الرئيس السابق »مرسى« يؤم شيوخ السلفية فى نوفمبر الماضى عاد عدد من مشايخ التيار السلفي إلي الصمت مجددا تاركين نار الفتنة تشتعل دون أن يوجهوا خطاباً واحداً إلي أتباعهم الذين دخلوا في اعتصام مفتوح اعتراضا علي عزل الرئيس السابق محمد مرسي والمطالبة بعودته ليقرر بعض هؤلاء المشايخ فجأة اعتزال السياسة التي دخلوا ملعبها بعد ثورة يناير 2011 علي أمل تحقيق حلمهم بإقامة دولة الخلافة الإسلامية في مصر، وفي مقدمة هؤلاء الشيخ محمد حسان، الشيخ محمد حسين يعقوب، والشيخ (أبو إسحاق الحويني)، الذين استغلوا منابرهم بعد ثورة يناير للدعوة إلي السياسة بدلاً من الله. ففي عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك استطاع الثلاثة أن يكونوا العصب الحقيقي للتيار السلفي؛ فحضورهم الفضائي وانتظام دروسهم وتنقلهم بين المحافظات دون مضايقات أمنية، جمَّع حولهم مئات الآلاف من التلامذة والأتباع والمتعاطفين بشكل عام مع خطابهم الوعظي الذي يتجنب الخوض في مسائل السياسة ويركز علي العقيدة، وتصفية النفس وتزكيتها، لكنهم تفاجئوا بالثورة، وكانت أغلب مواقفهم في بداياتها تقضي بعدم المشاركة فيها، وعدم الخروج علي الحاكم وبعد أن وجدوا رأس النظام يتهاوي تحركوا لمناصرتها، وسرعان ما انتقلوا من العمل الدعوي إلي عالم السياسة، ومناصرة المرشحين الإسلاميين لأول انتخابات رئاسية بعد الثورة، ورغم أنهم لم ينتخبوا مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسي إلا أنهم ساندوه بعد توليه الحكم، لكنهم اختفوا مع أحداث ثورة 30 يونيو ولم يخرجوا بموقف مما يحدث سواء بالرفض أو الموافقة، ما أشغل بال الكثيرين: أين مشايخ السلفية (حسان ويعقوب والحويني) من عزل مرسي؟ وهل انسحبوا من المشهد أم تم منعهم من إلقاء الخطب؟ في بداية الأحداث خصوصاً الأيام التي سبقت 30 يونيو حاول الشيخ محمد حسان عقد مصالحة وطنية لكل الأطياف السياسية لكنه فشل، وقال في بيان بثته قناة الرحمة التي أغلقت بعد الثورة وأعيد بثها مطلع الأسبوع الجاري "إن كل طرف متمسك برأيه"، مضيفاً: " أذكر الشعب المصري بحرمة الدماء، وأن دم المسلم أعظم من الكعبة، ولن ينفعك أحد في تلطيخ يدك بدماء إخوانك، وأحذرك من رفع السلاح في وجه أخيك"، وتابع: "أحذر المصريين من تخريب الممتلكات وممارسة العنف، ويجب أن يحفظوا دماءهم، مؤكدًا أن الإسلام باقٍ ولن يضيع". ولم يخرج الشيخ حسان بفتوي واحدة تجيز التظاهرات الحالية لأنه يري ما تمر به مصر فتنة كبري، تلزم من الشيوخ الصمت بسبب كثرة الشائعات، وبالتالي لم يشارك في أي تظاهرة تؤيد الرئيس السابق مرسي، وحالياً يقبع الشيخ في منزله بالحي الخامس. أما الشيخ محمد حسين يعقوب فلم يعتبر الكثيرون اختفاءه غريباً لأن من عادته الابتعاد عن أي مشادات أو خلافات في الرأي، إذ ظل طيلة مشواره الدعوي يركز فقط علي القضايا التي تمس صميم العقيدة، لكنه كغيره اندمج سريعاً في الحياة السياسية، بفضل مناخ الحرية الذي أتاح لهم فرصة الخطابة في المساجد الكبري ولقاء الشباب في الجامعات بعد أن كان ممنوعا منها كغيره من مشايخ السلفية، وكانت غزوة الصناديق نقطة مفصلية في علاقة الشيخ بالإعلام والرأي العام، إذ عبر عن موقفه الداعم للموافقة علي الاستفتاء بنعم علي الدستور في مارس 2011 ما جعل "يعقوب" يشعر بالحرج ويتراجع عن موقفه في برنامجه قائلاً "كنت أمزح وأتحدث بعفوية والدعوة والساحة مفتوحة وتسعنا وتسع غيرنا، لكن أشد ما جرحني فعلا ما قاله البعض من أننا عملاء لأمن الدولة ونحن الذين منعنا من مساجدنا طيلة السنوات الماضية". وكان ذلك الموقف بمثابة صدمة للشيخ من العالم السياسي فلم يحدث منذ أن بدأ مشواره الدعوي أن ناقده الجمهور في شيء، إذ وجد أن القلوب ليست صافية بما يكفي حتي يتحدث بحسن نية. كما استطاع أن يدخل جامعة الأزهر وخطب في عدد من مساجد وزارة الأوقاف الكبري مثل الجامع العباسي بمدينة شبين الكوم بالمنوفية، والآن عاد الشيخ يعقوب إلي مواصلة العمل الدعوي في مدرسته التي تقع في مسجد رب العالمين بميدان فودافون بالسادس من أكتوبر والمعروفة باسم " المدرسة الربانية"، ويقدم فيها الشيخ درساً يوم الأربعاء من كل أسبوع عقب صلاة العشاء . وفي مرتبة الصامتين كان يُصنف الشيخ أبي إسحاق الحويني إذ يعتقد البعض أنه غائب لكنه يتابع الأحداث عن كثب ويظل صامتاً إلي أن تنتهي ويخرج ليعلن موقفه، لكن في أيام الفتنة التي نمر بها لن يغفر له أحد، خصوصاً أن موقفه واضح من المظاهرات أنها جهاد في سبيل الله، إذ يري أن أي مظاهرة لن تحدث أي تغيير في الواقع ولا تنتزع حقا من الظالم بل هي جهاد في سبيل الله، ويستشهد في ذلك بحديث الرسول محمد أن أكبر الجهاد قولة حق في وجه سلطان جائر، وعندما هاجمه البعض لعدم اتخاذه موقف إزاء ثورة 25 يناير قال إنه لو بعث الله سيدنا عمر بن الخطاب وتوجه للمعتصمين بالتحرير بكلمة علي غير هواهم لرجموه! الشيخ الحويني كان يصرح إنه يشعر بالانقباض مع كل حدث عصيب تمر به مصر لخوفه عليها، ويبدو أن تلك هي حالته الآن، إذ قال في درسه منذ أيام بأحد المساجد بمحافظة كفر الشيخ، "عندي كلام كثير أريد أن أقوله، ولكن في الوقت المناسب، وكلامي ليس مبنيًا علي الظن المرجوح، ولكن مبني علي الظن المقترن بالدلائل"، مضيفاً أن الناظر إلي هذه الأحداث كأن الله تعالي يقول للمتشوقين ومن يحلمون بإقامة الدولة الإسلامية (ها هي قد جاءت لكم سهلة ميسورة!! فلما لم تقيموها نزعناها منكم، لتعلموا أن التمكين لا يأتي إلا بالعبودية). لكن فوجئنا بعدها أن الشيخ الحويني يعلن اعتزاله السياسة، وقال في بيان: "إن كنت تقتدي بعالم لم تجد له كلمة في الأحداث ورأيته معتزلا فالأولي لك الاعتزال، ولا ينبغي أن نخون فلاناً ونزكي فلاناً بناء علي موقفه فإن لكل منا اجتهادا ورؤية شرعية للأحداث". ورغم مواقف الشيوخ الثلاثة الواضحة من الأحداث السياسية إلا أن أنباء ترددت عن منعهم من إلقاء خطب الجمعة ووضعهم تحت الإقامة الجبرية، بعد رفضهم تعليمات القيادة العامة للقوات المسلحة بإذاعة خطابات متلفزة تحث أنصار مرسي المعتصمين إلي فض اعتصامهم، وهو ما نفاه وسام عبد الوارث المنسق العام ل"ائتلاف صوت الحكمة"، ورئيس قناة "الحكمة" الدينية السابق مؤكدا أن عدم إلقاء الشيخين حسان ويعقوب لخطبة الجمعة جاء بسبب سفرهما للعمرة في أول رمضان، وأن امتناع الحويني عن الخطبة كان بسبب حالته النفسية السيئة بسبب الأحداث ووفاة صهره، مشدداً علي أن ما أشيع مؤخراً بشأن خضوعهما للإقامة الجبرية أو منعهما من الخطابة ليس صحيحا.