2012 سنة أجمع أغلب السياسيين أنها كانت شاقة ومليئة بالأحداث علي مختلف المستويات فعلي الصعيد السياسي وخاصة البرلماني كانت هناك سلسلة من الأحداث المتلاحقة بشكل أشبه بالدرامي فعندما نسترجع الأحداث نجد أن بداية هذه السنة كانت تاريخية خاصة بعد الانتهاء من انتخابات أول برلمان حقيقي جاء بإرادة الشعب المصري بعد ثورة يناير ولكن هذا البرلمان كان عمره قصيرا لم يتجاوز ال150 يوما بعد حله بالحكم القضائي للمحكمة الدستورية العليا. وكانت انتخاباته قد أجريت علي ثلاث مراحل بدأت يوم 28 نوفمبر 2011 وحتي 11 يناير 2012 واكتسبت هذه الانتخابات أهميتها لكون مجلسي الشعب والشوري المنتخبين سيقومان باختيار لجنة من 100 عضو لكتابة دستور جديد للبلاد. وتم انتخاب ثلثي أعضاء مجلس الشعب من خلال نظام القوائم الحزبية المغلقة، والثلث الآخر بنظام الانتخاب الفردي. وبعد السباق الانتخابي حصل التحالف الديمقراطي الذي يقوده حزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين علي 238 مقعدا بنسبة 47.2 في المائة، وذلك من إجمالي 498 مقعدا. وقد حصل حزب الحرية والعدالة وحده علي 218 مقعدا من هذه المقاعد. أما التحالف الإسلامي ذو التوجه السلفي الذي يقوده حزب النور ومعه حزب الأصالة وحزب البناء والتنمية المنبثق عن الجماعة الإسلامية، فقد حصل علي 127 مقعدا بنسبة 24 في المائة، منها 111 مقعدا لحزب النور، و13 مقعدا للبناء والتنمية، وثلاثة مقاعد لحزب الأصالة.ووفقا لتلك النتائج، فقد حصدت الأحزاب الإسلامية مجتمعة أكثر من 70 في المائة من مقاعد برلمان الثورة. وكان حزب الحرية والعدالة قد حصد الأكثرية تحت القبة. وعقدت أول جلسة للمجلس الجديد يوم الاثنين 23 يناير وقام المجلس بانتخاب الدكتور محمد سعد الكتاتني القيادي بحزب الحرية والعدالة لرئاسة المجلس، وكذلك تم انتخاب وكيلين للمجلس وهما أشرف ثابت من حزب النور وعبد العليم داود من حزب الوفد. ولكن عمر هذا المجلس لم يدم طويلا فبعد حوالي 150 يوما أصدرت المحكمة الدستورية العليا حكما تاريخيا في 14 يونيو يقضي ببطلان المجلس وانتهت المحكمة الدستورية في قضائها إلي أن "انتخابات مجلس الشعب قد أجريت بناء علي نصوص ثبت عدم دستوريتها، ومؤدي ذلك ولازمه علي ما جري به قضاء هذه المحكمة أن تكوين المجلس بكامله يكون باطلاً منذ انتخابه وفي 16 يونيو أصدر المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس الأعلي للقوات المسلحة مستندا إلي حكم المحكمة الدستورية العليا واعتبار مجلس الشعب منحلا . وقبل حل المجلس وخلال ال150يوما نجد أن مجلس الشعب قد أقر 9 قوانين تخص الشأن العام السياسي والاقتصادي والاجتماعي والأمور المتعلقة بمصالح المواطنين. حيث أقر المجلس قانونا ينص علي زيادة تعويض أسر الشهداء والمصابين بعجز كلي خلال ثورة 25 يناير من 30 ألف جنيه إلي 100 ألف جنيه ، كما قام بتعديل بعض أحكام قانون العاملين المدنيين بالدولة والعمل علي تثبيتهم علي درجات مالية دائمة وضمان كافة حقوقهم المالية والتأمينية والصحية والعلاوات الدورية والاجتماعية والخاصة. كما أقر المجلس أيضا تعديل بعض أحكام قانون التعليم ، بجعل شهادة الثانوية العامة عاماً واحداً بدلاً من عامين وجعل شهادة الثانوية العامة تحتفظ بصلاحيتها للتقدم بالجامعات لمدة 5 سنوات من تاريخ الحصول عليها. وقام المجلس بتعديل بعض أحكام القانون الخاص بالانتخابات الرئاسية ، تحقيقاً لمبدأ الشفافية ولضمان نزاهة العملية الانتخابية، من خلال قيام اللجنة العامة بتجميع كشوف الفرز المعدة بمعرفة اللجان الفرعية ، وذلك بإعلان النتائج في حضور المرشحين أو وكلائهم وممثلين عن منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام. كما قام المجلس بتعديل بعض أحكام القضاء العسكري لإلغاء إحالة المدنيين إلي القضاء العسكري ، وفتح باب التظلم لكل من صدر ضده حكم من قبل القضاء العسكري أن يتقدم بطعن عليه خلال 60 يوماً من صدور الحكم، إضافة إلي قانون ينص علي مد أجل الدورة النقابية لمدة 6 أشهر . وقام المجلس أيضا بتعديل بعض أحكام قانون الجنسية ، وذلك للاعتداد بالمحررات الرسمية في إثبات الجنسية طبقا للقواعد العامة في الإثبات والواردة في قانون الإثبات رقم 25 لسنة 1987 والتي خالفها قانون الجنسية المصرية رقم 26 لسنة 1975بالإضافة إلي قانون نظام التأمين الصحي علي المرأة المعيلة. وبالنسبة لهذه القوانين الذي أصدرها المجلس المنحل فقررت المحكمة الدستورية العليا، أن بطلان مجلس الشعب، وزوال وجوده بقوة القانون، يتضمن أن كل الإجراءات والقرارات والقوانين التي صدرت عن المجلس منذ انعقاده وحتي اليوم قائمة علي أصلها من الصحة ونافذة. وبعد انتخاب الرئيس محمد مرسي رئيسا للجمهورية قرر عودة مجلس الشعب المنحل إلي الانعقاد مرة أخري بعد إلغاء قرار حله. وعقد المجلس جلسة لم تدم دقائق وقال رئيس المجلس الدكتور الكتاتني إن قرار رئيس الجمهورية محمد مرسي بعودة مجلس الشعب لم يتعرض لحكم الدستورية العليا وإنما يتعلق بقرار المجلس الأعلي للقوات المسلحة بحله اعتبارا من 15 يونيو وأشار الكتاتني خلال الجلسة إلي أن محكمة النقض هي المنوط بها الفصل في صحة عضوية أعضاء مجلس الشعب.وأضاف أن هذه الجلسة إجرائية، موضحا أن لجنة الشئون التشريعية والدستورية بمجلس الشعب ستقوم بمناقشة آلية تطبيق الأحكام الصادرة من المحكمة الدستورية العليا. ورفع رئيس مجلس الشعب الجلسة لحين البت في أحكام المحكمة الدستورية العليا من دون تحديد موعد للانعقاد مجددا. وكانت الدستورية العليا قد أعلنت رفضها للمرسوم الرئاسي بانعقاد جلسات مجلس الشعب. وقالت المحكمة إن أحكامها وكافة قراراتها نهائية وغير قابلة للطعن بحكم القانون وأن هذه الأحكام في الدعاوي الدستورية وقراراتها بالتفسير ملزمة لجميع سلطات الدولة وللكافة". وبعد ساعات علي صدور موقف المحكمة الدستورية، أصدر المجلس العسكري بيانا شدد علي "أهمية سيادة القانون والدستور". وجاء في البيان أن المجلس العسكري "انحاز ولا يزال لإرادة الشعب" مؤكدا أهمية سيادة القانون والدستور حفاظا علي مكانة الدولة المصرية. وعلي صعيد الغرفة الثانية للبرلمان قد شهدت مصر أول انتخابات لمجلس الشوري عام 2012 بعد ثورة 25 يناير. وتم إجراء الانتخابات علي مرحلتين فقط، علي عكس انتخابات مجلس الشعب التي تمت علي ثلاث مراحل، وبدأت المرحلة الأولي في 29 يناير 2012 وانتهت إعادة المرحلة الثانية في 22 فبراير 2012 وعقدت أولي جلساته في 28 فبراير 2012 وبلغت نسبة التصويت 7.2٪ للفردي، و7.6٪ للقوائم وحصد حزب الحرية والعدالة أغلبية المجلس ب105 مقاعد. وحزب النور 45 مقعدًا. وحزب الوفد 14 مقعدًا. والكتلة المصرية 8 مقاعد وحزب الحرية 3 مقاعد.وحزب السلام الديمقراطي مقعد واحد.وحصل مستقلون علي 4 مقاعد وعلي الرغم أن مجلس الشوري قد جرت انتخاباته بنفس قانون مجلس الشعب لكنه لم يتم حله خاصة بعد تحصينه بالإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي. وبالنسبة لرئاسة الشوري فيعتبر الدكتور أحمد فهمي هو أول رئيس للمجلس دخل المجلس بالانتخاب بعد فوزه بعضوية مجلس الشوري عن محافظة الشرقية، واختارته الهيئة البرلمانية لحزب الحرية والعدالة لرئاسة مجلس الشوري وفاز بمنصب رئيس مجلس الشوري بالتزكية، نظرا لعدم تقدم أي مرشح من نواب المجلس لمنافسة النائب بالترشح أمامه. ويعتبر بذلك أحمد فهمي فائزًا بالتزكية برغم إجراء تصويت نداء بالاسم علي المرشح بين أعضاء المجلس ؛ كما تقتضي اللائحة، بضرورة إجراء التصويت علي المرشح لرئاسة المجلس. أما الحدث الأكبر في عام 2012 هو الجمعية التأسيسية وهي الهيئة المنوط بها إعداد دستور جديد لجمهورية مصر العربية بعد سقوط دستور 1971 بقيام ثورة 25 يناير 2011 وقد نصت التعديلات الدستورية التي تمت في مارس 2011 علي أن يقوم البرلمان المنتخب باختيار أعضاء هذه الجمعية لوضع الدستور الجديد. وتم اختيار مائة عضو وبالفعل شكلت الجمعية التأسيسية الأولي برئاسة الدكتور محمد سعد الكاتتني رئيس مجلس الشعب ولكن هذه الجمعية قوبلت بسيل من الانتقادات وتوالت عليها انسحاب أعداد كبيرة من أعضائها حتي تم حلها بحكم محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة التي قضت بحل الجمعية وإلغاء قرار البرلمان الذي يحدد تشكيل اللجنة ب 50٪ من النواب و50٪ من خارج البرلمان وتم تشكيل جمعية تأسيسية أخري بواسطة البرلمان أيضا وتم اختيار المستشار حسام الغرياني رئيسا لها وأنتجت الدستور بعد الموافقه عليه في الاستفتاء الذي تم مؤخرا. وتم تغيير اسم مجلس الشعب في الدستور الجديد ليصبح مجلس النواب وتم إضافة مادة في باب الأحكام الانتقالية تتيح نقل سلطة التشريع مؤقتا من رئيس الجمهورية إلي مجلس الشوري الذي أصبح المشرع الأساسي للقوانين. وينتظر الآن مناقشة مجلس الشوري لقانون الانتخابات الجديد الذي علي أساسه سيتم انتخاب مجلسي النواب والشوري الجدد في العام الجديد.