هذه الموسوعة للكاتب الصحفي الكبير سامح كريم اهتمت بقضية التجديد في الإسلام، خاصة بعد وقوع أحداث سبتمبر 2001 التي أسفرت عن انفجار برجي التجارة العالميين في نيويورك وأجزاء من مبني البنتاجون، مما دفع بعض الأصوات المتطرفة لاتهام الإسلام ظلما وعدوانا بالإرهاب، وطالبوا بتجديد أفكاره، وفاتهم أن التجديد في الفكر الإسلامي تم علي أيدي أبنائه منذ خمسة عشر قرنا، لهذا عاد سامح كريم للمراجع، قارئا وناقلا لبعض النصوص وكل ما تركه السابقون، قدماء كانوا أو محدثين، ووجد أن في القرن الواحد منذ بداية القرون الإسلامية، أكثر من مجدد، منهم العلماء والفقهاء والقائمون علي أمور المسلمين، من خلفاء وولاة وحكام، وقدم هذا الجهد العلمي في موسوعة تحمل عنوان المجددين في الإسلام. فالإسلام منذ قرونه الأولي ليس عقيدة دينية فحسب، بل نظام سياسي واقتصادي، واجتماعي، كما أنه ليس عبادة جوفاء، وليست تعاليمه بمعزل عن التطور والتغير، بل الإسلام دين متطور، حدد القواعد العامة التي تصلح لكل زمان ومكان، بينما يفكر المجدد في تنظيم الفروع، التي لا تمس جوهر هذه القواعد، والتفكير جزء من الأصول المقررة في الإسلام، كدين يشمل صلاح الدنيا والآخرة، ويتسع للتجديد في كل زمان ومكان، تجديدا يقوم به رجاله بنص حديث النبي ([) »إن الله يبعث لهذه الأمة علي رأس كل مائة عام من يجدد لها دينها علي رأس المائة سنة الأولي الخلفاء الراشدون الأربعة، ومعهم عمر بن عبد العزيز، والإمام الحسين وشقيقته السيدة زينب رضي الله عنهما وفي المائة سنة الثانية الخليفة المأمون والأئمة الأربعة، إلي جانب الإمام الليث بن سعد وفي الثالثة المقتدر بالله مع ابن سريج وابن حنبل وفي الرابعة القادر بالله مع أبي الحسن الأشعري والفارابي وفي الخامسة المستظهر بالله مع الغزالي وابن سينا وابن حزم. حلول لمشاكل المسلمين التجديد كحركة فكرية واجه بعض التحديات، نتيجة لتطور الحياة وتغيرها من حال إلي حال، أو تقدم التكنولوجيا وعطائها المستمر للإنسان المعاصر، إلي جانب تحديات أخري تعود إلي تمسك بعض ملوك ورؤساء وأمراء وقادة المسلمين بالحكم الاستبدادي ومقاومة حرية التفكير، وجمود بعض علماء الدين وعدم تفكيرهم في الاهتمام بالإصلاح، وإيجاد حلول للقضايا والمشكلات التي تواجه المسلمين، ويرصد سامح كريم بين سطور الموسوعة عددا من المجددين الذين واجهوا متاعب، منهم من عاني من عذاب السجون أو القتل وكانت جريمتهم التفكير، كذلك واجهت محاولات التجديد عقبات، بسبب تقسيم الأمة الإسلامية إلي أحزاب وشيع، أبرزها الشيعة والسنة، وهو التقسيم الذي شجع أعداء الإسلام، علي استخدام أدواتهم الإعلامية والمخابراتية، لتغذية وإشعال هذا التقسيم، وتحريض كل جانب علي مقاتلة الآخر، كما ساهمت معاداة الغرب للمسلمين في عرقلة التجديد، من خلال حركات الاستشراق، ثم اعتبار الإسلام بما فيه من علماء وأدباء وسياسيين إرهابيين، كما ساهم انتشار وسائل الاتصال الحديثة في تعطيل المحاولات المخلصة للمجددين، فقد ساعدت الفضائيات علي إتاحة الفرصة لإصدار الفتاوي والتفسيرات الخاطئة، من غير المتخصصين، علي نحو ما فعلت بعض الفضائيات، عندما استعانت بالفنانات المعتزلات، لإصدار فتاوي في الشئون الدينية، ومعهم الذين يسعون للشهرة والحصول علي الأموال الوفيرة، من خلال تقديم البرامج الدينية، دون أن تكون لديهم الثقافة الدينية التي تؤهلهم لذلك، والمؤسف أن يجتمع مع هؤلاء الصبية من أتباع الجماعات الإسلامية، الذين وقفوا بالإسلام عند بعض النصوص التي لايقرها كتاب أو سنة. علي مدي 15 قرنا الإسلام حافظ منذ ظهوره ومن خلال رجاله المؤمنين علي وضع الحلول المناسبة للمشكلات، علي مدي خمسة عشر قرنا، ساهم المجددون في تنشيط العقل الإسلامي قدموا إنجازات رائعة، تجاوزت العالم العربي والإسلامي إلي غيره من الأقطار الأجنبية، تضم قائمة هؤلاء المجددين فلاسفة ومفكرين وعلماء، وكذلك نساء آل البيت رضوان الله عليهن، كن علي قدم المساواة في تجديد الفكر الإسلامي وهن سيدة الرأي والشوري رئيسة الديوان زينب بنت الإمام علي رضي الله عنهما، وفاطمة النبوية بنت الإمام الحسين، وصاحبة أول ندوة فكرية في الإسلام والسيدة سكينة بنت الإمام الحسين ونفيسة العلم والمعرفة نفيسة بنت الإمام حسن الأنور رضوان الله عليهم جميعا. القرآن الكريم في مجمل آياته يؤكد الاهتمام بالدنيا والآخرة معا، فقد تكررت الدنيا في آياته115 مرة، وهو العدد نفسه الذي تكررت به كلمة الآخرة، هذا التساوي في عدد كلمات الدنيا والآخرة في القرآن الكريم يؤكد اهتمام كتاب الله بالدنيا والآخرة معا، قال تعالي » وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا« وقوله »ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشري في الحياة الدنيا وفي الآخرة لاتبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم« .