رغم تركيز قوي المعارضة علي تجهيز جبهة قوية تواجه التيار الإسلامي في الانتخابات القادمة وتمنع احتلاله لغالبية مقاعد البرلمان بعد فوزه بالرئاسة إلا أن الجميع خرج خاسرا من مواجهات "جمعة كشف الحساب " أو التي وصفها البعض بالجمل "2" والتي كشفت عن وجود عنف مكبوت لدي أطراف العملية السياسية دونما حساب أن هذه المواجهات ستخصم من رصيد الجميع ليبراليين ويساريين وإسلاميين في الشارع المصري . المتابع لتحركات المعارضة خلال الفترة الماضية يكتشف بسهولة أن هناك ثلاث قضايا تشغل بال قوي المعارضة السياسية في مصر وتستعد لمعركة ضارية من أجلها خلال الأيام والأسابيع القادمة. القضية الأولي حل تأسيسية الدستور التي تري القوي أن تشكيلها معيب ولا يعبر عن كل أطياف الشعب المصري خاصه أن الدستور يحتاج إلي توافق وليس أغلبية لأنه سيحكم الجميع . القضيه الثانية الاستعداد لقانون انتخابات مجلس الشعب بعد الانتهاء من الدستور خاصة أن هذا القانون سيتوقف عليه نسب كل قوي من مقاعد مجلس الشعب وإن كان هناك إجماع علي نظام القائمة النسبية مع فتح الباب للمستقلين للمنافسة علي المقاعد الفردية ..وإن كانت هذه القضية لم تحسم بعد مع تفضيل البعض إجراء الانتخابات بنظام الفردي للهروب من ملاحقة البرلمان القادم بأحكام التأسيسية. القضية الثالثة تشكيل جبهة موحدة للمعارضة تواجه سيطرة التيار الإسلامي المتنامية علي الشارع السياسي والعمل علي إيقاف أي قرار يهدد بناء الدولة ومراقبة أداء الحكومة وإيجاد حلول تتضمنها برامجهم السياسية القادمة لأزماتها السياسية والاقتصادية. أي قارئ لبيانات الأحزاب المدنية يجد هذه القواسم المشتركه ظاهرة وواضحة في تعليق هذه الأحزاب علي قضيتين شغلتا الرأي العام خلال الفترة الماضية أولها إقالة النائب العام أو ترقيته والثانية الاعتداء علي مظاهرة كشف الحساب التي دعت إليها القوي السياسية بالاشتراك مع التيار الشعبي والتي أصيب فيها العشرات خلال الاشتباك مع متظاهرين يشتبه في انتمائهم للإخوان المسلمين حيث نفت الجماعة نفيا قاطعا وجود أي منتسبين لها في الميدان كما تنصلت من واقعة تحطيم منصة التيار الشعبي في التحرير . ووضع المراقبين تظاهرة الإخوان في نفس اليوم في خانة محاولات الجماعة إجهاض محاولات أحزاب المعارضة كشف إخفاق برنامج ال100يوم للرئيس مرسي في تحقيق أهدافه، وأشاروا إلي أنهم حاولوا تغيير غضب الشارع من عدم تحقيق الوعود إلي توحيد الشارع تحت هدف القصاص للشهداء بإقالة النائب العام وهو ما فتح عليهم نيران قوي المعارضة التي رفضت إقالته بالمخالفة للقانون وهو ما عبر عنه السيد البدوي رئيس حزب الوفد الذي رفض طريقة إقالة النائب العام وقال إن النائب العام أيا كان اسمه هو محامي شعب مصر، وعلي شعب مصر حماية محاميه، ولو سقط ببلطجة سياسية، لسقط معه الشعب، مشيرا إلي أن أي اعتداء عليه هو اعتداء علي الشعب المصري لافتا ولأول مرة إلي أن شباب الوفد سيخرجون لمواجهة المظاهرات الإخوانية المطالبة بعزل النائب العام وهو تحرك لم يقدم عليه الوفد منذ مظاهرات ثورة 25يناير . البدوي وصف مشهد المعارك بين الإخوان والتيار الشعبي في التحرير بأنها صادمة وقال إنه من غير المقبول أن يشهد ميدان التحرير الذي شهد توحد الأمة المصرية كلها حرباً أهلية بين أبناء الوطن الواحد وتسيل دماؤهم علي أرضه. أما الدكتور رفعت السعيد رئيس حزب التجمع فانتقد الاعتداء علي المتظاهرين وهاجم جماعة الإخوان المسلمين وطالب بحساب كل من اشترك في هذه الواقعة محذرا من استخدام أسلوب الترهيب للمعارضة لافتا إلي رفض الحزب أيضا إقالة النائب العام مؤكدا أن مستشاري الرئيس هم من كانوا وراء تضارب قرارات الرئاسة حول مصير النائب العام . حسام مؤنس، المتحدث الرسمي باسم التيار الشعبي وصف ما حدث في ميدان التحرير أثناء تظاهرة كشف الحساب بأنه إعادة إنتاج لمحاولات إرهاب المعارضة وقمعها بالعنف من جانب النظام الحاكم، واصفاً ما حدث بأنه سلوك وأسلوب أسقطته الثورة، مشيراً إلي أنه لا يمكن لأحد أو طرف أن يتخيل أنه قد يستطيع ممارسته مرة أخري لقمع إرادة الجماهير أو إخماد الثورة وأهدافها. وفي بيان منفصل دعا حزب المصريين الأحرار رئيس الجمهورية إلي تحقيق فوري وعلني مع جميع المسئولين عن معركة ميدان التحرير ومساءلة مسئولي جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة الذين خططوا لإجهاض مليونية المعارضة والاعتداء عليها. وأكد البيان في هذا الشأن ضرورة التجميد الفوري لأنشطة جماعة الإخوان غير القانونية وإغلاق فروعها والكشف عن دورها الحقيقي في تخريب الحياة السياسية وتكميم المعارضة ومنعها من حقها المشروع في التظاهر السلمي واحتكار فصيل الإسلام السياسي لميدان التحرير بوجه خاص ومنع التظاهر فيه إلا لتأييد النظام. وأشار البيان في هذا الصدد إلي تصريحات قيادي إخواني قبل أيام بشأن منع التظاهر في التحرير" إلا بإذن خاص من السلطات!" ونبه الدكتور أحمد سعيد رئيس الحزب إلي أن ما حدث في ميدان التحرير يدعو المصريين جميعا إلي الانتباه لخطر توغل الفاشية الجديدة المرتدية عباءة الدين ومحاولتها السيطرة علي دستور مصر بالمغالبة وبقوة التصويت الباطشة في الجمعية التأسيسية للدستور. في الوقت نفسه أكد رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، الدكتور محمد أبو الغار، أن ما حدث بميدان التحرير كان بهدف إضعاف القوي المدنية، وزعزعة صورتها وأضاف من المعروف أن أحزاب التيار المدني هي من دعت لتلك المظاهرات من البداية، ونحن بدورنا شاركنا فيها. لكن الإخوان، نزلوا إلي الميدان معتقدين أنهم سيستطيعون فض المظاهرات في دقائق معدودة. لكنهم فوجئوا بصمود المتظاهرين أمامهم وبعدم سهولة الموقف بالقدر الذي كانوا يحسبونه قبل نزولهم. وأضاف أن مصادمات التحرير سيكون لها تأثيرات واضحة بالنسبة لجوانب عديدة، فقد أثبتت تلك الأحداث كذب الإخوان وادعاءاتهم، ومحاولتهم تضليل الرأي العام بزعمهم أنهم ليسوا متواجدين بالميدان وفي الوقت نفسه يقومون بالاشتباك مع المتظاهرين وإحداث إصابات بهم لذا أعتقد أنهم خسروا كثيرا بعد هذا اليوم وتأثرت شعبيتهم داخل الشارع المصري". وتابع رئيس الحزب الديمقراطي: "أعتقد أن صورة التيارات المدنية تغيرت تمامًا في نظر المواطن المصري، وعرفوا أن هذا التيار ليس بالضعف الذي حاول البعض تصويره به وربما كسب تأييد الكثيرين بعد أن رأوا الفرق في التصرفات بين الطرفين.