يعتبر الخليفة العباسي عبدالله بن هارون الرشيد الملقب بالمأمون من أعظم خلفاء العباسيين، وقد عاش في الفترة (687 338م).. وقد ولد في منتصف ربيع الأول سنة 071ه، وكان يكني أبا العباس. وكان هذا الخليفة شديد الحرص علي سيادة العدالة، والعلم، كما كان له ولع خاص بالفلسفة، وفي عصره أنشئت دار الحكمة التي ضمت أنفس الكتب في العلم والفلسفة والثقافة بجانب كتب الدين، كما شجع الترجمة من مختلف اللغات إلي العربية، وكان هو نفسه شديد الذكاء، ويتضح ذلك من هذه القصة التي روتها كتب التراث ومنها تاريخ الخلفاء للإمام السيوطي. ويروي لنا الصديق الراحل فؤاد شاكر في كتابه الأشباح والأرواح: (الحقيقة والخرافة) هذه القصة التي تدل علي ذكاء الخليفة المأمون.. جلس المأمون يوما وحوله العلماء والفقهاء، فاستأذنت امرأة ودخلت وقدمت حكايتها.. قالت: يا أمير المؤمنين، مات أخي وترك ستمائة دينار، فقسموا الميراث، وأعطوني دينارا واحدا وقالوا لي: هذا هو نصيبك.. فسكت المأمون لحظة مطرقا، ثم رفع رأسه.. قال للمرأة.. هذا قد يكون حقا نصيبك.. فدهش الحاضرون وقالوا.. كيف كان ذلك يا أمير المؤمنين؟ فسأل المأمون المرأة هل ترك أخوك ابنتين؟ قالت: نعم قال المأمون: فلهن الثلثان.. أربعمائة دينار.. فهل كانت له والدة؟ قالت: نعم فقال: فلها السدس وقال: وهل خلف زوجة؟ قالت: نعم.. فقال: لها الثمن خمسة وسبعون.. ثم سأل المأمون: وبالله ألك اثنا عشر أخا؟ قالت: نعم يا أمير المؤمنين فقال.. أصاب كل واحد منهم ديناران وتبقي لك دينار واحد.. ويعلق المؤلف.. قد يبدو التفوق العقلي من هذا النوع في عالمنا المعاصر لا ضرورة له بعد أن انتشرت وتطورت أجهزة الحسابات والقياسات، إلي جانب الأجهزة والآلات الإلكترونية العديدة، التي (جمدت) الكثير من طاقات الإنسان وإبداعاته، بل أتلفت بعض مناطق في (جهازه) البدني بالتأكيد.