عن ال 81 يوما الأخيرة من حكم مبارك.. أصدر المراسل الأمريكي صحيفة »ناشيونال« برادلي هوب والمقيم بالقاهرة كتابه بعنوان »أيام الفرعون الأخيرة«.. الكتاب الصغير الحجم يحوي الكثير من الأسرار الدقيقة عن مبارك من خلال حوارات ولقاءات مع شهود عيان بلغ عددهم أكثر من عشرين شخصا مابين شخصيات سياسية عملت مع مبارك حتي أيامه الأخيرة.. وحتي شخصيات عامة كانت قريبة منه.. ووصولا لبعض الفنانين ممن التصقوا به لفترة ما.. ومنهم فنان الماكياج الشهير »محمد عشوب«؟! والمؤلف »برادلي هوب« الأمريكي الجنسية.. شاب وخريج جامعة نيويورك ورغم صغر سنه إلا أن خبراته ليست بالقليلة.. فقد عمل من قبل في جريدة »نيويورك صن« قبل أن يعمل مراسلا مقيما بالقاهرة لصحيفة »ناشيونال« وله خبراته من خلال تواجده في مناطق الأحداث والصراعات في بلدان مثل: أفغانستان والعراق والإمارات وعمان وليبيا وجنوب السودان وأنجولا ومصر والمغرب وتونس والبحرين. وكتابه بعنوان » أيام الفرعون الأخيرة« "Last days of the pharoa".. يرصد أيام مبارك الأخيرة في الحكم.. خاصة ال 81 يوما بداية من 52 يناير من العام الماضي حينما اندلعت الثورة وحتي تخليه عن الحكم في 11 فبراير من نفس العام.. والكتاب يدور حول هذه الفترة بالذات مع معلومات تاريخية وأرشيفية عن مبارك وهي معلومات معروفة لنا كمصريين ولكنها موجهة للقارئ الغربي والأمريكي بصفة خاصة. واستند المؤلف في وضع كتابه علي شهادات وحوارات أجراها مع المقربين من مبارك من سياسيين عملوا معه لفترة قبل أن يبتعدوا عن الدائرة المحيطة به.. أو آخرين استمروا في العمل معه حتي لحظات حكمه الأخيرة.. ويبرز الكاتب دور الدكتور حسام بدراوي آخر أمين عام للحزب الوطني الديمقراطي.. والذي كان قد تولي هذا المنصب قبل تخلي مبارك عن الحكم ب 5 أيام فقط.. كما التقي الكاتب الشاب بمبارك نفسه لأكثر من مرة خلال الأسبوع الأخير من سقوطه هو ونظامه.. والتقي العديد من الشخصيات وبعض الفنانين ومنهم فنان الماكياج الشهير »محمد عشوب« الذي اقترب من مبارك لفترة ما من حكمه.. قبل أن يبعدوه عنه.. وقد حدثه عن الجانب الشخصي من حياة مبارك.. والذي لم يكن معروفا للكاتب من قبل. ومن كل هؤلاء.. الأكثر من 02 شاهدا ومعاصرا ومقربا من مبارك.. في الماضي أو حتي انتهاء حكمه في 11 فبراير 1102 كتب برادلي كتابه عن مبارك الذي قال عنه إنه لم يكن مصدقا مايحدث حوله خاصة في ال 81 يوما الأخيرة من حكمه وقبل خطاب تنحيه.. فقد كانت لحظات استثنائية داخليا وخارجيا وكانت الثورة تزداد اشتعالا في ميادين مصر كلها وليس ميدان التحرير وحده.. وكانت أحداث ثورات الربيع العربي تزداد اشتعالا حينما بدأت معركة تحرير ليبيا وخروج القذافي من طرابلس العاصمة.. وكانت الأوضاع متوترة جدا في اليمن.. وفي تونس التي هرب رئيسها بعد مظاهرات الثورة التي كانت قد بدأت في أواخر عام 0102. وكان مبارك علي حد قول الكاتب قد أدرك أن أيامه في الحكم قد أوشكت علي الانتهاء.. ورغم ذلك كان ر افضا لكل المحاولات لمغادرة القصر الجمهوري حتي بعد أن تجمع الثوار حول قصر العروبة مطالبين برحيله ومحاكمته.. أما هو فقد اختار من بين زعماء ثورات الربيع العربي أن يواجه مصيره وحده.. وأن تتم محاكمته داخل بلده.. ويرصد الكاتب قصة صعود مبارك لحكم مصر.. واصفا إياه بأنه كان »رئيسا بالصدفة« فلم يأت للحكم علي عادة المصريين عن طريق ثورة.. أو حتي عبر انقلاب عسكري.. أو عبر شخصية مؤثرة »كاريزما« ولكنه كان طوال حياته شخصية عسكرية موالية للنظام دوما.. واستمر في حكمه قويا حتي بداية الألفية الثانية حينما بدأ حكمه وأركانه في التآكل والانهيار.. وحتي امتلأت الشوارع بالثورة والثوار التي تطالب برحيله وسط الحشود والكمامات وقنابل الغاز وطلقات الرصاص.. ورغم ذلك كان مبارك يري أنه جاء في ظروف بالغة السوء وكان يقول لمن حوله: لم تكن هناك بنية أساسية ولا كهرباء وكنا نعاني من الديون.. لقد كنا في جحيم حقيقي.. وكانت كل علاقاتنا مع العرب مقطوعة تماما. ويستعرض الكاتب قصة مبارك المولود في 4 مايو 8291 من أسرة فقيرة بكفر المصيلحة بالمنوفية .. والذي التحق بالجيش بعد أن حصل علي درجة في العلوم العسكرية.. وبلغ صعوده الحقيقي أيام عبدالناصر قبل أن يتولي قيادة القوات الجوية أيام السادات الذي عينه نائبا له.. ثم رئيسا بعد اغتياله في عام 1891.. ولم ينس الكاتب أن يذكر هنا قصة لقاء د.بدراوي الشهير بمبارك قبل تنحيه بيومين فقد ذهب الرجل لقصر العروبة وطلب لقاء مبارك علي انفراد وسط غضب واستنكار كل من د.زكريا عزمي وجمال مبارك ورغم ذلك طلب مبارك منهما أن يخرجا من الحجرة قال له بدراوي: أريد منك سيادة الرئيس أن تأخذ ماسأقوله لك الآن علي أنه نصيحة لك من رجل صادق بعيدا عن دائرة المحيطين بك، ورد مبارك: قل ماتشاء: ودار الحوار الشهير حول مصير مبارك.. وأنه لابد أن يستجيب للضغوط ويرحل وأن تصدر تعديلات دستورية تمهد لانتخابات مبكرة للرئاسة وديمقراطية حقيقية وإلا سيكون مصيره الموت مثل الرئيس الروماني الأسبق تشاوسيسكو وزوجته.. ورد مبارك: إنه مستعد للموت من أجل بلاده، وكان بدراوي قد استمر في مشاورات مع المعارضة والثوار علي مدي 5 أيام كاملة للوصول لتسوية ما مع مبارك.. وإعطاء نائبه السلطة الكاملة للقيام بالتعديلات والإصلاحات المطلوبة.. وأكد الرجل أنه إذا فعل مبارك ذلك فإنه كان سيعيش من أجل بلاده.. لا أن يموت من أجلها؟! وكان رد مبارك: إنه إذا رحل.. ستكون مصر مابين خيارين: إما حكم الجيش أو الإخوان.. ولن تكون هناك فرصة حقيقية للشعب؟! وساعتها فقط.. كما يقول برادلي هوب.. أدرك الجميع وليس » بدراوي« وحده.. أن نهاية أيام مبارك.. أصبحت وشيكة.. وأن الثورة قد نجحت..