مثلا عندما أسمع كلمة: قضاؤنا الشامخ.. قضاؤنا هو حصننا الحصين ومرفأ أماننا من توغل السلطة التنفيذية وروافدها الأمنية علي حقوق المواطنين. هو ميزان العدل.. المغمض العينين حتي لا يتأثر بأي شيء.. فيكون حكمه لله والحق والعدل والشرف ذلك هو القضاء الشامخ الذي احترمناه طويلا.. ولكن.. في عصر (مبارك) نالت بركاته جميع القطاعات بلا استثناء ضعف الكثير منا طمعا أو تحايلا علي ظروف رأي فيها أنه إن لم تخدم النظام وتكون نديمه وخادمه ومحاميه فستظل في محلك سر أو تتهاوي تحت وطأة (العقاب) فتتدحرج كالكرة إلي مستنقع الفقر والإهانة. ففي عهده الميمون.. الفقر كان رديف الإهانة والمذلة لم يكن الفقر كريما شامخا في تحجيم احتياجاته الأساسية في إباء وشمم. بل كان حفرة الجحيم التي تحول فيها الإنسان إلي المعيشة في ظروف تأنفها أحط الحيوانات. إذن كان المناخ العام .. يؤثر علي قدرة المواطن علي التمسك بقيم الشرف والضمير. وجدها.. تهينه وتعوق انطلاق حياته بصورة طبيعية. جندوا.. المواطنين في كل المجالات.. ليكونوا بصاصين للسلطة ومخبرين.. وجواسيس حتي يحمي النظام نفسه من أي بادرة غضب أو تمرد قد يتهور ويتحول إلي فعل.. يوقظ النيام أو المستسلمين لجبروت الطغاة. لم يستثن من ذلك أحدا.. لا قضاة ولا مستشارين ولا صحفيين ولا سياسيين ولا إعلاميين. لا حتي الأطباء الذين كانوا يساعدون (محترفي التعذيب حتي يبقوا (المعتقل) في حالة يقظة ولا يموت دون الحصول منه علي المراد.. أو حتي يصل به الأمر إلي إرشادهم علي أكثر المناطق إيلاما ليحفروا عليها بسكاكينهم. إذن لا أحد يحدثني علي أن قطاعا (ما) لم يتأثر ولم ينحرف ولم يتواطأ كما فعلنا جميعا.. فهؤلاء لم يكونوا ملائكة محصنين من الخطأ والخطيئة. وعندما نؤرخ لتاريخ قضايانا الشهيرة ولمسيرة القضاء نري أشياء (مذهلة). من عظمه من حكموا بما يرضي الله حتي وهم يعرفون الثمن الذي سوف يدفعونه والخطر الذي سوف يلاحقهم هم وأبناءهم. ومع ذلك: كانوا القضاء الشامخ القوي الذي لايحيد عن حق .. كانوا هؤلاء هم أمل المصريين. ولكن.. في الناحية الأخري كان هناك مستشارو السلطان.. ومنفذو رغباتهم التي هي أوامر. وحكم علي الكثير.. ظلما وبهتانا إرضاء للحاكم بأمره ولا داعي لذكر قضايا معينة علي مدي ثلاثين عاما ولن نذكر التليفونات الشهيرة المنتظرة لرأي مؤسسة الرئاسة في القضايا السياسية. وكان تيار الإسلام السياسي له منها نصيب الأسد أو أي معارض لحكم الفرعون. وما كانت انتفاضة تيار استقلال القضاء الحر لخير دليل علي العطب الذي أصاب المؤسسة القضائية لذلك .. أبكي عندما أضبط نفسي اتشكك في حكم قاض. وألعن مبارك وأيامه .. فيما أوصلنا فيه من ترد قبيح في جميع المجالات. حتي أشرفها الذي هو القضاء.. الذي كان شعاره فإذا حكمتم فاحكموا بالعدل. وما أحوجنا اليوم لهذا العدل من القضاة الشرفاء النبلاء.. المنزهين عن الهوي. ليحموا مصر في تلك الأيام السوداء التي يحاول فيها نظام المخلوع.. أن يدفعنا بأن نختاره بإرادتنا ليعود لينتهكنا مرة أخري. بل .. يعود لينتقم منا جميعا. تصوروا الكوميديا السوداء.. بل إنها دراما شيطانية أوصلنا إليها.. من ادعوا أنهم حموا الثورة وبعد ضربنا علي (القفا) لمدة عام ونصف. دعونا وقلنا ليتهم واجهونا بصراحة.. وكنا مستعدين لدفع مائة ألف مليون شهيد... ليتحرر شعب مصر من عصر مبارك المجرم. ولكن كما تعلموا فالحرب مكيدة وكل شيء مسموح به .. هكذا تعلموا. ولكننا كنا نتصور أو نحلم أن يطبقوا هذا المبدأ علي الذين ينتهكون حدودنا. ويقتلون أشقاءنا في الدولة المغتصبة والمحتلة الوحيدة الباقية علي وجه الكرة الأرضية. ولله سبحانه حكمة ما فيما حدث.. وغدا .. ليس ببعيد. ❊❊❊ ونفاجأ.. أو لا نفاجأ إلا في حجم كذب الادعاء.. وكان الله رحيما بهم وبنا بأننا اكتشفنا الخدعة والكذبة في ثلاثة أشهر لا غير. سبحانك ياربي علي عظمتك.. فأنت لا تحب لا الكذابين ولا المنافقين الذين جعلتهم في الدرك الأسفل من جهنم. كيف طاوعتهم ضمائرهم وهم الذين تعرضوا إلي ظلم ومحاكمات صورية عسكرية ظالمة ألقت بهم إلي غياهب السجون لعقود وسنوات أفنت فيهم زهرة شبابهم. كان التنكيل مرعبا والتعذيب ينم عن شذوذ نفس من قاموا به من أجل نظام مستبد.. فاجر. ومع ذلك ما إن تصوروا أن الحكم قد دان لهم وضحكت لهم الدنيا. هم الحكام الجدد وليسوا الضحايا والمطاردين من النظام والمحاصرين في حريتهم وأكل عيشهم. وسبحانك ربي وغفرانك إني كنت من الظالمين.. هكذا تصورت أن يعودوا إلي صوابهم ويعتذروا للشعب الذي دعمهم في رد فعل هيستيري .. نكاية في حكم المخلوع وتصوروا أنهم سوف يصلحون كل اعوجاج ويردون المظالم ويحمون الضعيف وينصفون المظلوم ويدافعون عن الثورة وشبابها المغدور بهم بكل الطرق. وكنت أتصور أن أول قرار كانوا سوف يتصدرون به حياتهم البرلمانية هو الإفراج عن الشباب المعتقل في السجون الحربية نتيجة لمحاكمات عسكرية حكمت بالفيمتو ثانية تبع الدكتور زويل. وثاني قرار هو إقرار قانون عزل الفلول ليجلسوا مسترخين هانئين بثرواتهم الحرام ولكن بعيدا عن مراكز السلطة والقرار التي تواطأت من أول يوم علي اغتيال الثورة. لم نطالب بإعدام أو مصادرة الثروات ولا الإلقاء بهم في أقبية التعذيب. أو الحكم عليهم بالحياة في العشوائيات لسنة واحدة ليذوقوا حجم الجحيم اليومي الذي سجنوا فيه الشعب لمدة ثلاثين عاما. سنة واحدة وأتصور أنهم سينتحرون بعد أسابيع قليلة من هول الظروف الإنسانية التي حكموا بها علي أهل المحروسة ولكن عكس كل ما توقعناه. خذلوا الثورة وتواطأوا عليها وعقدوا الصفقات وتركوا الشباب يقتل في الميدان. وبدأت الاتهامات المباركية تنطلق من أفواه كانت من شهور قليلة في غياهب السجون تتهم بالعمالة والخيانة و..و .. وما إن وصلوا علي أكتاف الثوار واختطفوا منهم ثورتهم حتي نسوا كل شيء.. في طرفة عين.. وبناء عليه.. لا أحد يكلمني أن نعطي لهم فرصة.. فثلاثة أشهر ألجمتنا وجعلتنا نتوقع ما سوف يحدث للمجتمع المصري. الفنون خزعبلات من فعل الشيطان. السياحة عودة لعبادة الأصنام. الرأي الآخر.. تجرأ علي الذات الإلهية الذين هم ظلها علي الأرض. أما الآخر القبطي فلهم الجزية. أو الهجرة أو أن تدمغ علي بطاقاتهم وباسبوراتهم مواطنون درجة ثانية وخارجون عن الملة. ولم يسمعوا قطعا علي أنهم حسب آيات القرآن الكريم بأنهم أقرب الناس مودة للذين آمنوا.. ولم يسمعوا أيضا.. أن الله أمرنا ألاّ نفرق بين الأنبياء.. وكانت الإجابة في الآية الكريمة.. »سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ«.. لم يبحثوا أبدا عن الذي يجمعنا بل تفوقوا في البحث في الكتب الصفراء عما يفرق بين أبناء الوطن الواحد والرب الواحد.. إنها جريمة تصنف بأنها جريمة ضد الإنسانية لو سميت الأشياء بأسمائها من تعمد أن يضع الشعب المصري.. بين اختيار عودة الاستبداد والقهر متمثلا في المرشح شفيق.. أو الموت غرقا في الإسلام السياسي الذي سوف يضرب الكرسي في الكلوب.. و(فشر) من تجرأ وادعي بأنه برلمان الثورة.. ويصرخ بأنه لا شرعية للميدان الذي تسلقوا علي أكتافه للوصول للكراسي البرلمانية وبعد خراب مالطة.. تذكروا شرعية الميدان بعد أن اتهموه بقائمة مبارك مأجور خائن عميل ممول.. لغرض في نفس يعقوب.. لغرض سياسي.. زائل.. ❊❊❊ تعلمنا الدرس جيدا.. والشعب خرج عن الطوق ونضج واثقلته ال18شهرا السابقة بتجارب قرون وليس استبن.. والشعب أقوي وأوعي ممن يستهينون به.. فعلها قبلها مبارك.. وضحك وقال سيبوهم يتسلوا.. وضحك نجله المصون جمال ولعلع ساخرا مع عبيده.. عندما طلب منه سماع أصوات الحركات الشبابية.. سخر من تصور أن الدنيا قد دانت له.. ثم أخذه الله أخذ عزيز مقتدر.. فلا تستهينوا بغضب الأمة.. وإلا سوف نتسلي عليكم بالحق وليس بالظلم.. والله الموفق والمستعان..