اسمعوا هذه النكتة الحقيقية: في فيلم »الرجل الثاني« تقول إحدي بطلاته (سامية جمال) للخواجة الذي يريد تغيير دولاراته للجنيه المصري إنه يساوي 2 دولار ونصف !! كان ذلك في بدايات عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، واستمر الدولار خافتا أمام الجنيه المصري حتي نصر أكتوبر 3791 (رغم هزيمة 7691 السابقة عليه!).. وكذلك كان الجنيه الاسترليني قبل أن يتكفل الانفتاح الاقتصادي العشوائي ثم نظام مبارك الآسن بقتل وسحل وتجريس الجنيه المصري المهان! كانت قوة العملة المصرية في بداية سبعينيات القرن الماضي أحد الأسباب والعوامل المشجعة علي السفر والهجرة، حيث كان الجنيه المصري حيا عفيا مع العملات السوية في قوائم مكاتب الصرافة العالمية والبنوك، قبل أن يختفي إلي الأبد بفضل الآثم مبارك وعياله وعصابته! فتحت أوروبا ذراعيها وحدودها وقلبها للشباب المصري في سبعينيات القرن العشرين وبالتحديد بعد نصر أكتوبر 3791، ومنحت إنجلترا عقود عمل صيفية لهم، كما مكنتهم شركات الطيران من تحقيق الحلم بتخفيضات هائلة علي تذاكر السفر (28 جنيها سعر التذكرة الشبابية ذهابا وإيابا إلي لندن!) وهكذا بدأت تحت زعم تآلف الحضارات خطة جهنمية للإبهار، وزعزعة روح الانتماء للوطن الأم مصر! ومن الغبار المزعج، إلي البريق المذهل! وجد الشباب المصري نفسه في الجنة المشتهاة! ناهيك عن الحرية المطلقة والماء والخضرة والوجه الحسن، والطبيعة الخلابة، ومذاق الحياة الشهي!. كانت مصر وقتها تسير نحو اتفاقية السلام مع إسرائيل بقيادة السادات وبعض شبابها اليساري يعترض ويتظاهر، وبعضه الآخر أسير فخ الجاذبية الأوروبية، يتحايل علي قوانين الإقامة بصفقات الزواج من سيدات مسنات وحيدات، يبحثن عن الصحبة في مقابل منح الشاب جنسية البلد الأوروبي المضيف.. لم تكن الصفقات بريئة علي الجانبين، فقد غضت أوروبا الطرف عنها علي أمل إدخال الشباب المصري في حظيرة السلام الآثم مع إسرائيل في هذا التوقيت المرتبك، ولم يخل الأمر من انتهازية إنسانية دعت الشاب المصري الشريك في تلك الصفقة إلي استبدال الوطن الأم بوطن بديل جذاب.. فحتي الزواج من إنجليزية لا يحبها، لايعني تخليه عن حريته في مجتمع متسيب، كل شيء فيه مباح!! وقد توافد علي لندن كذلك جماعات شتي من المسلمين المتشددين بالذات، حيث لم تمانع في وجودهم قوانين حماية حقوق الإنسان وهو ما أدي لاحقا إلي اجتراء هذه الجماعات، باسم حرية العقيدة، علي حرية المجتمع كله، وإحلال أوطانهم الأصلية بهذا الوطن الجديد، واعتباره منطلقا شرعيا للجهاد المسلح!!! كانت إنجلترا تستقبل هؤلاء المتطرفين باعتبارهم قنابل موقوتة ضد حكومات بلادهم، تطلقها عليهم لعقابها وقتما تشاء!! لكن الوحوش كسرت القيود والتهمت الأيادي التي امتدت لإطعامها!! تماما كما حدث مع الرئيس السادات حين تبني الجماعات الدينية لقهر الناصريين واليساريين، فقاموا بقتله!! هذه الأوطان البديلة تدفع ثمن غواية الجماعات المتطرفة والشباب الحالم ولذلك تعيد إنجلترا النظر في قوانين الإقامة والهجرة بعدما تعرضت عدة مرات للعدوان الداخلي من الإرهابيين.. لكنها ترحب بالطبع، بلجوء اللصوص الهاربين بأموال الشعوب المنهوبة إليها مثلما حدث مع يوسف بطرس غالي الذي يعيش برفاهية وفخفخة (بفلوسنا) في لندن التي تدلل الفاسدين!! كما أنها ترحب بأثرياء العرب والعالم الذين يتخمون استثماراتها بأموالهم التي لاتحصي إلي يوم الدين!! هؤلاء تهديهم جنسيتها التي تمنحهم حرية الحركة حول العالم ليهربوا صيفا من قسوة الحرارة الصحراوية لأوطانهم الأصلية، ويتمتعوا بالعيش في نعيم الوطن البديل الذي يدللهم مقابل سخائهم، ويدللونه مقابل متعتهم بحرية في أرض مناخها صالح للعيش الآدمي، كما أنها لا تعرف القيود أو التفتيش في ضمائر البشر باسم الوصاية الدينية، التي اشتدت وتفاقمت في دول الربيع العربي بعد عودة الكثيرين من المتشددين لتقويم بني أوطانهم، والانضمام إلي أشباههم في الداخل لتعميم الكبت والاكتئاب، وتقسيم الوطن إلي كفار يستحقون القتل، وأتقياء، من وجهة نظرهم. هؤلاء المشوهون تركوا الوطن يوما، واشتروا أوطانا بديلة لم تعد ترغب في وجودهم، فهل تحتاج بلاد الربيع العربي إلي قنابل ناسفة للشعوب الثائرة، التي ماتزال تحاول إزالة آثار الفسدة المخلوعين؟!،، الآن مثلا تلوح إنجلترا للأردن، التي تشهد بين الحين والآخر تظاهرات مناهضة للنظام بعفريت متشدد اسمه أبوقتادة، يحاكم بتهمة الإرهاب في المحاكم البريطانية، وغالبا سيتم ترحيله إلي بلده الأم، ليسجنوه أو ليدير مخططاته من المعتقل الأردني لضرب لندن التي خذلته، ولإشاعة الرعب في الدنيا كلها!!! مثله في ذلك مثل بلدياتنا أبوحمزة المصري الذي آوته إنجلترا أيضا، وهي علي موعد مؤكد مع الدمار الشامل بأيديهم وأيدي أتباعهم، فسوف يشرب الغرب من سم التطرف الذي أعده لترويع الشرق مرارا وتكرارا.. ولنا في أحداث 11 سبتمبر 1002 بنيويورك دلالة دموية تؤكد عدالة السماء في أمريكا: راعية أسامة بن لادن لضرب الشيوعية الروسية في أفغانستان ثمانينيات القرن الماضي.. وقاتلته مؤخرا لأنه نقض عهد الشر معها وأطلق إرهابه عليها!!