توك)، الإدمان الذي يقوم بتوصيل الزبائن إلي التجار. وبالفعل نجحوا لمدة ساعة واحدة، بعدها علمت عائلة الأدهم المشهورة بتجارة المخدرات وينتمي إليها المعلم خردة، فخرجوا عليهم بالبنادق الآلية وضربوا طلقات في الهواء فهرب الأهالي خشية أن يقع أحدهم مصاباً، والغريب أنه عندما ذهبوا إلي مركز شرطة شبين القناطر الذي يبعد عن كوم السمن بأكثر من 8 كيلومترات، انتقد ضباط الشرطة ما فعلوه بدعوي أنهم ليسوا خارجين عن القانون وأن تلك المهمة هي عمل قوات الأمن .. وفي القاهرة تنتشر تجارة المخدرات بداية من شوارع الباطنية والجيارة خاصة بشارع أبو سيفين وشارع الأنور المشهورين بتجارة المخدرات إلي أماكن أخري انتشرت بها التجارة بعد الثورة وفي وضح النهار فتجد الشباب يقفون علي نواصي الشوارع والحارات يتاجرون بها دون ضابط ، وإن كان ذلك يتم في وضح النهار فلليل نصيب كبير مع متاجريه ومتعاطيه وبالتحديد في مقابر منطقة زينهم . وللأماكن الراقية أيضا نصيب وافر من التجارة ، ففي شارع التحرير بحي الدقي تباع المخدرات خلسة علي النواصي والأرصفة بينهم وبين راكبي السيارات والسائرين ، وفي الجيزة تربع علي عرشها حي المعتمدية ليصبح معقل المخدرات الذي يمد المنطقة والمناطق المجاورة " بالكيف أما محافظة الشرقية فلا ينكر أحد أنها من أكبر المحافظات تهريبا وتداولا لتلك التجارة المحرمة خاصة بمدينة بلبيس التي يسيطر عليها العربان والبدو ويتحكمون في عمليات التهريب والتوزيع ولا يتوانون عن الدخول في معارك ضارية مع قوات الشرطة لأجل حماية تجارتهم تلك ولم تكن مدينة بلبيس وحدها هي المشهورة بتلك التجارة بل إن مدينة ههيا هي الأخري تواجدت علي الساحة بتداولها الحشيش التركي بجميع أنواعه وتطلق عليه أسماء ممثلي الدراما التركية علي الأصناف فهناك "مهند" وآخر "حريم السلطان"وغيرها من الأصناف التي تحمل أسماء الممثلين الأتراك والذين عشقهم المصريون وتفانوا في حبهم .. والغريب أن أشهر تجار تلك المدينة هي الست "سماسم" وهي سيدة في الخمسين من عمرها، وقد قررت السير علي درب زوجها الراحل الذي كان هو الآخر من أشهر التجار حتي لقي مصرعه علي يد قوات الشرطة التي هاجمت منزله منذ أكثر من أربعة أعوام يعاونها في تلك المهمة بعض الفتيات الساقطات اللاتي يعملن علي اصطياد الزبائن وراغبي المتعة الحرام ويعرضن عليهم أقراص الترامادول ولفائف البانجو بأسعار لاتقارن علي حد قولهن فلا يجد الزبون مفرا من شرائها ودفع "دم قلبه"لإرضاء المعشوقة .ويعتبر"زتونة"أنشط رجالها وذا وجه مألوف عند رجال مكافحة المخدرات ومتهم في أكثر من عشرين قضية ولكنه يعاود نشاطه مجددا بعد خروجه من السجن وينشر صبيانه بين المراكز القريبة من مدينة ههيا لجذب أكبر قدر من التجار ناهيك عن القاطنين بمحافظة الإسماعيلية فلا يتوانون عن زيارة "المعلمة سماسم" ومواكبة أحدث أنواع المخدرات الموجودة فقط بغرزتها.