الدكتور بهاء نصر الدين (استشاري الأمراض الباطنية) له اهتمام بالغ بالعلاقة بين الطب والإسلام، وإذا كان حافظا للكثير من سور القرآن الكريم، إلا أنه يستشهد في مواقف متعددة بأن كتاب الله المبين قد سبق عصره بالنسبة لجوانب من الأصول والقواعد الطبية والصحية مما يعد شاهدا علي صدق ديننا العظيم. وسبحان الله العظيم عندما فرض الصيام فقد رخص للمرضي بالإفطار حتي لايتسبب الصوم في تدهور حالاتهم، فالله يحب أن تؤتي رخصه كما تؤتي عزائمه. ولكن : من هم المرضي المرخص لهم بالإفطار في شهر رمضان المبارك؟ .. ومن منهم الذين لاتتعارض أمراضهم مع الصيام؟ الدكتور بهاء نصر الدين يحدد كل هؤلاء، وشارحا فوائد الصيام، وما يمثله الركن الرابع في الإسلام علي صحة الصائم ويمنحه الراحة النفسية والطمأنينة، مما يعكس ذلك علي تحسن أمراض الجهاز الهضمي. لقد فرض الله الصيام لقوله في كتابه الكريم {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو علي سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولايريد بكم العسر}. وفريضة الصيام علي ماتمثله من عبادة وطاعة وامتثال لأمر الله بالصيام فإنها تمنح الصائم الراحة النفسية والصفاء الذهني والطمأنينة والتي تنعكس علي صحته وتساعد علي التخلص من معظم الأمراض النفسية وتحسن من أمراض الجهاز الهضمي من خلال انتظام مواعيد الأكل وخاصة إذا التزمنا بالوسطية في الطعام وعدم المبالغة في الأطعمة الدسمة كثيرة الدهون كما أن الصيام يعتبر فرصة ذهبية للمدخنين للتوقف عن التدخين. 61 ساعة صيام! رغم ذلك فإن الصيام يمثل تحديا لبعض المرضي، هذا التحدي يتمثل في عدد ساعات الصيام وهي حوالي 16 ساعة مع الارتفاع الشديد في درجة الحرارة وارتفاع نسبة الرطوبة حيث يتوافق شهر رمضان هذا العام مع بداية فصل الصيف. ففترة الصيام الطويلة تؤدي إلي انخفاض في معدل السكر في الدم ونقص في كمية المياه في الجسم مع زيادة حاجة الجسم للمياه لتعويض فقد المياه بسبب ارتفاع درجات الحرارة وفقد المياه بالعرق دون تعويض بشرب المياه والسوائل. وحيث إن الله سبحانه وتعالي عندما فرض الصيام رخص للمرضي بالإفطار حتي لا يتسبب الصيام في تدهور حالاتهم وأن الله يحب أن تؤتي رخصه كما تؤتي عزائمه وأن الحفاظ علي النفس من أهم مقاصد الشريعة فسنعرض الأمراض التي توجب الإفطار والقضاء عند الشفاء والأخري التي لا براء منها ولا يستطيع المريض فيها القضاء. أمراض قابلة للشفاء الأمراض الطارئة هي الأمراض التي يتم الشفاء منها مثل: العدوي الفيروسية والبكتيرية والحميات وهي أمراض تؤدي لارتفاع درجة الحرارة ويحتاج العلاج إلي المضادات الحيوية ومخفضات الحرارة بجرعات متكررة طوال اليوم والسوائل بكثرة وعليه فلا ينصح فيها بالصيام علي أن يصوم حال تماثله للشفاء ويقضي مافاته من أيام أثناء المرض. أما الإصابات والكسور والجروح والحروق وينتج عنها آلام حادة وفقد لسوائل الجسم والنزيف فلا ينصح فيها بالصيام قبل استقرار حالة المرض. وبالنسبة للصيام والأمراض المزمنة: الأمراض المزمنة هي الأمراض التي يتم التحكم فيها بالعلاج ولكنها غير قابلة للشفاء التام وأهم هذه الأمراض وأكثرها شيوعا ارتفاع ضغط الدم مرض البول السكري قصور الشرايين التاجية وجلطة القلب قصور الشرايين الدماغية وجلطة المخ قصور الشرايين الطرفيه وجلطات الساقين. ضغط الدم المرتفع لايتعارض ارتفاع ضغط الدم مع الصيام وخاصة ضغط الدم البسيط ومتوسط الشدة والذي يتم التحكم فيه عن طريق الأدوية التي تؤخذ مرة واحدة في اليوم ويستمر مفعولها لمدة 24 ساعة مع تجنب مدرات البول خاصة وقت السحور حتي لاتتسبب في فقد سوائل الجسم أثناء النهار. ولاينصح بالصوم في حالات الارتفاع الشديد في ضغط الدم والتي يتطلب علاجها أكثر من نوع من الأدوية قد تصل إلي 4 أدوية علي مدار اليوم والحالات المصاحبة بالمضاعفات. وتعالوا نحدد أمراض قصور الشرايين (التاجية الدماغية الطرفية) والجلطات المصاحبة لها: هذه المجموعة من الأمراض تتمثل في أعراض نقص كمية الدم المطلوبة لمختلف أعضاء الجسم لتؤدي وظائفها بالشكل المناسب وينتج هذا النقص سواء من نقص السوائل بالدم مما يقلل سيولة الدم أو من ضيق وتصلب الشرايين أو من أسباب أخري. هبوط السكر بالدم وهذه المجموعة من الأمراض قد يحدث لها مضاعفات شديدة أثناء الصيام لعدة أسباب أولها: هبوط معدل السكر بالدم والذي يسبب حدوث أعراض الذبحة الصدرية لمرضي قصور الشرايين التاجية وأعراض قصور الشرايين الدماغية من دوخة ودوار وتنميل وفقد للتركيز. ثانيا : نقص سوائل الجسم والدم يؤدي إلي نقص سيولة الدم والذي قد يؤدي لجلطات القلب والمخ وغرغرينا الأطراف وهذه الأمراض لا ينصح فيها بالصيام. مرض البول السكري وينقسم إلي نوعين: النوع الأول: والذي يتميز بفشل في البنكرياس وعدم إفراز الأنسولين من البنكرياس وهو النوع الذي يحدث لصغار السن غالبا وهو الأقل شيوعا وغالبا يحتاج المريض لجرعات متعددة من أكثر من نوع من الأنسولين علي مدار اليوم للتحكم في نسبة السكر ولا ينصح لمرضي هذا النوع بالصيام. نقص في الأنسولين النوع الثاني: وهو ناتج عن نقص في كمية الأنسولين أو وجود أجسام مضادة لعمل الأنسولين بالجسم وهذا النوع هو الأكثر شيوعا والأسهل في التحكم فيه ولا مانع من صيام المريض مع ضبط مواعيد الدواء ونوعية الأكل.. وهناك من الأمراض الشائعة في مصر مثل أمراض الكبد والبلهارسيا وفيروس سي وتقييم الحالة حسب الكبد إذا كان متكافئا فلا مانع من الصيام مع تجنب الإجهاد والإمساك والالتزام بالاعتدال في الطعام وتعاطي الأدوية. نتمني للجميع صوما مقبولا وأن يمتعهم الله بالصحة والعافية وكل عام ومصر بألف خير وعافية.