جاء إعلان وزارة الصحة والسكان، بأن نحو 52٪ من المصريين إما مصابون بالسكر ويعالجون منه، أو معرضون للإصابة به، بمثابة الصدمة يعني ذلك أن من بين كل أربعة مصريين هناك مريض بالسكر أو مؤهل للإصابة به. فكلنا يعرف أن هذا المرض قد أصبح مرض العصر، الذي بدأ يهدد بشكل كبير المجتمع المصري. أشار الدكتور فؤاد النواوي، وزير الصحة والسكان، في تصريحات أدلي بها قبل أسابيع إلي إجراء دراسة تحت إشراف اللجنة العلمية للمشروع القومي للكشف المبكر عن مرض السكر، لتحديد نسبة حالات ما قبل السكر من مجموع المترددين علي العيادات التابعة للمشروع والتي بلغت 11٪ موضحا أن نسبة حالات ما قبل السكر إلي حالات السكر في الفئة العمرية 52 - 04 عاماً هي 3 :2 بينما كانت 2: 3 في الفئة العمرية أكثر من 04 عاماً، منوها إلي أن هذه النتيجة توضح أهمية التدخل المبكر في حالات ما قبل السكر، قبل تحولها إلي مرض فعلي. نسبة الإصابة بمرض السكر في مصر رغم ارتفاعها تبدو طبيعية في الوسط العربي، فنسبة الإصابة بالسكري في العالم العربي تعد من أكثر النسب ارتفاعا علي مستوي العالم، فمن بين الدول العشر الأولي من حيث الإصابة بمرض السكري كانت منها ست عربية، وفقا للطبعة الثالثة من أطلس مرض السكري الذي تعده المنظمة الدولية لمرض السكري، فقد احتلت دولة الإمارات العربية المتحدة المرتبة الثانية علي مستوي العالم، بنسبة 42٪ من عدد السكان، فيما كانت السعودية هي صاحبة المركز الثالث عالميا بنسبة 61٪ وتلتها كل دول الخليج فيما عدا قطر، التي لا توجد تقارير رسمية عن وضع السكر فيها إلا أن التقارير غير الرسمية تؤكد أنها أولي الدول العربية إصابة بمرض السكر، وجاءت مصر كأول دولة عربية من خارج مجموعة الخليج إصابة بمرض السكر، في وقت تصل نسبة الإصابة بمرض السكر في أمريكا إلي 6٪ وفي أوروبا 8٪ ومن المتوقع أن تصل نسبة الإصابة بمرض السكر 03٪ علي مستوي العالم العربي سنة0302م. يري د. محمد منيسي استشاري الجهاز الهضمي بطب قصر العيني، أن هناك ثلاثة أسباب رئيسية للإصابة بمرض السكر وهي الوراثة وقلة النشاط البدني وزيادة الأكل وبالتالي زيادة الوزن، وتزيد هذه الأسباب في منطقة الخليج نتيجة نمط الحياة السهل والتأثر بعادات الأكل الغربية مثل الوجبات السريعة، ومن هنا كان السبب في انتشار النوع الثاني من مرض السكر، وهو المكتسب وليس الوراثي، في المجتمعات العربية ومن ضمنها مصر نتيجة العادات الغذائية، وغياب التوعية السليمة. ويحدد د.محمد سليمان عيطة أستاذ أمراض الباطنة والغدد الصماء، الحالات التي يحظر الصيام فيها لمرضي السكر وهي حالات الهبوط المتكرر في معدل السكر وكذلك مريض السكري الذي يعاني من متاعب في الكلي والكبد، أما مريض السكري الذي يتناول الأنسولين بصفة مستمرة في توقيتات معينة فلا ينصح له بالصيام، أما إذا كان مريض السكري يعتمد في علاجه علي تنظيم الأكل فقط فالصيام قد يفيده خصوصا المصابين بالبدانة لأن الصيام قد يساعدهم في التخلص منها. وينصح د. عيطة مريض السكر الصائم بأن يستشير طبيبه الخاص ليحدد له إذا كان يسمح له بالصيام من عدمه، وإذا صام فعليه فحص نسبة السكر بالدم خاصة خلال الأيام الأولي من الصيام، وتأخير وجبة السحور إلي ما قبل الفجر، والإكثار من تناول السوائل بما يتناسب مع احتياجات الجسم، واذا ما شعر المريض في أي وقت أثناء الصيام بهبوط في معدل السكر فعليه ألا يكابر لأنه بذلك يضر نفسه أكثر مما ينفعها وقد يصاب بمضاعفات خطيرة. وعن التغذية يري د.عيطة ضرورة أن يبتعد مريض السكر الصائم عن الاطعمة التي تحتوي علي نسبة سكريات عالية كالبلح والمانجو والعنب والتين والمكسرات، أما حلويات رمضان فهي ضمن قائمة الممنوعات بالطبع، والبعد عن الأكلات التي تحتوي علي سعرات حرارية عالية كالمكرونة. ويمكن لمريض السكري تناول الخضراوات كالخس والكرنب والخيار، والفاكهة - باستثناء الممنوعات السابقة- كالتفاح والجوافة والكمثري وهي مواد تحتوي علي الألياف الطبيعية تعمل علي خفض نسبة السكر بعد الأكل كما تساعد علي خفض نسبة الكوليسترول في الدم وتنظم عمل الجهاز الهضمي. يضع د. هشام أمين، خبير التغذية بالمركز القومي للبحوث، روشتة نصائح علي الصائم اتباعها لتجنب المشاكل الصحية الناجمة عن العادات السيئة للصائمين مرضي السكر خلال رمضان قائلا: بالنسبة للمرضي المصابين بمرض السكري غير المعتمد علي الأنسولين، فإن الانفعال والضغط النفسي لدي هذه الفئة من المرضي لهما آثار سلبية علي صحتهم، حيث يعمل الانفعال والغضب علي زيادة محتوي السكر في الدم نتيجة لإفراز هرمون الانفعال (الكاتيكولامين)، وبالتالي فإن أي عامل مهدئ للأعصاب كالاسترخاء أو غيره سيعمل علي التخفيف من حدة الزيادة في سكر الدم، لهذا فإن المرضي المصابين بالسكري غير المعتمد علي الأنسولين ينصحون بالصيام كوسيلة لتخفيف محتوي السكر في الدم، بينما يمنع المرضي المصابين بالسكري المعتمد علي الأنسولين من الصيام بسبب التغييرات الطفيفة التي تطرأ علي محتوي الدم من هرمون الأنسولين المسئول عن تنظيم السكر في الدم. ويفضل أمين أن تكون وجبات الطعام لمريض السكر متوازنة تحتوي علي جميع العناصر الغذائية، وعلي كل فرد سواء كان مريضا أو سليما أن يجعل نظامه الغذائي علي شكل الهرم الذي تشكل الخضراوات والفواكه قاعدته أي الجزء الأكبر من كمية الغذاء اليومي، تليها النشويات، ثم الألبان واللحوم، بينما تشكل الدهون والزيوت والحلوي قمة الهرم أو الجزء الأصغر من حصة الطعام اليومية. ويتابع: إذا طبقنا قاعدة الهرم الغذائي علي وجبة الإفطار نجد أن البداية تكون مع تمرات قليلة أو عصير طبيعي، ثم حساء دافئ، والوجبة الرئيسية خضار مسلوق وبروتين سواء كان قطعة لحم أو ربع دجاجة، ويفضل أن تقدم اللحوم مشوية أو مسلوقة. أما وجبة السحور فلابد أن تحتوي علي الزبادي مع الجبن الأبيض والفول والبيض المسلوق مع الخضراوات، ويفضل تناول الخبز الأسمر لاحتوائه علي الألياف الطبيعية التي ذكرنا فوائدها من قبل. الماء أساسي في شهر رمضان فقد يتحمل الإنسان الامتناع عن الطعام ولكن لايستطيع البعد عن الماء خاصة في أيام الصيف العادية فمابالنا بالصيام. ولذلك ننصح بتعويض النقص في مستوي الماء بالجسم في ساعات الإفطار حتي السحور، كما ينصح بتناول العصائر الطبيعية بدون سكر والسوائل الدافئة كالينسون، والابتعاد عن ملء المعدة بالماء خلال الإفطار، لأن هذا يعد من أهم أسباب الإصابة بعسر الهضم التي يعاني منها الكثيرون. كما ننصح بالابتعاد عن التعرض للشمس مباشرة في نهار شهر رمضان لأن هذا يعني فقدانا لسوائل الجسم بصورة أسرع. د.محمد حسين النجار، أستاذ أمراض الباطنة والسكري بطب قصر العيني، يضع برنامجا متكاملا لمرضي السكر لتجنب مضاعفات المرض، قائلا: لابد من تقسيم عملية تناول الطعام من أربع إلي ست وجبات بداية من الإفطار الذي نتناول الحساء وطبق السلاطة ثم بعدها بساعتين الطبق الرئيسي المتوازن ثم بعدها بساعتين تناول طبق خضراوات وفاكهة ثم بعدها بساعتين تناول قطعة حلوي مع عصير طازج غير محلي، ثم السحور المكون أساسا من الزبادي والفول والقليل من الخبز. ويشدد النجار علي ضرورة أن يتبع مريض السكري قاعدة الهرم السكري التي تعتمد علي الإكثار من الخضراوات كقاعدة للهرم والإقلال من النشويات كقمة الهرم، والبعد عن الأطعمة التي يدخل السكر في تكوينها، والبعد نهائيا عن الدهون، وليعلم كل مريض بداء السكري أن العلاج يكمن في الرياضة وتنظيم الطعام وتناول العلاج، وأن تناول العلاج مع عدم الحركة والإفراط في تناول الطعام يضر بالمريض. ففي شهر رمضان تكون الوجبتان الرئيسيتان الإفطار والسحور، ومن الخطأ التركيز عليهما، لذلك يجب وضع نظام غذائي قائم علي تناول ما هو صحي ومفيد وتقسيم الأكل علي فترات. كذا يجب مراعاة التخطيط لوجبات مريض السكري بحيث يتم توزيع نسب البروتينات والدهون والكربوهيدرات علي الوجبات اليومية له بحيث يحتوي علي وجبة متكاملة العناصر، مع مراعاة عدم تناول وجبة مكونة من الكربوهيدرات أو البروتينات فقط. ويفضل أن نبدأ الإفطار بالحساء سواء الحساء العادي أو حساء العدس، بعدها نبدأ في تناول الوجبة الرئيسية المكونة من طبق سلاطة أو خضار مسلوق مع قطعة لحم صغيرة لاتزيد عن 001 جرام أو ربع دجاجة أو قطعتي سمك، مع طبق صغير (خمس ملاعق فقط) من الأرز أو المكرونة مع عدم تناول أي من أنواع الخبز. كما ينصح بتناول النشويات الغنية بالألياف كاللوبيا والحمص والفول السوداني والترمس والعدس، ويفضل تناول الخضراوات في كل الوجبات الفرعية في حال شعر مريض السكري بالجوع، وإذا رغب في تناول قطعة واحدة وصغيرة من الحلوي فلا مانع. أما بالنسبة لوجبة السحور فيجب أن تكون خفيفة مكونة من كوب زبادي منزوع الدسم وطبق فول صغير، مع الحرص علي تناول الخضراوات الورقية لاحتوائها علي نسبة كبيرة من المياه التي تساعد علي تحمل حر الصيام. ويحذر النجار من الإفراط في تناول الحلويات، ويضعها علي رأس قائمة الممنوعات في شهر رمضان، لأنها مكونة من الدقيق والسكر والمسلي وكلها مضرة بصحة مريض السكري، لكن يمكن أن يتناول قطعة واحدة ليس بصفة يومية، الأفضل كل يومين يتناول قطعة واحدة من الحلوي. ويضيف النجار للأسف حولنا شهر الصوم والتعبد إلي مهرجان وحفلة طعام ممتدة علي مدار الشهر، وتضم قائمة الطعام الخاصة بشهر رمضان الكثير من الأكلات المضرة بحالة مريض السكري يأتي علي رأسها كل الأطعمة المصنوعة من السكر كالحلويات (الكنافة والبسبوسة والقطائف) والمربي بأنواعها، والطحينة، كذلك المقليات وجميع اللحوم المصنعة كالسجق واللانشون، والجبن المطبوخة والبيض والزيتون، والدهون وطبعا البلح والعنب والتين والمانجو. وبالنسبة للمكسرات أثبتت الأبحاث العلمية أن تناولها بصورة منتظمة يعمل علي تقليل نسبة السكر في الدم ويمنع الإصابة بمرض السكري، في حين أن المكسرات لمريض السكري خصوصا الجوز الذي يساعد علي تحسين حساسية الجسم لهرمون الأنسولين عند المرضي. ويطالب النجار بالعودة إلي المشروبات القديمة التي هجرناها كالنعناع والينسون والكركدية (لكن يستخدم بحذر لتأثيره علي ضغط الدم) والخروب والتمر هندي، وعلي رأس القائمة الحلبة التي تزيد من احتراق السكر في الدم وتعمل علي خفض نسبته، لذلك تعد المشروب المثالي في رمضان حيث تلعب دورا أشبه بالدواء لمرضي السكر.