المشهد في محافظة الجيزة ربما لن يتكرر كثيرا مثلما حدث يوم السبت الماضي.. الملايين نزحت من جميع المحافظات زحفاّ إلي القاهرة وأغلقوا جميع الشوارع المؤدية الي ميدان الجيزة ابتداء من شارع قصر العيني وصولا إلي كوبري الجامعة وكانت الشوارع ممتلئة بالمتظاهرين الذين جاءوا تأييدا لقرارات الرئيس محمد مرسي. أما محطات المترو فامتلأت عن آخرها وتحديدا داخل محطة جامعة القاهرة وهتف المتظاهرون من داخلها "الشعب يؤيد قرارات الرئيس" كما شهدت محطة قطار الجيزة تكدسا كبيرا من قبل الركاب الذين جاءوا ليشاركوا في المليونية والتي أطلق عليها التيار الإسلامي "مليونية الشرعية والشريعة". وكان أكثر من 81حزبا وحركة سياسية تنتمي إلي التيار الإسلامي علي رأسها حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين وحزب النور السلفي والجبهة السلفية وحزب البناء والتنمية الذراع السياسية للجماعة الإسلامية، بالإضافة إلي جمعية مصابي الثورة قد دعت إلي مليونية تأييد الرئيس محمد مرسي وذلك بعد اعتراضات واسعة من قبل القوي السياسية المدنية والقضاة علي الإعلان الدستوري الأخير الذي أصدره الرئيس في 22 نوفمبر الماضي كما شارك في التظاهرة حركة »قضاة من أجل مصر« بقيادة المستشار وليد شرابي وعدد كبير من دعاة وشيوخ السلفية الذين لاقوا ترحيباً كبيراً من المتظاهرين في ميدان النهضة. ورفع المتظاهرون شعار" للثورة رب يحميها" وذلك رداً علي مليونية القوي المدنية يوم الثلاثاء 72 نوفمير والتي رفعت شعار"للثورة شعب يحميها" ونال الإعلام النصيب الأكبر من الهتافات المعادية ورفع المتظاهرون العديد من اللافتات المطالبة بتطهيره كما هاجموا رموزا ليبرالية بعينها واعتبروها تمثل الفلول كما ردد المتظاهرون شعارات تطالب بتطهير القضاء مثل "اضرب واضرب واضرب تاني.. لسة الزند ولسة تهاني" و"النائب العام والزند كمان.. بكرة يباتوا في الميدان" و"ياللذل وياللعار الفلول عاملين ثوار". وبعد صلاة الظهر انضمت إلي المليونية عدة مسيرات حيث تحرك أعضاء حزبي الحرية والعدالة الإخواني والنور السلفي وبعض التيارات الإسلامية والسياسية الأخري من أمام مقر حزب الحرية والعدالة بكوبري أحمد عرابي بشبرا الخيمة وتوجهوا إلي محطة مترو المظلات واستقلوه حتي محطة مترو جامعة القاهرة كما انطلقت مسيرات أخري ضمت آلافا من المتظاهرين من مساجد مصطفي محمود والفتح وعمرو بن العاص والاستقامة إضافة إلي مسيرات حاشدة من نقابة المحامين وانطلقت 3مسيرات حاشدة من مدينة نصر والتجمع الخامس ومصر الجديدة وبعد صلاة العصر وصل إلي الميدان مسيرة لعشرات القضاة شارك فيها أساتذة القانون الدكتور ثروت بدوي والدكتور عاطف البنا والدكتور طارق المليجي وشارك في التظاهرة حركة قضاة من اجل مصر.. ولم يعكر صفو المليونية سوي وفاة أحد الأطفال وإصابة اكثر من 02متظاهرا بسبب سقوطهم من فوق شجرة تسلقوا عليها ليتابعوا المليونية من حديقة الأورمان بالإضافة إلي إصابة 03 متظاهرا بسبب التدافع والزحام. ومن أعلي المنصة الرئيسية بميدان النهضة طالب ممدوح إسماعيل عضو مجلس الشعب المنحل رئيس الجمهورية محمد مرسي بإصدار قانون السلطة القضائية الذي يحدد سن القضاة بسن 06عاما لكي يقضي علي الفساد ويطهر القضاء من الفلول والفاسدين. كما طالب إسماعيل، الرئيس مرسي بضرورة المضي في تنفيذ الإعلان الدستوري الذي يحقق مطالب الشعب ويحقق أهداف ثورة يناير، مؤكدا فشل مخطط حمدين صباحي الذي يؤكد أن اتحاده مع عمرو موسي وفلول النظام السابق هو اتحاد ضد الثورة وأهدافها. ومن جانبه قال الشيخ محمد حسان الذي وصل بصعوبة بالغة الي المنصة الرئيسية بعد أن تلاحم به آلاف من مؤيديه: إن المشهد اليوم يدل علي أن فجر الإسلام قد بدأت تباشيره. وأضاف: أنه منذ ساعتين وهو يمشي في الطريق وسط أمواج من البشر، جاءوا مؤيدين للرئيس وللشريعة وليعلم الجميع أن مصر مسلمة وستبقي هكذا موضحا: »ما جئنا إلي هنا إلا لنصرة شريعة ربنا وليعلم العالم كله أن محمداً لم يمت«.. وطالب حسان الجميع بالإصرار وصدق النوايا وألا يحاول أي فصيل مهما علا صوته أن يقصي هؤلاء الموجودين في ميدان الجامعة فمصر ليست لهم وحدهم. وتابع: ليعلم الجميع أن حبنا لمصر دين نتقرب به إلي الله فليشهد العالم عامة وشعب مصر خاصة أن شعب مصر يريدون شرع الله ويا من بذلتم من أموالكم دون أن تأخذوا أجراً وأنتم تشهدون الله أنكم لا تريدون إلا شرعه نعلن لأهل مصر والعالم أن هؤلاء هم أهل مصر يريدون أن يبذلوا أموالهم من أجل شريعة ربهم. وأضاف ما أتينا إلا لننصر شريعتنا ولنعلم العالم أن محمداً ما مات وما خلف إلا أطهاراً ولنعلن أن شريعتنا رحمة كلها ولنعلم للجميع أننا نتحاور ونطهر السرايا ولنسمع لبعضنا البعض وألا يحاول فصيل صوته عالٍ في الفضائيات أن يقصي الموحدين فمصر ليست ملكاً لهم وحدهم بل للجميع وهذا المشهد يدلل علي أن فجر الإسلام بدأت تباشيره، داعيا الله بتوفيق الحاضرين لشرع الله وولاة الأمور لتطبيق شريعة الله. وتابع حسان "لا حرق لمؤسسات ولا لمدارس واشهدوا لدينكم بالبذل والعطاء والإنتاج ومصر الآن في حاجة لسواعدكم وبذلكم وعطائكم. ومن جانبه قال الدكتور ياسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية إن هذه هي المليونية الحقيقية الحاشدة وليست المزيفة من خلال الإعلام وتعلن أنها تريد شرع الله سبحانه وتعالي. وأوضح أن شعب مصر هو من اختار الإسلاميين ليكونوا ممثلين له في البرلمان وكذلك في التأسيسية التي صبرنا فيها، وتحملنا الكثير حتي يخرج الدستور بعد يومين متواصلين ليمهد الطريق أمام الشعب لتطبيق شرع الله مشيرا إلي أن الدستور ينص علي أن المبادئ الأساسية للشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.. وقال، إنه أول دستور في مصر ينص علي مصادر الشريعة الإسلامية في مبادئ أهل السنة والجماعة، وتم التوقيع علي هذه المادة وكبار العلماء في الأزهر وافقوا علي مصادر الشريعة في مبادئ أهل السنة والجماعة بالإجماع. وأضاف برهامي أن هذه إرادة شعبنا كاملة مشيرا إلي أن الكنائس الثلاثة وقعت علي أنها تقبل بالمادة الثانية وعليهم ألا يعترضوا بعد أن وافقوا ونحن نريد أن نوصل رسالة إلي المحكمة الدستورية بأنه لن يقهر شعب مصر ولن يتحكم 03رجلا وامرأة في مصر من خلال تفصيل الأحكام والقوانين مشيرا إلي أنهم لا يحترمون شرع الله مشددا علي أنه لن نسمح بأن نجعل هذا الشعب مطية يركبها أعداؤه. ووجه برهامي رسالة الي التيار الليبرالي قائلا: هذا هو شعب مصر الحقيقي مشيرا إلي أن الشعب يريد شرع الله، وأن قرارات الدكتور مرسي لنا تحفظ علي بعضها ولكن عرفنا أنها قرارات سيادية تخدم مصر ومصلحتها فأهل المحكمة الدستورية أرادوا أن يحلوا مجلس الشوري والتأسيسية، ويعملوا علي حل المؤسسات المنتخبة. اللافت في تلك المليونية هو مشاركة عدد كبير من النساء والفتيات اللائي جئن من المحافظات لتأييد قرارات الرئيس وشكلت الفتيات مجموعات متفرقة داخل ميدان النهضة وأخذن يرددن هتافات مؤيدة لقرارات الرئيس ومهاجمة للقضاة والإعلام.. وأمام الباب الرئيسي لحديقة الحيوان التي أغلقت أبوابها يوم السبت خوفا من حدوث أعمال شغب كون عدد من المتظاهرين حلقات غنائية تؤيد قرارات الرئيس ورفعوا اللافتات التي تطالب بتطهير مؤسسات الدولة. وبعد صلاة العشاء انتظر المتظاهرون لسماع كلمة الرئيس محمد مرسي أمام الجمعية التأسيسية للدستور والتي دعا من خلالها إلي الاستفتاء علي الدستور في 51 ديسمبر المقبل وأثناء كلمة الرئيس عم الصمت ميدان النهضة وبعد أن دعا في آخر خطابه إلي الاستفتاء اشتعل الميدان فرحا وأضاءت سماء الجيزة بالألعاب النارية كما سجد المتظاهرون شكرا لله علي هذا القرار واعتبروه خطوة هامة علي طريق الاستقرار وبناء مؤسسات الدولة. وألهبت الأغاني الوطنية حماس المتظاهرين وهتفوا "إيد واحدة" و"ارفع راسك فوق انت مصري" من أجل لم شمل المصريين جميعهم والنزول إلي الاستفتاء علي الدستور. وبعد ذلك أعلنت المنصة الرئيسية اعتزام عدد من المتظاهرين الاعتصام أمام المحكمة الدستورية وخرجت مسيرة ضمت آلاف المتظاهرين من ميدان النهضة إلي مقر المحكمة بكورنيش المعادي. وبعد أن جاءت التاسعة مساء تحرك عدد كبير من الميكروباصات من ميدان الجيزة إلي العديد من المحافظات وذلك بعد أن اطمأن المتظاهرون لدعوة الشعب إلي الاستفتاء علي الدستور وانتهت مليونية "الشرعية والشريعة" بعدة مكاسب أهمها الاطمئنان بدعوة الرئيس إلي الاستفتاء وثانيها أنها أوضحت كم التأييد الهائل لرئيس الجمهورية بعد أن وجد معارضة كبيرة من التيار الليبرالي وذلك بعد عجز عدد كبير من وكالات الأنباء الأجنبية من حصر أعداد المتظاهرين وتم تقديرهم بأكثر من 2 مليون متظاهر.