»العراف« أو النصاب شخصية حقيقية تعيش بيننا منذ بدء الخليقة.. »العراف« أو النصاب في صراع دائم لكشف طبائع وأسرار الشخصيات التي يتعامل معهم من أجل السيطرة وإحكام قبضته عليهم.. و»العراف« أو النصاب في جولات وصراعات دائمة ومستمرة بين الخير والشر.. وهو ما تجسده ونفذته الآن الدراما المصرية في إحدي روائع عادل إمام ويوسف معاطي.. ومصر تعرضت طوال تاريخها لأنواع متعددة من »العرافين«.. ولم يقتصر دورهم علي النصب والاحتيال فقط كما نري الآن علي الشاشة الصغيرة.. ولكننا تعرضنا بالفعل لمآس وأخطار عنيفة ومدمرة سواء في العهود القريبة أو القديمة.. وكانت المحروسة دائما مطمعا لكل »عراف« جاء ليحكم أو جاء ليجلس فوق كرسي المسئولية في أي منصب من المناصب.. وكم من شخصيات لا تحمل عقولها سوي هواء بارد فقط حصلوا علي مناصب علي حساب آخرين من أجل فتح الأبواب وشق الطرق المغلقة.. وكم من فرص ضاعت علي مصر بسبب تعنت وطمع من بيدهم »سلطة« القرار والذين كانوا يستعينون ب»عرافين« محترفين في النصب والاحتيال بدليل مشاهدتنا اليومية ومتابعتنا للأحكام القضائية التي تصدر ضد النصابين والمحتالين واللصوص الذين سرقوا ثروات مصر ولعبوا دور »العراف« بحرفية وإتقان.. المجتمع المصري كان يعيش حالة نصب واحتيال كبري علي الأقل طوال السنوات العشر الأخيرة وتم تجريف العقول وإبادة الكفاءات وطرد الواعدين حتي يكون ويبقي الطريق ممهدا أمام كل »عراف« لدعم الجهل والفقر والمرض وقد رأينا العديد من النماذج ممن تولوا المسئوليات دون دراية بأبجديات مواقعهم وهؤلاء وغيرهم جرجروا مصر إلي الوراء وأسقطوها في هوة سحيقة.. فالوزير الذي جاء من أجل تسديد فاتورة ما.. فهو »عراف« جاهل.. والمسئول المتواطئ والذي يبيع منصبه »عراف« ورجل الأعمال المحتكر لصناعة معينة ويطوعها لمصالحة هو »عراف« آثم والمدرس الذي يسعي للدروس الخصوصية فقط »عراف« لامتناعه عن تعليم أبناء الوطن والصانع والعامل والتاجر الغشاش »عراف« يستحل أي منهم نهب عرق أبناء الوطن.. والشيخ والداعية الذي يلون الفتاوي حسب أهوائه »عراف« يهدد ويحطم القيم بأقواله وفتاواه الفاسدة.. هذه هي الصور الحقيقية ل»العراف«.. وأري أن »العراف« محترف النصب والاحتيال أقل خطورة وفسادا من العرافين الكثر الذين نهبونا وتسببوا في تخلف وتأخر مصر.. وهناك دول بدأت بعدنا بعشرات السنين.. ولكنها سبقتنا الآن بمئات السنين في كل المجالات.