مقابر الصعيد يوم العيد احتفل ملايين المسلمين في معظم الدول العربية والإسلامية، الخميس الماضي، بأول أيام عيد الفطر، لكن الظروف الصعبة التي تعيشها بعض البلدان، ومنها دول الربيع العربي، ما بين احتقان سياسي، وانتكاسات اقتصادية واضطرابات أمنية وارتفاع درجة الحرارة، عكرت صفو الاحتفال بالمناسبة، وخطفت فرحة العيد بالصعيد. وأصل كلمة عيد من عاد يعود ،حيث قال إبن الأعرابي سمي العيد عيداً لأنه يعود كل عام بفرح مجدد، وعيد الفطر سمي كذلك لأن المسلمين يفطرون فيه بعد صيام شهر رمضان، وصلاة العيد سنة مؤكدة وهي ركعتان ووقتها من طلوع الشمس إلي الزوال والأفضل تأخيرها إلي أن ترتفع الشمس قد رمح، ويجب أن يردد المصلي بعد تكبيرة الإحرام في الركعة الأولي سبع تكبيرات، وفي الركعة الثانية خمس تكبيرات بعد ركعة القيام، ويقول بين كل تكبيرتين "سبحان الله والحمدلله ولا إله إلا الله والله أكبر"، ويتحقق في العيد البعد الروحي للدين الإسلامي ويكون للعيد من العموم والشمول ما يجعل الناس جميعاً يشاركون في تحقيق هذه المعاني واستشعار آثارها المباركة، فالعيد في الإسلام ليس ذكريات مضت أو مواقف خاصة لزعماء بل كل مسلم له بالعيد صلة وواقع متجدد علي مدي الحياة. يقول لطفي صابر (59سنة ، مديرالتعليم الإبتدائي بإدارة ساقلتة التعليمية) من أبناء محافظة سوهاج في العيد تتجلي العديد من معاني الإسلام الإجتماعية والإنسانية، حيث تتقارب القلوب علي الود ويجتمع الناس بعد افتراق، وفي العيد تذكير بحق الضعفاء في العالم الإسلامي، حتي تدخل فرحة العيد كل بيت وتعم النعمة كل أسرة، أما المعني الإنساني أن يشترك عدد كبير من المسلمين بالفرح والسرور في وقت واحد فيظهر اتحادهم وتلتقي الأمة علي الشعور المشترك وفي ذلك تقوية للروابط الفكرية والاجتماعية والروحية، مشيراً إلي أن فرحة العيد لا تكن باللبس الجديد وإنما لمن خشي يوم الوعيد، مستنكراً تخلي الكثير من أبناء الصعيد عن العادات والتقاليد الأصيلة حيث لهو الأطفال والتبذير في شراء الألعاب والفجور..إلخ. ويقول أحمد خلف (حاصل علي دبلوم ثانوي تجاري) ليس هناك عيد بمحافظات الصعيد، لكن من يستطيعون الشعور بطعم وفرحة العيد من يقطنون بالمحافظات النائية مثل القاهرة والإسكندرية، فالعيد في الصعيد ما هو إلا زيارة الأهالي للقبور بعد صلاة العيد ثم العودة إلي المنازل ويتبادل الأقارب والجيران التهاني فيما بينهم، وللعلم هذا العام لم يذهب كثير من الصعايدة إلي القبور أو للاستمتاع بهذا اليوم لعدة أسباب قد يكون منها ارتفاع درجة الحرارة وأن كثيرا من العائلات بها مشكلات، ولا ننسي أن الأحداث السياسية لها تأثير أيضاً في الإحجام عن العيد، وهذا العام جاء عيد الفطر في وقت المصيف وأبناء الصعيد يقضون فترة الصيف بمحافظات الوجه البحري في أعمال مختلفة. ويري أحمد فؤاد (23سنة حاصل علي دبلوم ثانوي صناعي)أن عيد رمضان هذا العام في محافظات الصعيد ليس له طعم، بسبب قلة أعداد من ذهبوا إلي العيد، مشيراً إلي أن العيد في الصعيد لم يكن سوي ساعتين من الساعة السادسة بعد صلاة العيد وحتي الثامنة ،حيث قام بزيارة القبور لقراءة الفاتحة علي أرواح المتوفين من أقاربه ،ثم عاد إلي المنزل وهو حال غالبية الصعايدة بسبب ارتفاع حرارة الشمس، موضحاً أن العيد يكون في الوجه البحري حيث يستمر ثلاثة أو أربعة أيام وليس ساعتين فقط، ورغم استمراره أربعة أيام إلا أن أبناء الوجه البحري لا يشعرون بهذا الوقت لأنهم غالباً ما يكونون في النوادي والملاهي لقضاء هذه الأيام. ويقول حسام عوض (27سنة ولا يعمل) تشتهر محافظة أسيوط بمراكزها المختلفة ،بانتشار محلات الأسماك المملحة والمدخنة "الفسيخ والرنجة "، حيث تعتبر الوجبة الغذائية الأكثر رواجا في الأعياد وخاصة عيد الفطر، ويقبل الأهالي علي شراء الفسيخ والرنجة ويتزايد الزحام الشديد علي محلات الفسيخ باعتباه من الأكلات المفضلة في وقفة عيد الفطر وخلال أيام عيد الفطر المبارك، وعلي الرغم من الأضرار الكثيرة التي يسببها تناول الفسيخ والأسماك المملحة (الملوحة) والتي قد تؤدي إلي التسمم في بعض الحالات أو الوفاة، ويصبح شراء هذه النوعيات من الأسماك بديل اللحوم ، ولكن اعتاد أغلب الأهالي شراء الفسيخ والأسماك، كنوع من التغيير، علي الرغم من ارتفاع أسعاره، حيث وصل سعر كيلو الفسيخ إلي 40 جنيها. أما الأسماك المملحة (الملوحة) فوصل سعر الكيلو إلي 35 جنيها أما الرنجة (السمك المدخن) فيتراوح سعر الكيلو ما بين 20 الي 25 جنيها حسب درجة جودتها. ويقول وليد صالح من أبناء مركز البداري، إننا نقبل علي شراء الرنجة والفسيخ منذ يوم الوقفة وطوال أيام الأعياد ، لأنها من ضمن عاداتنا وتقاليدنا التي توارثناها منذ القدم، لكننا نقوم بتحضيرها بالاستعانة بالليمون والخل والطحينة والبصل الأخضر مما يقلل من خطورتها، مضيفا إلي أن مركز البداري من أكبر مراكز المحافظة التي ينتشر بها تجار الفسيخ علي مستوي المحافظة ويتميز بجودته العالية. وأشار خالد صديق "بائع ألعاب" إلي أن أسعار لعب الأطفال قد ارتفعت جداً، علي الرغم من أنها جميعها صينية، مؤكداً أن المسدسات والبنادق والعرائس هي الأكثر بيعاً للعب الأطفال،موضحاً أن الإقبال علي الشراء من قبل الأطفال ضعيف ولا نستطيع تخفيض الأسعار أكثر من ذلك لأن سعر الجملة الذي اشتريناها به مرتفع وإلا فلن نحصل علي أي مكاسب، مؤكدا أنه من المفترض أن تكون أيام الأعياد هي الأكثر رواجاً وبيعاً لهذه المنتجات، فبعد انقضاء العيد يعود السوق من جديد لطبيعته ونحن ننتظر الأعياد من السنة إلي الأخري، وحركة البيع ستنخفض مرة أخري خاصة في ظل حالة الانفلات الأمني التي تندلع من حين لآخر جراء التظاهرات.