اختلف الناس حولها.. البعض يقولون إنها مخرجة خارجة عن الآداب العامة لأنها تقدم الجنس بشكل مكشوف، والبعض يقولون إنها مخرجة واقعية تتناول الجنس الذي يعتبر من أهم الأشياء في حياة الإنسان.. وتكشف عن المستور بشكل »شيك«.. وقد هوجمت إيناس الدغيدي من الكثيرين سواء من وسائل الإعلام أو من المتشددين.. لكن إيناس امرأة قوية تواجه كل هذه العواصف بهدوء ومنطق.. لذلك أطلقوا عليها »الجريئة«. وهو برنامج قدمته في رمضان الماضي وستقدمه هذا العام أيضا. ❊ ❊ ❊ كانت إيناس مشروع ممثلة في بداية حياتها الفنية فقد مثلت بعض الأدوار الصغيرة.. لكنها لم تجد نفسها في التمثيل، ولأنها خريجة قسم الإخراج بالمعهد العالي للسينما.. فقد بدأت مساعد مخرج لكبار المخرجين.. كنت أراها وأنا أتابع »جولة الاستديوهات«.. فتاة جميلة بيضاء فارعة الطول.. جادة جدا في عملها.. وأصبحنا بعد ذلك أصدقاء لإعجابي بأسلوبها في العمل. عملت مع صلاح أبوسيف وكمال الشيخ وبركات وحسن الإمام وحسين كمال.. لكنها لم تعش في جلباب أحد منهم.. وانفردت بسينما يمكن أن نطلق عليها سينما إيناس الدغيدي. ورغم أن إيناس لا تنتمي إلي أي حركة نسائية.. ولا تؤمن بأن هناك سينما امرأة وسينما رجل.. فقد فاجأتنا بفيلمها الأول »عفوا أيها القانون« الذي عرض في عام 1985. ونجح الفيلم نجاحا كبيرا وكان حديث النقاد والصحفيين. أعجبت جدا بفكرة الفيلم.. فالقصة واقعية مأخوذة عن ضابط بوليس أثناء عمله في الأرياف هو »نبيل مكاوي« وكتبت إيناس له السيناريو مع كاتب السيناريو إبراهيم الموجي. ويتناول القانون السائد الذي يطبق علي الرجل والمرأة بشكل ظالم.. فالقانون الذي ينطبق علي الرجل هو نفسه الذي لا ينطبق علي المرأة.. والقضية أن الرجل الذي يقتل زوجته بحجة »الزني« دفاعا عن شرفه يحسب له القانون أنها جنحة.. وقد يأخذ حكما غالبا ما يكون مع إيقاف التنفيذ. أما إذا قامت المرأة بنفس القضية دفاعا عن شرفها فتحسب لها جريمة.. لتمضي 15 عاما في السجن.. وهو بطولة نجلاء فتحي. واستكمالا لفكرة الفيلم الأول قدمت إيناس فيلم »التحدي« بطولة نبيلة عبيد وفريد شوقي، هذه المرة تدور الأحداث في المدينة بعد أن خرجت من السجن ومحاولة استعادة ابنها الذي ولدته في السجن وأخذه »الحما«، يتعاطف معها أحد المحامين أمام تعسف الجد.. يتزوجها المحامي معتقدا أن زواجه منها سيحل القضية لكنها ازدادت شراسة وقسوة، وإيناس تؤمن بأنه عندما تتوقف الحلول السلمية والقضائية فلا يوجد أمام المظلوم وخاصة المرأة سوي اللجوء إلي العنف. ❊ ❊ ❊ وتتجه إيناس لمشكلة كبري في فيلم »لحم رخيص«.. وهي مشكلة لا تزال سائدة حتي الآن خاصة في الريف لظروف الحياة ومواجهة الفقر.. فالآباء الفقراء يتاجرون ببناتهم القاصرات بأن يزوجوهن بأثرياء العرب ظنا أن مشاكلهم المادية ستحل.. ويقوم بعض السماسرة بهذا العمل. وتتزوج الفتاة الصغيرة الغلبانةوتذهب مع زوجها »الثري« إلي بلده.. وهناك تكتشف أنها تعمل خادمة للزوج وزوجاته.. وتتفاقم الأمور بالنسبة للأبناء الذين يحملون جنسية أخري غير جنسية الأم. ❊ ❊ ❊ أما الفيلم الذي أحدث ضجة كبيرة علي معظم المستويات فهو فيلم »مذكرات مراهقة« بطولة »هند صبري« والوجه الجديد »أحمد عز« الذي اكتشفته إيناس الدغيدي، وذلك لأن به مشاهد واستعراضات جنسية صارخة.. ومشاهد الفتاة مع فتي الأحلام في الوقوع في الخطيئة.. والحقد من صديقاتها واغتصابها وتصويرها فيديو وفضحها مثل هذه الحوادث التي نقرأها كل يوم في الصحف، وتعرضت إيناس للهجوم من الصحفيين والنقاد في مؤتمر صحفي بعد عرض الفيلم.. وهو موقف لا تحسد عليه امرأة.. لكن إيناس »المرأة القوية« قابلت الهجوم بمنتهي البساطة وبالمنطق.. فهي تؤمن بما تقدمه.. وإن كانت سابقة لعصرها.. واثقة من نفسها وأدواتها.. لا يهمها أن تقدم فيلما جديدا من أجل المال.. وفي فيلم »الباحثات عن الحرية« ثلاث بنات من جنسيات عربية مختلفة يعانين من الكبت في بلادهن ويسافرن إلي باريس للبحث عن الحرية.. لكن هناك بدلا من أن يتحررن فهن يعانين من الظلم والذل وسيطرة الرجل العربي هناك علي المرأة. ❊ ❊ ❊ إن معظم الأفلام التي قدمتها إيناس الدغيدي تتناول مشاكل المرأة في ظل المجتمع والقانون الذي لايحميها ولا يعاملها معاملة الرجل..وذلك مثل »عفوا أيها القانون« و»التحدي« و»امرأة واحدة لاتكفي« و»لحم رخيص« و»مذكرات مراهقة« و»الباحثات عن الحرية« وكلها محطات هامة في السينما المصرية إذا استثنينا آخر فيلم قدمته »مجنون أميرة« الذي يجب أن تحذفه من قاموس أعمالها بقيلم جديد له قيمة فنية تستعرض فيه مشاكل المجتمع خاصة في هذا الزمن الذي نعيشه.