كنت أتعجب كيف بالله لم نتعلم من أخطائنا التاريخية فمر علينا كل أنواع المستعمر. من الروماني إلي العثماني إلي الفرنسي ثم الإنجليزي ولم نتعلم شيئا.. نفس الأخطاء.. نفس الجهل.. نفس الكسل كل أنواع الكسل علي اللحاق بركب الحضارة/ يقولون.. إن المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين. ولكننا لبلادة فينا.. لدغنا من نفس الجحر آلاف المرات حتي فاقت لدغاته من أبناء شعبنا عندما وصلوا إلي الحكم كل لدغات المستعمر الماضية. يوجد أمل في أن نتعلم الدرس.. إن في وحدتنا الأمل الوحيد في إنقاذ مصر من كل شرور الدنيا.. والتلحف بالدين للوصول إلي أدني رغبات الدنيا.
يقولون إن الثورة.. لم تكن ثورة.. كانت انتفاضة تحولت إلي مطلب شعبي بعد طول انتظار.. وكان الظلم والفساد قد وصل إلي القاع.. ولم يكن أمامه أي طريق للانحدار.. ومن ثم كان حتميا أن يندفع إلي السطح أن يتقدم.. بحكم حركة التاريخ والجغرافيا والتجارب الإنسانية وها نحن قد وصلنا إلي قاع الفرقة والتشرذم. وبحكم النظرية السابقة.. فلابد للشعب والثوار.. والشيوخ والنخبة.. وأصحاب الرؤي.. والرومانسيين الثورين والنبلاء الذين لم يستطيعوا.. أن ينسوا قتلاهم ومعتقليهم والمختفين في أقبية من لا ضمير لهم ولا ملة. وللشرفاء من ضباط الشرطة الذين يرفضون التعذيب وتلفيق القضايا. ومن ضباط الجيش الذين رفضوا تواطؤ المجلس العسكري مع نظام مبارك.. وعاقدي المؤامرات والاتفاقات والتنازلات من أجل مصالحهم المادية الرخيصة. والذين رفضوا كشوف العذرية علي الحرائر.. وعلي إهانة من وقفوا أمام سفارة الكيان الصهيوني دفاعا عن زملائهم الذين قتلوا علي الحدود. إلي كل هؤلاء أقول لقد وصلنا إلي قاع الفرقة والصدمة وتغليب المصالح الضيقة. إلي كل من مشي.. جنب الحيط.. وقد فعلناها كلنا بأشكال ودرجات متعددة. لقد حان وقت الوحدة من أجل الوطن.
من سمات الرجولة والأنوثة.. والتحضر.. والتدين.. وأخلاق الكبار ونبل النبلاء. أن يتراجع من يخطيء.. فيكبر ويجل أكثر عند الناس. حتي أن أحد الحكماء قد قال لي من ثلاثين عاما.. إجابة منه عن معني أن يكون الإنسان متحضرا. قال لي ببساطة وعفوية: أن يكون عندك القدرة والرغبة والحكمة في أن تعتذر عندما تدرك خطأك. أما من يتمسك برأيه وتصرفه.. رغم إدراكه أنه قد أخطأ.. فإنها من سمات الجهلاء والحمقي.. وما أدراك نهاية هؤلاء.. إذن لنعتذر.. ونتراجع جميعا عن أخطائنا تجاه مصر.. والثورة. نعتذر: لأننا استسلمنا لجبروت مبارك وماقبله.. ورضينا أن نصير نعاجا، خوفا علي مصالحنا المباشرة كبرت أم صغرت نعتذر للمظلومين في أقبية وسلخانات مبارك وأمن دولته متصورين أننا في جبننا وتعامينا عن نصرة المظلوم. لن يطولنا الظلم وتلك كانت سذاجة الخوف والجهل فلقد طالنا وها هو يطولنا مرة أخري. لابد لكبرائنا.. ونخبتنا الذين تصورناهم.. كذلك حتي اكتشفنا أن كبراءنا.. هم صغارنا وشبابنا الأطهار النبلاء الذين ضحوا بكل شيء من أجل مصر وبكره اللي مستنيهم وحدهم أما نحن فسوف نكون في القبور.. بحكم الأعمار نعتذر لهم عن جبننا سنوات طوالا.. حتي سلمناهم.. للظلم الذي دحروه بشجاعتهم رغم تربيتنا الذليلة لهم. لابد لنخبتنا ومرشحي الرئاسة وكل الناشطين والمفكرين والمتعلمين والمثقفين والحالمين علي فراشهم. أن يعتذروا عن شهوتهم للحكم لهلاوسهم التسلطية.. بأنهم وحدهم المحبون لمصر والقادرون علي تحقيق أهداف الثورة. أنهم وحدهم الجديرون بقيادة الجماهير ولا أستثني أحدا فبسبب تفرقهم.. وشهواتهم السياسية ولن أقول حتي الثورية أوصلونا إلي الاختيار المر. إما نظام المبارك .. وإما الإخوان. وما أدراك ما هم الإخوان.. أما الستينات التي تستعيذون الله منها. فنحن نقول لكم ليتها تعود ولو لأيام. لنحكي لها ماذا فعلت ألفية الإسلام السياسي بنا.
هذا وقت العمل والاتحاد .. ليس وقت الفرقة والبكاء علي اللبن المسكوب.. هذا وقت الفعل لتدافع مصر بالقانون عن نفسها هذا وقت الشرفاء في كل مكان. من قبل الإخوان والسلفيين والجماعة السياسية.. حتي قبل التيارات المدنية والليبرالية والشبابية والثورية والأحرار. الشرفاء في كل مكان من أجل أولادنا وبكره بتاعهم.. اتحدوا.. ولا تتعاركوا.. لا تتنازعوا.. لا تضيعونا مرة أخري مابين الاختيار بين نظام مبارك الفاسد والذي يتصور شفيقه أنه الثائر الذي ينتظر أن يعود محمولا بطلا ماشاء لله علي أعناق البائسين والمعدومين والمرعوبين ولا تدعونا نختار تحت رعب الصدمة علي اللجوء للحكم العسكري ومجلسه الذي أشرف علي موقعة الجمل ومحمد محمود وماسبيرو.. و.. و... وأن نلجأ إليه ليحمينا من الجماعة ومستشاريها الذين سوف يدقون أول مسمار في نعش رئيس منتخب. وتلك نغمة نسمعها من المرعوبين والبائسين لا وألف لا.. لا عودة لا لهؤلاء ولا لهؤلاء. سوف يعود صوت العقل من الجانبين.. فحياة المصريين في الميزان.. لن نقبل لا حكم المفسدين في الأرض ولن نقبل فاشية دينية ولن نقبل مصادرة الحريات ولا بخلق فرعون جديد ولو ليوم واحد ولن نقبل بدستور يؤصل لظلم الأقليات.. ولن نقبل إلا بدولة القانون.. وبالرئيس الذي هو أجير عند الشعب.. نبقي عليه إن أصلح ونطيح به في الانتخابات إن أفسد وكله بالقانون.