لاشك أن ثورة يناير فتحت الباب علي مصراعيه وأعطت الضوء الأخضر ليطالب كل مصري بحقوقه ويمارسها بحرية متناهية حتي أن الكثير من السياسيين أنشأوا عشرات الأحزاب التي تختلف في ميولها وتوجهاتها فهناك الأحزاب الليبرالية والدينية وغيرها حتي أن الأحزاب الاجتماعية طفت علي السطح هي الأخري. ولكن الغريب أن نسمع عن تأسيس أول حزب كوميدي في مصر بل وفي العالم أجمع يحمل شعار" الضحك للجميع " دون تمييز أو نبذ للآخر يتخذ من الطربوش الأحمر والميكروفون شعارا للحزب . وبالفعل فإن هذا الحزب الوليد يضم في عضويته كل من يعمل بمهنة ستاند أب كوميدي والذين وصلت أعدادهم بالحزب إلي 22 فنانا يتبارون في تقديم أفكارهم لتطوير الحزب وجذب أكبر عدد من محبي فنهم، وإذا أعجبتك أفكار الحزب ورغبت في الانضمام للعضوية فإن القائمين علي الحزب يجرون اختبارا لتقييم قدرتك علي مجابهة الجماهير الذين يأتون خصيصا لحضور حفلات المايك ومدي قدرتك علي إسعادهم وإذا نجحت في ذلك الاختبار فما عليك سوي حضور الورش التدريبية المعدة خصيصا لتنمية مواهب ومهارات ستاند أب كوميدي. وقد لاقت تلك الفكرة قبولا واسعا بمصر وخارجها حتي أن بعض الامريكيين أعجبوا بتلك الفكرة وقرروا تصديرها إلي بلادهم وتأسيس الحزب الكوميدي الأمريكي. فهل سينجح هذا الحزب في سحب البساط من تحت قدم الاحزاب السياسية ويخرج المصريين من عباءة السياسة الذين حبسوا أنفسهم في أدراجها بعد ثورة يناير ويكون الضحك شعارا لهم وبديلا عما عانوه ويعانونه من أحداث متوترة؟ هذا ماسيثبته أعضاء الحزب الأيام القادمة. (آخرساعة) زارت أعضاء الحزب في أحد اجتماعاتهم المغلقة بقاعة أحد النوادي الاجتماعية استمعت إلي آمالهم التي رسموها لهذا الحزب الوليد في الفترة القادمة. بمجرد أن تطأ قدمك الحجرة المغلقة والمكتوب علي بابها "برجاء الهدوء" تسيطر عليك حالة من السعادة والاسترخاء النفسي لا تعرف مصدرها أو سببها فأعضاء الحزب يصطفون جنبا إلي جنب كأن علي رؤوسهم الطير يراجعون أفكارهم ويقلبونها بعقولهم فتلك البروفة بمثابة تذكرة المرور إلي عالم ستاند أب كوميدي الذي طالما عشقوه وفرحوا فرحا جما بتأسيس حزب يضمهم سويا ويتحدث بلسانهم بعد أن يرمقهم "هاشم الجارحي" مؤسس الحزب بعين خبيرة يمعن في النظر اليهم وتقييم أدائهم، هذا الشاب الذي أتم منذ شهرين عامه السادس والعشرين وقدعاش أكثر من نصف عمره بالولايات المتحدة وعاد إلي وطنه طامحا في إعلاء شأنه يوما من الأيام ويعمل موظفا بالعلاقات العامة بإحدي الشركات الرائدة بمجال التكنولوجيا ولكن "هاشم "هذا ليس كبقية زملائه فهو يكره الروتين الوظيفي والأوامر التي تخلو من الشفقة، كما أنه يعشق الكوميديا بكل أنواعها وخاصة فن "ستاند كوميدي" فقد حباه الله بخفة دم وطلة لا مثيل لها جعلته يهجر وظيفته تلك ويقرر تأسيس حزبه الكوميدي دون التفكير في مدي نجاح الفكرة أو فشلها. يقول هاشم: أعشق فن ستاند كوميدي منذ نعومة أظفاري وأتفنن في ابتداع المواقف المضحكة وتقمص بعض الشخصيات المشهورة وقد جاءتني فكرة تأسيس الحزب منذ أكثر من عامين بعد اندلاع ثورة يناير مباشرة خاصة بعد أن لمست هوجة تأسيس الأحزاب والتي يتبني معظمها أجندات سياسية ولا يتحدث إلا عن الأزمات الاقتصادية والسياسية التي تعصف بالمجتمع مما أصابني بحالة من الاكتئاب والقلق النفسي جعلتني أقرر مقاطعة برامج التوك شو ومناظرات السياسيين التي لاتنتهي وأفكر في تأسيس حزب يحمل شعاره"الضحك للجميع" كمبادرة منا لإخراج المصريين من الاكتئاب المحيط بهم ولنكون سر سعادتهم الأيام القادمة وقد عرضت تلك الفكرة علي زملائي ممن يعشقون هذا الفن والذين لايتعدي عددهم الثمانية فتحمسوا للفكرة علي الفور وانطلق مع أواخر الشهر الماضي. ويضيف هاشم: ومنذ أن أعلنا عن إنشاء الحزب حتي سارع العشرات بالانضمام إلي الحزب خاصة أن شروط العضوية سهلة للغاية فماعليك إلا أن تكون قادرا علي إضحاك الجماهير كما أن عضوية الحزب لاتحتاج إلي كارنيه أو بطاقة تعريف ثم يتم البدء في تنظيم ورش تدريبية للأعضاء الجدد وتقديمهم بحفلات الأوبن مايك كما نجحنا في افتتاح مقر للحزب بالاسكندرية ونطمح أن تنتشر الفكر في كل محافظات الجمهورية خاصة تلك المحافظات ذات الأحداث الملتهبة كمحافظات القناة والصعيد الذي يعاني من الفقر ويحتاج لبسمة تنسيه همومه التي لاتنتهي. أما محمود صفي الدين ذلك الشاب الأسمر الذي لايكف عن السخرية من الظروف المحيطة به فيتوقع أن يصل هذا الحزب إلي العالمية وتستعين بتجربتهم الكثير من الدول المتقدمة خاصة أن بعض الكوميديين الأمريكيين أعجبوا بفكرة الحزب وقرروا تطبيقها في بلادهم وأنشأوا الحزب الكوميدي الأمريكي الذي استطاع سحب البساط من تحت أقدام العديد من الأحزاب الأخري وهذا ماننشده نحن الآخرين . وعن الاختبارات التي تجري لأعضاء الحزب يقول: الاختبارات تدور حول الثقة بالنفس وقدرة الكوميديان علي مواجهة الجمهور واضحاكهم بغض النظر عن الحالة النفسية التي يمر بها كما يمكنه الاستفادة من كل مايدور حوله من أحداث ويطوعها لإسعاد الجمهور مهما كانت مريرة بالنسبة لهم فهدفنا الأول والأخير إخراجهم من حالة الكآبة التي قد يمرون بها ناهيك عن أن الكوميدي لابد أن يكون علي قدر عال من الثقافة والاطلاع ليواكب كل ماهو جديد ومتعدد اللغات نظرا إلي أن بعض حفلاتنا تكون باللغة الانجليزية. ويختتم صفي الدين: ويعتبر تمويل حزبنا تمويلا ذاتيا فحتي الآن لايوجد مورد من موارد التمويل المتاحة للأحزاب الأخري والتي يسيطر عليها رجال الأعمال وهذا من شأنه أن يعرض حزبنا للتوقف يوما من الأيام. أما نهي البسيوني إحدي الفتيات التي انضمت مؤخرا للحزب وتدرس بإحدي الجامعات الأجنبية بالقاهرة فتشير إلي أن هناك الكثير من الناس الذين يشككون في أهداف الحزب ويرون أنه عديم الفائدة ولن ينفع المصريين الذين يريدون خططا وأفكارا تنموية اقتصادية تنفعهم وتخرجهم من حالة التخبط التي يمرون بها ولكن هؤلاء الناس نسوا أن المصريين عانوا كثيرا بعد الثورة ودخلوا في دوامات ومعارك كادت أن تودي بمستقبل بلادهم إلي حافة الهاوية وتؤدي إلي فتن ومعارك وقد أدت تلك التخوفات إلي هروب الكثير من الشعب بعيدا عن السياسة.