جمال دىبوز.. وتوفىق جلاب ولقطة من فىلم »مولود فى مكان« ما للمخرج محمد حامىدى.. الموت »بكرامة«.. أفضل العنف.. وجراح المدن نعمة الله حسين عظيمة يا مصر.. بأهلك.. وناسك.. بشيوخك.. وشبابك.. بنسائك وأطفالك.. نساء مصر اللائي تصدرن المشهد وكن في الصفوف الأولي.. نساء مصر هن (شعلة) الثورة.. تقدمن المسيرات والمظاهرات التي مع أو ضد النظام.. بصرف النظر عن الانتماء.. مشهد النساء في المقدمة استوقف العالم أجمع.. فتحية لهن جميعا خاصة من كانت منهن (أم الشهيد). الأطفال شاركوا في المشهد بعد أن كبروا قبل الأوان.. وتم فطامهم من التدليل.. ليرضعوا حب بلدهم مصر.. »الولاد«.. و»البنات« كبروا قبل الأوان بعد أن نزلوا الميدان. وتفتح وعيهم.. ويدركون جيدا إنهم (الأمل) في بكرة.. وإنهم يعنون (المستقبل).. لذا خرجوا بعد أن (ركنوا) طفولتهم علي جنب.. ليقولوا أنهم قوة لا يستهان بها.. وأنهم ترجمة (الحلم) الذي تحلم به الجماهير والشعب كله.. »عظيمة يا مصر«.. و(تعيشي يا بلدي).. يا أم المصريين.. فأنا بحبك يا بلادي. »مادس ميكالسين« بطل فيلم (مايكل كولاس) للمخرج الفرنسي »آرنود دي بالليار« الحرية هي ما نحلم به.. فهي حلم الجميع.. وثمنها غال.. لكنها (أغلي) من كل شيء.. وفي سبيلها يهون كل شيء. أجمل ماحدث في مصر أن (الخوف) زال من النفوس.. ولم يعد له وجود علي الإطلاق.. »الخوف« هو الأرض الخصبة لنبتة الديكتاتورية.. والظلم والاستبداد. فتحية لكل الأحرار والثوار ليس في مصر وحدها بل في العالم أجمع وتحية لنساء مصر.. وأطفالها الذين تقدموا المشهد.. وتحية خاصة لحفيدتي الصغيرة (رحمة) التي أخذت بيدي أنا المريضة التي أعاني من صعوبة في السير.. لتدفع بي إلي »الميدان« لأحتمي بها وتحتمي هي بالميدان. »الحرية« التي تبحث عنها اليوم.. بحث عنها الجميع في كل العصور.. فقد خلقنا الله أحرارا. ومن الأفلام التي عرضت في مهرجان كان هذا العام (مايكل كولاس) للمخرج »آرنو دي بالليار« الفرنسي.. وقد شارك في المسابقة الرسمية.. وهو إنتاج فرنسي ألماني.. وبطولة كل من »مادس ميكالسين« و»ميلوزين مايانس« و»دلفين شييوه«. أحداث الفيلم تدور في »القرن السادس عشر« يعيش في هدوء وسلام »مايكل كولاس« في الأحراش والغابات حياة عائلية سعيدة.. يتاجر في (الخيول).. لكنه يتعرض لظلم شديد من قبل شقيق الملكة الذي يسرق خيوله.. الرجل يثور لكرامته ولحريته يشكو للملكة لكنه يكون جيشا من الفقراء ليدافعوا عن وجودهم.. وبالفعل ينجح في الثأر لنفسه ولكل البائسين الذين تعرضوا للظلم.. عندما تأتي الملكة وتقابله تحكم علي شقيقها بأن يعيد الجياد في حالة جيدة جدا كما أخذها .. كما تطلب من »كولاس« أن يتوقف عن ممارسة العنف طالما إنه سيأخذ حقه.. إنها هدنة مؤقتة.. لكن أثناء هذه الهدنة.. يتم إطلاق النار علي أحد الجنود من رجل لم يسلم سلاحه.. فتعتبر الملكة أن هذا خرق للاتفاق. ويكون الحكم بأن يعدم »كولاس« بعد أن يأخذ حقه ويستعيد ثروته من الجياد.. فيأخذها ويعطيها لصغيرته التي شاركته رحلة الثأر والثورة والبحث عن الحرية بكرامة.. لايهم أن (يعدم) لأن الأهم هو أنه أخذ حقه فالموت بكرامة.. أفضل بكثير من الحياة (بخنوع وذل).. الفيلم مأخوذ عن رواية للكاتب »هنريش فون كليست« ويقول المخرج »آرنو« إنه قرأ هذه الرواية وكان عمره خمسة وعشرين عاما في بداية حياته الفنية فوقع أسيرا لها.. وانتظر تقريبا خمسة وعشرين عاما ليحقق حلمه في تنفيذ هذا الفيلم.. إن الفيلم به جهد كبير في التصوير والموسيقي والتمثيل.. والملابس.. والديكور وبدا مخرجه متمكنا من كل أدواته. إن »كولاس« هو نموذج لكل العصور إن »الظلم« يولد الثورة.. وإن الطغيان لا مكان له علي الإطلاق في العالم فلابد أن يزول (الخوف) من النفوس لتحيا الحرية.. وينتهي الاستبداد.. فالحكام زائلون والشعب هو الباقي.. فلا صوت يعلو علي صوت الشعوب. عندما يتألم الوطن »الوطن« نحمله في قلوبنا.. نحرسه بعقولنا.. كي لا نسبب له الألم لأن ألم الوطن يحزن القلب.. ولهذا يعز علي الشرفاء من أبناء الوطن في أي مكان أو أي نقطة في العالم أن تتأذي أوطانهم نتيجة العنف والقتل الذي يمارسه البعض ضد الآخرين.. لاختلاف الرأي والرؤية السياسية.. إن من حق كل إنسان أن تكون له رؤيته الخاصة.. وانتماؤه السياسي، لكن ليس من حق أحد أن يستعمل العنف ويقتل الروح التي حرم الله قتلها. وفي مصرنا.. بلادنا الحبيبة إذا كان هناك انقسام فإنه يجب علينا أن نعي أن الدم لا انقسام فيه لأن الدم مصري. وفي دورة مهرجان هذا العام كان هناك العديد من الأفلام التي اتسمت بالعنف الشديد.. أحيانا عندما نتساءل عن سبب هذا العنف الشديد نري أن هناك (استبدادا) و»ديكتاتورية« مورست عليهم سنوات طويلة.. ولأن للصبر حدودا فإن الخروج من قمقم »الديكتاتورية«.. لابد أن يصبغ الشخصية بالعنف الشديد. والصين إحدي هذه الدول التي عاني فيها المواطن من الضغط والكبت.. لذا تري عنفا في الشخصية يعد إحدي السمات فيها وإن كان مغلفا بالأدب الشديد والهدوء لكن من فوق السطح. وعكس الفيلم الصيني (لمسة سين) للمخرج القدير »جيازانكي« من خلال ثلاثة أفلام قصيرة جرح الوطن والأمة من خلال ابنائه.. إنه صورة صادقة واقعية لما يحدث اليوم في الصين.. إنه »جرعة ألم« لمجتمع عاني من الكبت السياسي والخضوع لحزب واحد. نماذج الشخصيات التي تثور علي الأوضاع حولها الفيلم الأول يروي قصة (داهاي) واحد من عمال المناجم الذين تم استنزاف قواهم البشرية بالكامل.. ثم استغلال البعض لهم في الوصول للسلطة والثروة لينكروا بعد ذلك كل وعودهم.. لذا أمام هذ الكذب والزيف عند الوصول للسلطة.. يقرر (داهاي) أن يقف في وجه الظلم والطغيان والاستبداد بشجاعة ربما لايجاريه البعض فيها.. خاصة المنافقين لكنه يكفيه شرفا أن هناك شرفاء آخرين ينضمون إليه.. ويكفي أن صوته ارتفع بكلمة الحق.. »والحق يعلو ولا يعلي عليه«. أما الفيلم الثاني فيروي قصة (سينار) الشاب الذي يهيم علي وجهه مستقلا دراجته البخارية.. ترك زوجته وطفله ليبحث عن لقمة العيش.. ومن أجل ذلك يجول البلاد طولا وعرضا يمارس عليه عنفا عندما يتعرض لهجوم ثلاثة من الشباب عليه.. فلا يجد أمامه أثناء الدفاع عن نفسه سوي قتلهم.. العنف في شخصيته يجعله يفعل أي شيء في سبيل الحصول علي المال إن (سينار) جزء من شباب المدينة وأبناء الريف علي شاكلته يوجد ملايين في الصين. العنف الذي يمارس في المدينة بالتأكيد يصيبها بجراح.. وما أقسي جراح المدن.. هي مأساة حقيقية.. وهو مايحدث للفتاة »زيادي« التي تعمل مضيفة في ناد صحي.. لكن يبدو أن سطوة بعض الرجال وثراءهم جعلهم يعتقدون إنه بإمكانهم شراء كل شيء.. فعندما يأتي ثلاثة من الرجال الذين يستغلون نفوذهم عارضين عليها مبلغا كبيرا من المال مقابل علاقة حميمية تقيمها معهم.. لكنها ترفض بشدة وتقاومهم.. وفي أثناء مقاومتهم تقتل أحدهم.. لتهيم في شوارع المدينة عائدة إلي والدتها.. فقد أصبحت جراحها من جراح الوطن.. لذا يكون الألم أشد وأقسي.. ولعل من أعظم الأشياء أن جراح المدن مهما كان عمقها وخطورتها فإنها لاتؤدي أبدا إلي موتها.. فالمدن جزء من الوطن.. والوطن لا يموت أبدا. لن أنسي أبدا بلدي لن أنسي أبدا »بلدي«.. »وطني« يسكن في »قلبي« أحميه (بعقلي) افتديه بروحي.. لا أحد سوي الخائن لايحمل وطنه في قلبه مهما اقترب وابتعد.. فنحن نحمل أوطاننا معنا أينما كنا.. وفي مهرجان »كان« جاء نجم النجوم العربي المغربي (جمال ديبوز) الذي يمثل التحدي في أن إرادة الإنسان هي من إرادة الله.. هذا الشاب المعاق في يده نجح في أن يكون (الساخر) الكبير الذي اضحك الشعب الفرنسي من خلال برامجه.. ثم يتجه إلي السينما فيقدم أروع الأدوار.. ولن ينساه أحد في الفيلم العظيم (بلديون) لرشيد بوشارب. »جمال ديبوز« لم ينفصل أبدا عن وطنه المغرب.. وفي كل مناسبة يقدم الدعم الكبير ولذا فهو نموذج رائع للفنان الإنسان. وبهذه المناسبة فإن موقف فنانينا ومثقفينا لشيء مشرف في وجه من يعادي الفن ومن يتسلط عليهم وهو دون المستوي وليس له علاقة بالثقافة.. (جمال ديبوز) جاء إلي (كان) للحضور والمشاركة في عرض فيلمه (مولود في مكان ما) للمخرج محمد حاميدي.. وقد شارك جمال في بطولة الفيلم الفنان »توفيق جلاب«.. وعبدالقادر سكتور وهو يروي حكاية كل واحد مغترب عن وطنه.. من حقه أن يبحث عنه.. ويفتش عن جذوره.. فالمستقبل امتداد للحاضر والماضي لايستطيع أحد أن يفصلهم عن الآخر. (فريد) شاب فرنسي المولد من أصول جزائرية في السادسة والعشرين من عمره.. لم يعرف له وطنا سوي فرنسا.. لكن عليه أن يذهب لوطنه الجزائر للمرة الأولي لكي ينقذ منزل والده.. هذه الرحلة لوطنه الأصلي بلده وبلد أجداده جعلته يكتشف جذوره ويتعرف علي أهله وأبناء عمومته.. لقد وقع أسيرا في حب الوطن الحقيقي الذي لم يعرفه يوما.. وإن كان يعاني من صعوبات تجعل البعض يحلم بالهجرة منه.. لكن حلم الهجرة لايعني أبدا نسيان الوطن.