الجمعية العمومية الطارئة لنادى القضاة بحضور المستشار أحمد الزند والنائب العام السابق كشف الإعلان الدستوري الجديد الذي أعلنه الرئيس محمد مرسي الأسبوع الماضي عن حالة من الانقسام في صفوف القضاة في مصر، فبينما أيد الخطوة أعضاء حركة "قضاة من أجل مصر"، رفض الإعلان أعضاء النيابة الإدارية وأعضاء المحكمة الدستورية العليا ومستشارو نادي مجلس الدولة، وأعضاء نادي قضاة مصر برئاسة المستشار أحمد الزند، الذي عقد السبت الماضي جمعية عمومية طارئة لإعلان رفض قرارات الرئيس مرسي التي أصدرها في إعلانه الدستوري. ورغم تصاعد نبرة الاحتجاج علي الإعلان الدستوري من جانب الفريق المعارض له، وانطلاق دعوات لتعليق العمل بالمحاكم علي مستوي الجمهورية، انتظم العمل في هذه المحاكم بنسبة 59٪.. وتزامن ذلك مع الدعوة التي أطلقها مجلس القضاء الأعلي وطالب فيها القضاة بالانتظام في العمل وعدم الاستجابة لدعوات تعطيل العمل. خالفت معظم محاكم القاهرة قرارات الجمعية العمومية لنادي للقضاة بالدعوة لتعليق العمل بالمحاكم والنيابات لحين إلغاء الإعلان الدستوري الجديد، وأولها كانت محاكم القضاء الإداري بمجلس الدولة، كما انتظم العمل بجميع محاكم القاهرة الكلية، وباشرت محكمة عابدين عملها، وبدأت محاكم دار القضاء العالي الجنايات والمدني عملها منذ صباح الأحد الماضي، وأصدر المستشار زغلول البلشي، مساعد وزير العدل لشئون التفتيش القضائي، بيانا قال فيه: إنه لما كان تعطيل العمل بالمحاكم فيه تعطيل لمصالح المواطنين والمتقاضين وهو ما سيضر بالشعب المصري الذي أخذ جانبكم، وأخذتم جانبه دائما، فإنني أهيب بكم عدم تعطيل مصالح المواطنين، وعقد الجلسات في المواعيد المحددة لها، ولتكن مصلحة الوطن هي الهدف والغاية. كما شهدت محاكم البحر الأحمر تعليقاً جزئيا للعمل بها، فبينما علقت النيابات الجزئية بمحاكم البحر الأحمر ومحكمة القصير عملها، شهدت محكمة سفاجا انعقاد جلسات الجنح والمدني الجزئي، وحضر جميع القضاة. وانتظم العمل بمحاكم الجنايات بالقاهرةوالجيزة ومحاكم النقض علي مستوي الجمهورية، وكانت كل من محكمة القاهرة الجديدة والتجمع الخامس قد أعلنت الأحد الماضي العمل في نظر الجلسات وتم تأجيل الجلسات إدارياً، كما علقت كل من نيابات القاهرة الجديدة والمطرية والمرج والسلام العمل مع تواجد ثلاثة وكلاء نيابة بكل منها لاتخاذ الإجراءات الإدارية فقط من تصريح بالدفن أو تجديد لحبس متهمين، مع رفضهم لفتح تحقيقات جديدة. المعارضون للإعلان عبروا عن دهشتهم مما اعتبروه "مذبحة للقضاء" تستهدف القفز علي السلطة القضائية وتضع السلطات والصلاحيات كافة في قبضة الرئيس، من دون حتي الطعن عليها أمام أي جهة، في الوقت الذي كان هذا القضاء هو ذاته الذي أشرف علي الانتخابات الرئاسية التي انتهت بفوز مرشح الإخوان المسلمين محمد مرسي وكذا انتخابات البرلمان بجناحيه (الشعب والشوري) التي حصد فيها الإخوان والسلفيون نصيب الأسد. في المقابل أعلن مجلس القضاء الأعلي عقب انعقاد الجمعية العمومية الطارئة لنادي القضاة، أنه لا يعتد بما خرجت به هذه الجمعية من توصيات وأبرزها أنه "حال عدم الانصياع بتبني توصيات الجمعية سيتم سحب الثقة من جميع أعضاء المجلس الأعلي للقضاء"، كما أثارت هذه التوصيات ردود فعل غاضبة بين أعضاء حركة "قضاة من أجل مصر" الذين أعلن الزند شطبهم من عضوية نادي القضاة، واعتبرت الحركة أن الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس مرسي، قانوني وصحيح حتي يتم الانتهاء من وضع الدستور وانتخاب مجلس شعب جديد، ووصفوا توصيات الجمعية بتعليق العمل بالمحاكم بأنها دعوة إلي التحريض علي ارتكاب جريمة الامتناع عن العمل. وكان النائب العام السابق المستشار عبدالمجيد محمود نفي شائعة سفره إلي الخارج عندما فاجأ الجميع بحضوره الجمعية العمومية الطارئة لنادي القضاة بصحبة المستشار أحمد الزند رئيس النادي، الذي حشد جموع القضاة وأعضاء النيابة العامة السبت الماضي اعتراضاً علي الإعلان الدستوري الجديد وبالتحديد المادة الثالثة التي تقضي بإقالة النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود للمرة الثانية وتعيين المستشار طلعت عبدالله خلفاً له، حيث وصف عبدالمجيد هذا القرار بأنه "فاتيكان ثانية"، كما كشف للرأي العام حقيقة موقفه من القضايا التي تضعه في دائرة الاتهام وعلي رأسها قضايا قتل المتظاهرين وتستره علي قضايا الفساد وحفظ القضايا في ثلاجات وأدراج مكتبه، نافياً كل هذه التلويحات إليه، وأكد أن دور النيابة العامة في الفترة الماضية سوف يحكم عليه التاريخ، حيث يعد ذلك مسئولية أصيلة للأجهزة الأمنية والرقابية، واحتكم في النهاية إلي توصيات الجمعية التي تضع قرارات الإعلان الدستوري بين المصالحة أو التصعيد. وأصدر عبدالمجيد محمود بياناً علق فيه علي الإعلان الدستوري الذي أطاح به من منصبه، أكد خلاله أنه "سيترك الأمر للجهات القضائية المختصة لتقول كلمتها ومدي شرعية هذا الإعلان وما تمخض عنه من قرارات منعدمة باعتبار أن جهة القضاء المختصة هي صاحبة الاختصاص الأصيل دون غيرها في تكييف أحكام هذا الإعلان الدستوري ومدي مطابقته للدستور والقانون". من جانبها أعربت حركة "قضاة من أجل مصر" عن دعمها وتأييدها للإعلان الدستوري، ووصفته بأنه يدعم استقرار البلاد وتحقيق أمنها وسلامتها، وشككت في الجمعية العمومية التي عقدها نادي القضاة لحضور عدد كبير ممن لا يحملون الصفة القضائية للمشاركة في أعمالها. أكدت الحركة في مؤتمر صحفي عقدته السبت الماضي في توقيت متزامن مع انعقاد الجمعية العمومية لنادي القضاة، أنها تابعت الأحداث التي تمر بها البلاد والإجراءات الأخيرة التي اتخذتها رئاسة الجمهورية، مؤكدة أنه يحق لرئيس الجمهورية المنتخب اتخاذ كل التدابير الاستثنائية بما يحقق استقرار البلاد، مؤكدة ثقتها الكاملة في قضاة مصر الشرفاء وأنهم لن يعطلوا أعمال المحاكم وتحقيق العدالة أو أن يكونوا من مؤيدي الفوضي. وأشار بيان صدر في ختام المؤتمر إلي أن الإعلانات الدستورية محصنة بذاتها ولا يجوز لسلطة أن تحل سلطة أخري، داعيا القضاة للانشغال بتحقيق العدالة، والجمعية التأسيسية لسرعة الانتهاء من وضع دستور يحقق آمال وطموحات الثورة المصرية. في غضون ذلك توافد عدد من شباب الإخوان والإعلاميين والمؤيدين لقرارات الرئيس مرسي إلي دار القضاء العالي، لاستقبال المستشار طلعت عبدالله النائب العام الجديد، كما حضر عدد من مستشاري حركة قضاة من أجل مصر، وعلي رأسهم المستشار وليد شرابي المتحدث الرسمي باسم الحركة. ونفي المستشار طلعت إبراهيم صحة ما تردد عن إدراج اسم المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام السابق علي قوائم الممنوعين من السفر، مؤكداً في مؤتمر صحفي عقده بمكتبه في دار القضاء العالي، أن المستشار عبدالمجيد محمود مازال واحداً من الأسرة القضائية، وأنه لم يترك العمل بالقضاء، و قال إنه سوف يقدم طلبا بالعودة إلي منصة القضاء. وأضاف المستشار طلعت إبراهيم أنه سيتم إنشاء نيابة متخصصة لحماية الثورة لإعادة التحقيقات في جرائم قتل والشروع في قتل المتظاهرين التي وقعت اعتباراً من يوم 52 يناير 1102 وتتضمن عددا كافيا من أعضاء النيابة العامة والقضاة المنتدبين لمدة عام للتحقيق في تلك القضايا.. مشيرا إلي أن مقر تلك النيابة سيكون في دار القضاء العالي. وأوضح أنه سيتم فتح باب التحقيق في العديد من القضايا المتعلقة بالأحداث والوقائع التي تلت ثورة يناير، شريطة وجود أدلة جديدة تستوجب إعادة المحاكمة طبقًا لقانون العقوبات. ورداً علي سؤال حول وجود قضايا معلقة بالأدراج لم يتم التصرف فيها بعد، قال النائب العام الجديد إنه لم يتلق أي بلاغات بوجود قضايا لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة قانونا بشأنها مطالبا من لديه دليل علي وجود قضايا لم يتم التصرف فيها، أن يتقدم بطلب للنيابة العامة بهذا الشأن مشفوعًا بالمستندات والأرقام الدالة عليها، وتحديد النيابة التي تم تقديم تلك الطلبات إليها، مؤكدًا أنه لا يلقي أي اهتمام بالاتهامات المرسلة وغير المثبتة علي وجه التحديد. في السياق ذاته دخل مجلس القضاء الأعلي علي خط الأزمة، حيث أصدر بياناً فور صدور الإعلان الدستوري جاء فيه "بمناسبة صدور إعلان دستوري يتضمن اعتداءً غير مسبوق علي استقلال السلطة القضائية، فإن مجلس القضاء الأعلي وهو المعني بكافة شئون القضاء والقضاة يعلن بجلسته الطارئة السبت الماضي عن أسفه لصدور هذا الإعلان، ويهيب المجلس برئيس الجمهورية البُعد بهذا الإعلان عن كل ما يمس السلطة القضائية واختصاصاتها أو التدخل في شئون أعضائها أو ينال من جلال أحكامها". من جانبه قال المستشار أمير عوض الرئيس بمحكمة الجيزة الابتدائية وعضو مجلس إدارة نادي قضاة المنصورة: في مصر سلطة قضائية يدير شئونها مجلس قضاء لا يخشي إلا الله غاضب من الاعتداء علي استقلال القضاء والانتقاص من قدره ويجتمع عليه قضاة يحملون العزة والغضبة علي سلطانهم واستقلالهم المعتدي عليه وأسأل مجلسنا الموقر، لماذا تم تجاهل رأيكم في تعيين النائب العام الجديد ولم نسمع لكم رأيا، فهل تزرعون في نفوسنا مبدأ أن الصمت أبلغ من الكلام؟ وأضاف المستشار أمير عوض خلال كلمة ألقاها في الجمعية العمومية الطارئة لنادي القضاة: ما الذي تريدونه بعد أن وصلتم إلي قمة السلطة القضائية وهل يستحق منكم القضاء هذا الموقف المخزي؟ لماذا تتركون القضاة يقاتلون من أجل استقلالهم وتظلون أنتم قاعدين وهل وصل الحال أن مجلس القضاء الأعلي استقل عن القضاء وهل أنتم مطمئنون بصمتكم ألا يحدث معكم مثلما حدث مع زميلكم بالمجلس، ما هو شعوركم الآن هل المجد والعزة أم الضعف والهوان هل أفضل طريق لإدارة شئون القضاء والقضاة الالتماسات والتوسلات وهل تجرؤون علي إصدار القرار بتعليق العمل بالمحاكم ليعلم الجميع أن استقرار القضاء هو استقرار للحكم هل تجرؤون علي توجيه خطاب لرئيس الجمهورية بعدم قبولكم قرار تعيين النائب العام الجديد وأنه صدر دون موافقتكم هل تجرؤون علي إصدار بيان يخاطب شعب مصر والقضاة وكل المعنيين بشئون القضاة برفضكم تمثيل النائب العام الجديد في مجلس القضاء الأعلي وعدم حضور جلساته تأكيدا علي استقلال القضاء وأخيرا هل لنا أن نحلم بان يكون شيوخنا في مجلس القضاء الأعلي أمثال العز بن عبدالسلام. أنا لا ألوم علي من اعتدي علي استقلال القضاء ولكني ألوم علي كل من تخاذل وتهاون وساير حتي لا يدفع الاعتداء علي استقلال القضاء لأن الضعفاء لا يصنعون العزة أو الاستقلال وأقترح الاعتصام بنادينا من الآن إلي أن تجاب مطالبنا ولكن أرجو أن ننفذ ونظل متمسكين برأي الجمعية العمومية لأن مصيبتنا الدائمة أننا لا نكمل أبدا ما بدأناه ولا تلوموا إلا أنفسكم ياقضاة مصر ولا تنتظروا من أحد أن يدافع عن استقلالكم إلا أنتم. من جانبها رفضت المستشارة تهاني الجبالي عضو المحكمة الدستورية العليا، الإعلان الدستوري وقالت: بعد 30 عاما من القضاء الواقف في المحاماة تعلمت ألا أخشي في الحق لومة لائم ثم التزمت بما أعرفه عن قيمة القضاء الجالس حين يصمت لكي يكون الرأي ثم يتحدث به بلا حرج واليوم أتحدث بضمير القاضي الدستوري الذي يفقد مصداقيته حين تنتهك دولة القانون وسيادة القانون واستقلال القضاء ولا يتحدث فالبعض طالبني ألا أتحدث لأن القاضي لابد أن يصمت كل الوقت، ولجميعهم أقول أعلم جيدا واجبي فالقاضي ليس فقط يفقد مصداقيته عندما يتحدث في قضية معروضة أمامه لكنه يفقد مصداقيته أيضا حينما تنتهك دولة القانون ولا يتحدث ولأن مصر الدولة العميقة كان عنوانها دائما أنها دولة القانون في هذه اللحظة الفارقة في تاريخ مصر ونضال الشعب المصري نبحث عن أساس مشروعية السلطة التي تأتي حين يلتزم الحاكم بالدستور والقانون وتأتي حين تكون الإرادة الشعبية ملؤها الرضا عن الحاكم. وحين تسقط هذه وتلك فلقضاة مصر أن يحكموا بمدي مشروعية السلطة. وتساءل المستشار عبدالله قنديل نائب رئيس هيئة النيابة الإدارية ورئيس نادي مستشاري النيابة الإدارية: أين مبادئ الثورة إذا كان العدل أساس الملك إذا كان القضاء أساس العدل فلا قضاء لهيئاته المختلفة إلا باستقلال حقيقي وحصانات حقيقية تضمن الهيبة في هذا المجتمع ننادي بمثل ذلك علي أرض هذا الواقع فكان لابد من ترسيخ قواعد العدل والإنصاف والاستقلال والحصانات للهيئات القضائية ورجال القضاء ولكن دائما تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن فوجدنا قرارات وقعت علينا جميعا كالصاعقة لذا أعلن بالنيابة عن أربعة آلاف عضو من زملائي بهيئة النيابة الإدارية اعتراضنا الكامل والقطعي والمطلق لكل قرارات الإعلان الدستوري الجديد لأنها ليست تقويضا للسلطة القضائية بمعناها الواسع فحسب ولكنها تقويض لأركان دولة القانون التي تقوم علي مبدأ سيادة القانون. وتابع: أدعو رئيس الجمهورية إلي إعادة النظر في هذه القرارات وأقول للمستشار عبدالمجيد محمود، كفاك شرفا وفخرا أنك سوف تكون مادة علمية في فقه القانون الدستوري والقانون العام وكل العلوم السياسية لكي تقيم عليها نظرية جديدة لكيفية اغتيال القضاء وإنشاء مذبحة أخري جديدة لهذا القضاء. المستشار حمدي ياسين رئيس نادي قضاة مجلس الدولة، قال إن هذا القرار لم يكن سوي جس للنبض فقط لأن القرارات التي مازالت في جيوب الآخرين لازالت تعد في الكواليس بالأمس القريب، فيا سدنة العدالة قيل إن قانون السلطة القضائية علي وشك التعديل في بعض التعديلات كما قيل عقب صدور القرار إن هناك نية لتعديلات قانون مجلس الدولة أقرأ مثل هذه التصريحات وأشعر أن مذبحة للقضاء تعد الآن.