يذكر كتاب (السعادة كشف أسرار الثروة النفسية) لمؤلفيه أد داينر وروبرت داينر عن المكونات الأساسية لفهم الثروة النفسية بصفة عامة والسعادة بصفة خاصة وغالبا ما يساء فهمها الأول هو أن السعادة أكثر من مجرد تحقيق ظروف الحياة المرغوبة مثل النجاح في العمل والأسرة السعيدة إلا أن السعادة تحمل ماهو أبعد من مستوي البصر في السعي للحياة الجيدة قد تجد حولك من يركزون علي السعادة المحتملة مثل إجازة صيف أو تغيير المطبخ ولكنهم ينسون التوقف وشم رائحة الزهور ويثبت هذا أن الأهداف التي تولد السعادة أمر هام فإدراك السعادة في حد ذاتها عملية هي الأكثر أهمية، أما المبدأ الثاني والحاسم لفهم الثروة النفسية فيتمثل في النظر إلي السعادة من أجل وظائفها وليس بسبب مباهجها وجمالها ولاشك أن السعادة وفقا لتعريف معظم الناس هي شعور طيب ولكنها بالقطع ليست هي السعادة فهي تساعد الناس علي العمل بكفاءة في مجالات متعددة فالسعادة تأتي من الفعل وليس الاستحواذ فإذا استمتعنا بالأنشطة المطلوبة للعمل نحو أهدافنا فسوف تتوافر ساعات وسنوات عديدة من المتعة بينما الوصول إلي القمم يوفر فقط بهجة عابرة قصيرة الأجل وهناك معني آخر للحكمة التي تقول أن السعادة عملية وليست مكانا ويعني تغيير الأمور إلي الأسوأ فالأمر يحتاج للتحرك نحو أهداف جديدة لكي نستمر في الاستمتاع بالحياة علي الوجه الأكمل.. ولقد أضاف علم النفس الحديث بعدا جديدا جذابا ومضادا لبديهة النقاش القديم حول موضوع السعادة السعادة مفيدة فبدلا من النظر إلي السعادة علي أنها حالة عقلية مبهجة أو تبعث السلام تقول لنا الأبحاث إن السعادة نافعة وفعالة إنها مورد يستغل وليس مجرد شائعة وقد يعتقد البعض أن السعادة فعالة تماما مثل الحقن بالهيروين وأن مشاعر البهجة نافعة تماما مثلما يتمني المرء أمنية قبل إطفاء الشموع وقال الكاتب المسرحي برنارد شو (لايوجد إنسان علي قيد الحياة يستطيع تحملها إنها ستكون الجحيم علي الأرض) وبالمثل قام (البرت شوايتزر) المبعوث الطبي الكبير والحائز علي جائزة نوبل بالتقليل من أهمية السعادة وقال ساخرا السعادة لاتزيد علي الصحة الجيدة والذاكرة السيئة ومن أكبر النقاد عبر الزمان الكاتب الفرنسي (جوستاف) فلوبير الذي اشتهر بمعارضة البحث عن السعادة بانتقاده عادة مجتمع الطبقة المتوسطة باعتقاده أن الغباء والأنانية والتمتع بالصحة الجيدة هي المقومات الثلاثة للسعادة ووفقا لرؤيته تكون السعادة في أفضل حالاتها تعتبر شعورا سارا وفي أسوأ حالاتها هي عمل ذهبي خطير يدفع بمجتمعات بأكملها نحو الرضا عن النفس والانغماس المدمر في الملذات وضعف العقل ويري الكاتب أن فلوبير أخطأ بوصفه السعادة غباء وأنانية بعد تبين أن السعادة ليست فقط الشعور الطيب وإنما هي أيضا مفيدة لك وللمجتمع.