بين مقاطعة القضاة لمؤتمر العدالة وإصرار مجلس الشوري علي مناقشة تعديلات قانون السلطة القضائية تبقي هناك حالة من التوتر وصلت إلي حد محاولة تدويل القضية من قبل القضاة خاصة بعد إعلان مجلس الشوري مناقشة تعديلات قانون السلطة القضائية في جلسات المجلس يوم السبت القادم. لعنة القضاء جعلت هناك مواقف مضادة لحزب الأغلبية بالشوري-الحرية والعدالة- من قبل أغلب التيارات الأخري الموجودة داخل المجلس والمنتمية أيضا لتيار الإسلام السياسي وعلي رأسها حزب النور السلفي الذي أعلن موقفه ورفضه التام لما يحدث في قانون السلطة القضائية .حتي إن تطمينات رئيس مجلس الشوري الدكتور أحمد فهمي حول ما تم عرضه في جلسة المجلس الأخيرة أكد أن ما تم عرضه في جلسة المجلس حق إجرائي لمقدمي الاقتراحات الخاصة بقانون السلطة القضائية لكن هذه التطمينات لم تهدئ من غضبة القضاة. وقال فهمي إن المجلس وافق علي إدراج تقرير لجنة الاقتراحات والشكاوي بشأن القانون علي جدول المجلس في 25 مايو الجاري وأن المجلس سيناقش التقرير من حيث المبدأ فإذا وافق المجلس عليه سيحال التقرير إلي اللجنة التشريعية والدستورية. وأشار إلي أنه في نفس الوقت قبل أن تتم المناقشة في اللجنة لمشروع القانون سيرسل إلي جميع الهيئات القضائية لإبداء رأيها فيه أو تقديم مشروعات قوانين بالإضافة إلي ما سيسفر عنه المقترح بقانون للسلطة القضائية من قبل مؤتمر العدالة والذي سيقدم من خلال رئيس الجمهورية. وشدد رئيس مجلس الشوري علي احترامه لاستقلال سلطات الدولة المختلفة وحق الهيئات القضائية الدستوري في إبداء الرأي في مشروعات القوانين التي تتعلق بها. وكان هناك سلسلة اتصالات مكثفة بين مؤسسة الرئاسة وجماعة الإخوان المسلمين للمطالبة بتأجيل مناقشة قانون السلطة القضائية في مجلس الشوري وعقد المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة اجتماعا طارئا لبحث فرص تأجيل مناقشة القانون وفي المقابل أبدي نواب مجلس الشوري عن الحزب رفضهم التام لتدخل الرئيس محمد مرسي في سلطاتهم. وبحث الاجتماع تأجيل مناقشة القانون لحين الانتهاء من مؤتمر العدالة وبحث إمكانية دمج توصيات مؤتمر العدالة مع مشروع القانون المقدم من الحزب داخل البرلمان. وكان حزب النور السلفي قد طرح مبادرة للخروج من أزمة قانون السلطة القضائية الحالي، تتضمن عدة نقاط أهمها عرض مشروع القانون علي مجلس القضاء الأعلي، وتدوين رأيه علي القانون، بالإضافة إلي عرض القانون علي حوار مجتمعي وتدوين مجمل مقترحات القوي السياسية والمجتمعية، ثم الخطوة الثالثة، تدوين نتائج مؤتمر العدالة الذي دعت إليه مؤسسة الرئاسة، وعرض المقترحات الثلاثة علي مجلس النواب المقبل المنوط به إصدار التشريعات المصيرية، علي خلاف سلطة التشريع الممنوحة لمجلس الشوري بشكل مؤقت وفي القوانين الطارئة. مابين مؤيد ومعارض من قبل نواب الشوري كانت هناك آراء متباينة استطلعتها "آخرساعة" بين نواب المجلس حيث كانت الآراء واضحة فنواب الحرية والعدالة ونواب الوسط يؤيدون فكرة مناقشة التعديلات أما نواب حزب النور والأحزاب الليبرالية الأخري وقفوا تماما ضد مناقشة هذا القانون وقال الدكتور محمد إبراهيم منصور، عضو الهيئة العليا لحزب النور، إن الحزب يري أن قانون السلطة القضائية، والذي وافق مجلس الشوري علي مناقشته يوم 25 من شهر مايو الحالي، يجب أن يطرح علي النقاش المجتمعي، وتتوسع دائرة النقاش حوله، كخطوة أولي علي أن تدون ملاحظاتهم، بالإضافة إلي عرضه علي مجلس القضاء الأعلي، المختص بسلطة القضاء، ثم انتظار نتائج مؤتمر العدالة، وأن يعرض علي مجلس النواب وليس الشوري، مجمل هذه المقترحات ليقوم بدوره بإقرارها. وأشار إلي أن الحزب يري أن القانون ينبغي أن يكون أشمل مما وضع عليه لتلبية استحقاقات الثورة، والدستور الجديد، واستحقاقات مصر في ثوبها الجديد، مشيرًا إلي أن هذا يستوجب أن يكون المشاركون في دوائر أوسع من التي حددها القانون. وطالب بعرض القانون علي مجلس النواب القادم لأن مجلس الشوري تم تضييق الجانب التشريعي له إلا في حالات الضرورة فقط. وحذر من أن طرح القانون بهذه الصورة قد يتسبب في إحداث أزمة في أوساط القضاة. في السياق نفسه، طالب الحزب بعرض قانون السلطة القضائية علي المجلس الأعلي للقضاء وذلك عملاً بنص الدستور الذي يوجب عرض القانون علي السلطة القضائية المختصة لإبداء رأيها في مشروع القانون وإن كان رأيها استشاريا. وقال النائب أحمد يوسف أمين سر اللجنة التشريعية بمجلس الشوري، إن اعتراض حزب النور والمطالبة بعدم عرض قانون السلطة القضائية في الوقت الحالي، يرجع للظروف التي تمر بها البلاد، موضحا أنه يجب الانتظار حتي ينتهي مؤتمر العدالة الذي دعا إليه الدكتور محمد مرسي ووضوح نتائجه. وأكد أن الدستور ينص علي وجوب عرض القانون علي السلطة القضائية المختصة لإبداء رأيها في مشروع القانون، بالرغم من عدم الإلزام بالأخذ برأي السلطة القضائية مشددا علي أن حزب النور يحاول تهدئة الوضع وإنهاء حالة الاحتقان بين مؤسسات الدولة، لأن الاحتقان بين السلطات الثلاث ليس في مصلحة البلاد الآن والتصارع بين السلطة التشريعية والقضائية يزيد من تعقيد الموقف ويضر بالمصلحة العامة للبلاد. من جانبه قال النائب صلاح عبد المعبود عضو اللجنة التشريعية بمجلس الشوري، إن إصدار قانون للسلطة القضائية يتم العمل به لمائة سنة قادمة، يجب أن يتم علي مهل وبمشاركة جميع أطراف المجتمع، حيث إن مصر تعمل بقانون القضاة الحالي منذ 130 عامًا، وهو ما يتطلب إمعان النظر في القانون الجديد. وأضاف إن مجلس الشوري الحالي يريد سلق مشروع القانون كغيره من القوانين التي أصدرها بتجاهل آراء القوي السياسية، ثم يتضح الصواب في طرف المعارضة". وقال الدكتور سيد حزين عضو مجلس الشوري عن حزب الحرية والعدالة نرفض تدخل الرئيس في سلطة المجلس الذي انتخب بإرادة شعبية حرة لسن التشريعات التي تخدمه وتخلصه من الفساد الذي استمر ما يزيد علي 30 عاما مؤكدا أن نواب الحزب لن يخضعوا لأي جهة ويسلكوا طريقهم تجاه تحقيق تطلعات الشعب. وأضاف أن قيادات الحزب يرون ضرورة مناقشة القانون بشكل مبدئي وسيستغرق شهرين كاملين الأمر الذي يعني أنه لا يعيق مؤتمر العدالة ونستطيع بعدها التطلع إلي رؤي القضاة ومدي تماشيها مع رؤية مشروعنا لتحقيق التوافق المطلوب الذي لن يكون علي حساب التطهير والشعب وأكد طاهر عبدالمحسن وكيل اللجنة التشريعية والدستورية بمجلس الشوري أن مجلس الشوري ماض في طريقه لإقرار قانون السلطة القضائية. وأضاف أن سلطة التشريع هي اختصاص واجب والمجلس حينما يمارس الاختصاص المنوط به وفقا للدستور لا يفتري علي أحد ونحن ملزمون بأخذ رأي الهيئات القضائية في تعديلات قانون السلطة القضائية وفقا لنص المادة961 من الدستور. وأوضح أن تعليق المجلس الأعلي للقضاء الجلسات التحضيرية لمؤتمر العدالة شأن قضائي خالص ولا دخل لنا به من قريب أو بعيد. وكان تيار "استقلال القضاء قد أكد أن ما يحدث منذ فترة ليست بالقصيرة من حصار للمحاكم وتطاول بالتصريح والهتاف والسباب علي رجال القضاء لهو مقدمة لكارثة ما عاد لها وجود في أعتي النظم الشمولية علي مستوي العالم، وهي التغول علي السلطة القضائية باستصدار تعديل لقانونها لايطيح بكل خبراتها وشيوخها فحسب، وإنما يقنن اعتداء ممنهجا علي دولة القانون ، وقهر عدالتها. وأضاف قضاة الاستقلال في بيانهم الذي أصدروه منذ أيام ، أن تحديد يوم الخامس والعشرين من الشهر الجاري موعدا لمناقشة المشروع "المشئوم" بمجلس الشوري لهو انتهاك وإهدار لقيمة الرسالة الحكيمة التي بعث بها رئيس الجمهورية إلي جموع شعبه بالدعوة إلي عقد مؤتمر للعدالة يناقش فيه أهل الرأي والاختصاص أمراض العدالة وسبل علاجها، ولقد استبشر قضاة مصر بذلك خيرا لإدراكهم بأن منظومة العدالة وما تحتويه من قوانين وإجراءات تحتاج إلي شيء من الضبط والتحديث لا إلي العدوان علي السلطة القضائية والإطاحة بما يقارب ثلث أعضائها. وكان مجلس القضاء قد أكد في اجتماعه الطارئ برئاسة المستشار محمد ممتاز متولي رئيس المجلس رئيس محكمة النقض أنه سيدرس جميع ما قد يرد إليه من بدائل للخروج من هذه الأزمة. وأشار البيان الصادر عن مجلس القضاء الأعلي إلي أن قرار التعليق جاء بعد التشاور مع رؤساء الهيئات القضائية الأخري وهي المحكمة الدستورية العليا ومجلس الدولة وهيئة قضايا الدولة وهيئة النيابة الإدارية. وعلي جانب آخر أعلنت الجمعية العمومية الطارئة لمحكمة النقض رفضها عرض قانون السلطة القضائية علي مجلس الشوري لعدم اختصاصه دستوريا بنظره وإرجاء عرضه لحين انعقاد مجلس النواب وعدم مشاركة القضاة في مؤتمر العدالة إلا بعد أخد رأي الجمعيات العمومية للمحاكم والنيابات المختلفة. وأوضح المستشار حلمي الشريف المتحدث باسم نادي القضاة أنه تم مخاطبة محاكم النقض علي مستوي العالم بشأن ما اعتبره اعتداء علي السلطة القضائية ووصف المستشار عبدالله فتحي نائب رئيس محكمة النقض وكيل أول نادي القضاة قرار مجلس الشوري بالإسراع في مناقشة التعديلات علي قانون السلطة القضائية بأنه عبث وهزل مشيرا إلي أن المجلس كان ينبغي عليه أن يحترم الخطوات التي أقدم عليها رئيس الجمهورية ومجلس القضاء الأعلي في شأن الأمور المتعلقة بالسلطة القضائية والحفاظ عليها.