الصحفيون ليس علي رأسهم ريشة تمنع حبسهم في حالة ارتكاب جريمة، لكن عندما يتعلق الأمر بقضايا النشر، فإن منع حبسهم سواء كان احتياطيا أو بحكم قضائي، يحمي المجتمع من سطوة نفوذ مراكز القوي سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو تنفيذية، هل من المعقول أن تتضمن القوانين المصرية 30 مادة بقانون العقوبات كفيلة بجرجرة أي صحفي يكتب حرفا واحدا يمكن تفسيره قانونيا علي أنه سب أو قذف أو إهانة لشخصية موظف عام، صحيح أن هناك الكثير من مظاهر الانفلات الإعلامي المرفوض، لكن الطريق الوحيد لمواجهة بعض من يمارسون التضليل الإعلامي مزيد من الضمانات الكفيلة باستمرار حرية التعبير، عجلة الزمن يجب ألا تعود لعام 1995عندما انتفض الصحفيون لمواجهة القانون رقم 93صنيعة نظام مبارك، لتكميم أفواه الصحافة والإعلام، ورغم تراجعه أمام بركان غضب الصحفيين، ظل ونظامه يماطلون في تنفيذ الوعود بإلغاء عقوبة الحبس في قضايا النشر، المطالبة بمنع حبس الصحفيين لا تعني منح بعض الخارجين عن مواثيق الشرف الإعلامية حرية الانفلات والتطاول علي حقوق وحريات الآخرين الحرية المطلقة يمكن أن تتحول إلي فوضي، والمسافة بين الحرية والفوضي تصنعها القوانين واللوائح التي تضمن للصحافة أداء دورها، دون اعتداء علي حقوق الآخرين لن يتحقق هذا إلا بعد التخلص من القوانين سيئة السمعة ووضع قانون ينظم حق حصول الصحفيين علي المعلومات من أجهزة الدولة، ويستطيع المجتمع مواجهة التجاوزات والمخالفات ، سواء من خلال محاسبة نقابة الصحفيين لأعضائها، حيث تملك النقابة لفت نظر المخالفين ثم الإيقاف عن العمل لفترة محددة، وحتي الشطب من جداول مزاولة المهنة، كما يمكن لقانون العقوبات مواجهة المخالفين ، سواء أفرادا أو مؤسسات بغرامات مالية رادعة، لا أحد في الجماعة الصحفية يوافق علي ممارسة الابتزاز والتطاول، وأيضا لا أحد من أبناء المهنة يريد لها أن تتحول إلي وسيلة دعاية ونشرات لصناعة الاستبداد، وتغييب لوعي الناس، لابد من رؤية موضوعية تجمع بين حرية الصحافة وحقوق المجتمع، وقبل ذلك التخلص من التشريعات السالبة للحرية في قضايا النشر، التي تدفع المجتمع للاتجاه عكس الزمن والتاريخ.