الغريب أن الرشوة معروفة من المحيط إلي الخليج وإن اختلفت تسميتها من بلد إلي آخر والمعروف أن مصر تحتل المرتبة الثانية في قائمة الدول العربية الأكثرإنفاقا علي رشاوي المسئولين وتتمثل إما في الهدايا العينية أوحتي الرمزية لكسر عين المسئول علي حد مزاعم الراشين. وبما أن الشعب المصري معروف عنه الفهلوة والشطارة فإنه لايقبل أن يطلق علي الرشوة اسمها الحقيقي بل أنه يختار أسماء أخري ليطلقها عليها "كالسمسرة والإكرامية" أو بأسماء وجمل مبهمة قد لايفهمها كثير منا مثل"نور النور أو أحلي بقي أو شخشخ جيبك"وغيرها من المسميات أما في المغرب مثلا فيطلقون عليها »الحلاوة« وفي اليمن »حق القات« وفي الجزائر وليبيا »القهوة«. الرشوة لا تقتصر علي صغار الموظفين بل أن كبار المسئولين يتهمون بين حين وآخر في جرائم رشوة وآخرها فضيحة "المرسيدس"حيث اعترف مسئولو الشركة العالمية بأنهم قدموا رشوة لموظف مصري كبير لتمرير صفقات توريد سيارات مرسيدس لجهات حكومية، واختلفت قيمة الرشوة التي قدرت في أغلب الأحيان بحوالي 5.3 مليون جنيه، فيما لم تكشف الحكومة الأمريكية عن اسم المسئول الكبير الذي تلقي الرشوة، مما دعا النائب العام السابق للتحقيق في الأمر بغية كشف المستور ولم يتم التوصل إلي الجاني إلي الآن. وفي سبيل القضاء علي ذلك المظهر من مظاهر الفساد انتشرت في الآونة الأخيرة العديد من الصفحات علي الفيس بوك تدعو لمقاومة الرشوة بكافة أشكالها كجروب"أنا ضد الرشوة"تلك الصفحة التي أنشأها مجموعة من الشباب ليقاوموا الفساد بصوره المختلفة ووضعوا تصورات وحلولا عملية لتلك المشكلة المتجذرة وقرروا النزول إلي المصالح الحكومية لتوعية الموظفين بالخسائر التي تحيق بالاقتصاد المصري نتيجة لإقبالهم علي الرشوة كما عملوا علي التنسيق مع جهاز الشرطة بالإبلاغ عن المصالح المتفشية فيها تلك الظاهرة ليتخذوا الإجراءات اللازمة ليثبتوا للجميع نزاهة الشباب وحبهم المتفاني لبلادهم. »آخر ساعة« رصدت تاريخ الرشاوي في مصر وأبرز القضايا التي ساهمت في تغيير مسار وطننا وأصل مسميات الرشوة المختلفة. يقول الدكتور محمد أحمد إبراهيم أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة بني سويف: الرشوة ليست وليدة العصور الحديثة بل ظهرت بعد انتهاء حكم الخلفاء الراشدين ويذكر أن مصطلح »البذل أو البرطلة« المذكور بكتاب »صبح الأعشي« للقلقشندي خير دليل علي ذلك وقد تجلت الرشاوي في العصر المملوكي والعثماني ويأتي علي رأس هذه الوظائف الوزارة والوزراء والمناصب العسكرية والكارثة أن بعض الحاشية وصلوا لتلك المناصب عن طريق الرشاوي المختلفة ومنها أيضا الرشاوي الجنسية في وقت من الأوقات وقد أدي هذا إلي ضعف الدولة في الكثير من الأحيان وسقوطها. ويستكمل الدكتور عاصم الدسوقي أستاذ التاريخ الحديث قصة الرشاوي بمصر فيقول: وفي عهد عبدالناصر قدمت الولاياتالمتحدة حوالي 6 ملايين جنيها للتأثير علي الزعيم بعدم مناصرة قضية تحرير الجزائر في وجه الاحتلال الفرنسي فما كان منه إلا أن أخذ الملايين الستة وقرر بناء (برج القاهرة) ليكون أثرا يزوره المصريون ويتذكره الأمريكان بأسي حتي أن المصريين أطلقوا عليه "وقف روزفلت" أما في عصر السادات فقد زاد نفوذ أصحاب المصانع ورجال الأعمال وزاد ذلك التنامي في عهد مبارك أيضا بل من الغريب أن يشترك رئيس الجمهورية ويتورط في صفقات الفساد والرشاوي المختلفة فقد تم كشف النقاب عن رشاوي المؤسسات الصحفية والتي تبرأ منها مبارك ولن تكون تلك القضية هي الأخيرة بل أن هناك عشرات القضايا التي تورط فيها الفرعون ولم يتم كشف النقاب عنها إلي الآن.